المتابع لمنصات التواصل الاجتماعي يكتشف وجود عدد كبير من الجرائم التي ترتكب بعنف شديد وقسوة ولذة في الانتقام، فضلًا عن تنوع الجرائم وتطورها، واستفادة المجرمين من التقنيات الحديثة والمتطورة لصالح عملهم الإجرامي، وظهور الجرائم المستحدثة، لا سيما الجرائم الالكترونية.
ورغم الجهود الأمنية الكبيرة في التصدي لهذه الجرائم ووأدها، وتحقيق أعلى معدلات الضبط، إلا أن البعض يرى أن الجرائم زادت مؤخرًا، وربما يكون المجتمع قد أصابه بعد التشوهات.
وفي حقيقة الأمر، ومن خلال متابعتي لملف "الحوادث"، ورحلاتي المكوكية في المحافظات لرصد الجرائم وتوثيقها والوقوف على أسبابها، فضلًا عن محاورة عشرات المتهمين قبل نحو 10 سنوات من الآن، أستطيع القول بأن الحوادث موجودة من قديم الأزل، منذ الوهلة الأولى لوجود "بني آدم" على ظهر الأرض، عندما قتل قابيل شقيقه هابيل.
والجرائم باختلاف أنواعها كانت موجودة قبل عدة سنوات من الآن، ويمكن أن تكون أشد قسوة، لكن وقتها الأمر كان مقتصرًا على "الإعلام" لرصدها، إلا أنه مع ظهور "السوشيال ميديا"، تحول كل شخص في يده "موبيل" متصل بالانترنت، إلى "محقق للجرائم"، متقمصًا شخصية "صحفي الحوادث" موثقًا ما يسمعه أو يشاهده على صفحته أو داخل الجروبات، لتنتشر "البوستات" بسرعة البرق، ويتوهم البعض أن الجرائم قد زادت عن ذي قبل.
السوشيال ميديا أظهرت الجرائم بشكل مخيف، ولم تتورع في كتابة التفاصيل الدقيقة، حتى تلك التفاصيل التي تغاضت عنها "الصحافة" لاعتبارات أخلاقية ومهنية، فتسرب القلق لقلوب وعقول الناس.
للآسف، أظهرت "السوشيال" أسوء ما في المجتمع، وضخمت الأمور، بتفاصيل واهية من خيال أصحاب "البوستات" الباحثين عن تحقيق أعلى المشاهدات، أملًا في تحقيق عوائد مادية كبيرة، فظهر الأمر وكأننا في ساحة اقتتال، في حين أن هذه الجرائم موجودة في العالم بأكمله، تضرب عواصم أوروبا، وتقع في كل حدبا وصوب، وعددها في مصر مقارنة بعدد السكان لا يمثل أية أرقام صحيحة، وإنما نسب ضئيلة للغاية، في حين تغاضت السوشيال عن "الحوادث الإنسانية" مثل إصابة مواطن لإنقاذ آخر تعرض لحادث سير، أو غرق مواطن حاول انقاذ اخر، تلك الحوادث التي تحمل شعار :"من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا".