كل نشاط زراعى أو صناعى، لا بد أن يقوم على المياه والطاقة، وخلال سنوات وضعت الدولة خططا لتوفير الطاقة من طرق مختلفة، وتخطيط استخدامات المياه بالشكل الذى يكفى للتوسع الزراعى والصناعى، والطموح مليون ونصف مليون فدان فى الدلتا الجديدة ومليون فدان فى سيناء، ضمن عملية تنمية واضحة المعالم، توفر الاكتفاء الذاتى ويفيض للتصدير.
خطة طموحة ما كان لها أن تنجح من دون تخطيط، عندما نكتشف أننا أضفنا ما يقرب من مليونى فدان إلى الرقعة الزراعية، أغلبها تروى بطرق الرى الحديثة، وبالشكل الذى يرشد المياه، ويضاعف الإنتاج.
وتعاملت الدولة مع قضية العجز المائى، بخطط متوسطة وبعيدة المدى، خاصة أن نصيب مصر من مياه النيل ثابت عند 55 مليار متر مكعب، بينما تضاعف السكان أربع مرات، من هنا يمكن النظر إلى التوسع فى محطات تنقية مياه الصرف الزراعى، وإعادة استخدامها بعد تنقيتها ثلاثيا، محطة بحر البقر توفر 5.6 مليون متر مكعب يوميا، تسهم فى زراعة 400 ألف فدان فى سيناء.
تخضع مياه الصرف إلى مراحل، المعالجة الابتدائية، ثم المعالجة البيولوجية، ثم التعقيم، ومعالجة الحمأة أو المواد الصلبة المتبقية بعد التنقية الثلاثية، والمعالجة البيولوجية هى أهم مراحل المعالجة وتتم خلالها أكسدة المواد العضوية وتحويلها إلى مركبات مستقرة يمكن فصلها عن المياه ومعالجتها على انفراد، وبالتالى الحصول على مياه خالية عمليا من التلوث العضوى، وتقوم مرحلة التنقية البيولوجية على الأوكسجين والبكتيريا، من خلال عمليات ترشيح وفصل وترسيب، وأحواض مختلفة، تنتهى بمعالجة نهائية تنقى المياه وتجعلها صالحة للزراعة، والمواد الصلبة يتم استعمالها لإنتاج أسمدة أو منتجات أخرى.
وبجانب محطات عملاقة، مثل بحر البقر والمحسمة، يجرى تنفيذ 151 محطة ثنائية وثلاثية لمعالجة الصرف الصحى، بالمحافظات والمدن الجديدة، بطاقة إجمالية 5.051 مليون م3/ يوم، بتكلفة 31.59 مليار جنيه، وذلك بخلاف 59 محطة معالجة «37 محطة معالجة ثنائية - 22 محطة معالجة ثلاثية» تم الانتهاء من تنفيذها بمحافظات الصعيد، وتخدم 8.3 مليون نسمة.
كل هذا يضاعف من القدرة على استخدام المياه أربع مرات فى الزراعة وإعادة تدويرها، بما يساهم فى توفير مياه للزراعة والصناعة، فى سيناء وأيضًا فى القطاع الغربى، ومن عامين رأينا صوبات زراعية تنتج عشرات الملايين من الأطنان، من منتجات زراعية نتاج صوبات حديثة، توفر الماء وتنتج سلعا خالية من الكيماويات للاستهلاك المحلى والتصدير، لعبت دورا فى توفير المنتجات أثناء أزمة كورونا التى ضربت العالم.
فى إبريل الماضى، تفقد الرئيس السيسى «مستقبل مصر» للإنتاج الزراعى بالصحراء الغربية، بمناسبة موسم الحصاد، فى المشروع الذى تتم زراعته وفق أحدث الوسائل الزراعية التكنولوجية الحديثة، فى مشروع عملاق يتضمن زراعة 500 ألف فدان، تم الانتهاء من 200 ألف فدان فى المرحلة الأولى، وجار استصلاح 300 ألف فدان، والموارد المائية تأتى من محطات معالجة مياه الصرف الزراعى، وتم الانتهاء من تنفيذ البنية الأساسية وتشمل تمهيد 500 كيلومتر من الطرق، وحفر آبار المياه الجوفية، وإنشاء محطتين للكهرباء بقدرة 350 ميجاوات وشبكة كهرباء داخلية بطول 200 كم، ومخازن مستلزمات الإنتاج ومبان إدارية وسكنية.
الرئيس السيسى، من خلال الدلتا الجديدة، يأخذ التنمية إلى مرحلة أخرى من خلال إنشاء مجتمعات زراعية وعمرانية جديدة تتسم بنظم إدارية سليمة، فضلا عن إقامة مجمعات صناعية تقوم على الإنتاج الزراعى بمراحله، من زراعة المحاصيل وحصادها بأحدث الآليات ثم الفرز والتعبئة والتصنيع، ويوفر مشروع «مستقبل مصر» مئات الآلاف من فرص العمل الجديدة، ومنتجات زراعية ذات جودة عالية بأسعار مناسبة وفائض للتصدير.
كل هذه المشروعات لم تكن موجودة، قبل 8 سنوات، وأصبحت واقعا، تتوازى الخطط فيه من سيناء شرقا إلى العلمين غربا، ضمن خطط زراعية طموحة، تلبى مطالب ظلت معلقة لعقود، وبدت نوعا من الخيال قبل أن تصبح واقعا، خاصة مع استمرار مشروع «حياة كريمة» الذى يعيد صياغة الحياة فى الريف وتحديثها بما يمثل إضافة للجغرافيا، والإنتاج فى وقت واحد.