هل فكرت يوماً في جرد مكتبتك؟
السؤال هنا ليس معناه جرداً وظيفياً أو إحصاء لعدد الكتب أو تخصصاتها، بقدر ماهو " جرد فكري" للأفكار التي تحويها هذه الكتب ومدى توافقها مع مشروعك الثقافي أو الفكري.
الموضوع ليس صعباً، والخلاف الفكري وارد، ولكن القضية ليست في الاختلاف في وجهات النظر كظاهرة صحية، ولكن في " الأفكار المسمومة" والتحريضية، التي توضع في ظرف زمان لخدمة أهداف سياسية مشبوهة، أو جماعات ظلامية تتخذ من الدين ستاراً لتحقيق مشروعها الكبير، في السيطرة على العقول بالادعاءات والأكاذيب وقلب الحقائق.
سبب هذا الحديث وهذه الدعوة، هو الجدل الدائر منذ فترة حول الكتب التي صدرت على مدى تسعة عقود لخدمة الأهداف المشبوهة لجماعة الإخوان الإرهابية، والتي صدرت في ظروف غامضة خدمتها أنظمة، كانت تتخذ من الجماعة الأثمة أداة لخوض معارك سياسية لضرب الفكرة الوطنية، بينما الجماعة التي تأسست على الفكر الضال، وبيع نفسها لكل أجهزة المخابرات العالمية، كانت ترحب بهذا الفعل المشين، بهدف تحقيق انتصار سياسي زائف ولو على جثة الأمة المصرية ومستقبلها وعقول أبنائها.
في كل زمان وعهد، كان لجماعة الإخوان موقف سياسي يتفق مع تطلعاتها وإنقلاباتها الفكرية، فمن الممكن أن تجد منشوراتها تمدح عهد ما ثم تنقلب عليه، بعد سنوات قليلة! ..ولا مانع – أيضاً – أن تجد صديق الأمس هو عدو اليوم .. المهم هو الوصول للهدف بأي طريقة.. وأي ثمن!
ومكتبة الاخوان الصادرة بأقلام قادتهم، عامرة بالاتهامات بالباطل والأكاذيب غير المسبوقة، وخاصة خلال فترة ما بعد العداء الكبير، الناتج عن قضية " تنظيم 1954"، ومحاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر في حادث المنشية الشهير على يد الإخواني محمود عبد اللطيف.
إلا أن كتابات قادة الاخوان وكوادرهم أخذت منحى أكثر عداونية وتحريض بعد قضية " تنظيم 1965" التي كانت متهماً فيها سيد قطب واخرين بمحاولة قلب نظام الحكم.
ذلك الرجل ساهم في خلق جيل جديد من " الكتاب الكارهون" لكل ما يمت للدولة المصرية بصلة، ووصل الأمر إلى حد التكفير، وصدرت كتب الاخوان، التي تتحدث عن وقائع التعذيب الوحشية، التي تعرضت لها كوادر الجماعة، داخل السجون والمعتقلات!
هذه الكتب، التى تصور هذه الادعاءات من الألوان البشعة للتعذيب، لا تزال من أدبيات الاخوان والجماعات التي خرجت عنها حتى اليوم، وأول ما تحرض عليه هي المؤسسة العسكرية المصرية وتوغر صدور الشباب ضد ما تصفه بنظم "الحكم العسكري" والديكتاتورية التي تنتج عن هذا النظام.
غالبية هذه الكتب ، لازالت موجودة بل إنها وجدت طرقاً عديدة للوصول إلى الناس، ليس عن طريق معارض الكتب فحسب، ولكن عن طريق بعض أكشاك " سور الأزبكية" ، وباعة الكتب الذين يفترشون الساحات أمام المساجد، أو الجامعات، وقبل كل ذلك شبكة الانترنت.
من بين الكتب التي لازالت موجودة بنفس الحضور، هناك بعض العناوين منها: فى الزنزانة - على جريشة ، المذبحة فى الذكرى العشرين للمذبحة - مصطفى المصيلحى، مجزرة القرن العشرين - يوميات محمد يوسف هواش، من المذبحة إلى ساحة الدعوة - عباس السيسى، عشت هول المذبحة - روكس معكرون، خواط مسجون - سعيد سرور كامل ، مذبحة الإخوان فى ليمان طره - جابر رزق، قال الناس ولم أقل فى حكم عبدالناصر - عمر التلمسانى.
هذه الكتب لازالت حاضرة في مجتمعنا بكل قوة ، وهنا يأتي دور الدولة والمجتمع معاً. لا أقول الدولة وحدها، ولكن دور على الأحزاب والاندية ومنظمات المجتمع المدني.
القضية خطيرة، ولابد لها من وقفة حاسمة قبل أن تضيع عقول شبابنا.. كما ضاعت من قبل .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة