قال وزير العدل الجزائري عبد الرشيد طبي إنه صار من الضرورى تسخير كافة الإمكانات العربية المتاحة لمجابهة التحديات المشتركة، والتى تمثل تهديدا صريحا لأمن الدول العربية.
وأضاف، طبي والذى يترأس الدورة الحالية لاجتماع وزراء العدل العرب، أن الدول العربية تمكنت من تحقيق توافق خلال الدورة السابقة لمجابهة التحديات الاجرامية، وعلى رأسها الاتجار بالبشر والهجرة غير المنظمة، بالإضافة إلى الإرهاب والتطرف والفساد، مما يعكس وعيا لدى الدول الأعضاء بخطورة تلك الجرائم.
واستطرد ان الاجتماعات الدوريّة لمجلس وزراء العدل العرب في مواعيده السّنويّة، جعَلَهُ في طليعةِ مؤسّسات جامعةِ الدّول العربيّة، التي تعملُ بصورة منتظمة في نطاق اختصاصها، بإرادةٍ صلبة و عزيمة راسخة، لتطوير التعاون العربي في المجالين القانوني و القضائي، وفي جهودٍ متواصلة لإرساء قِيمٍ مشتركة، مِنْ شأنها تعزيز التوافق بين الدُول العربيّة، وتقوية القُدرة على بناء مجتمعاتنا بما يتلاءمُ مع تقاليدها الروحيّة والحضاريّة، وبِما يُعِدُّها لمسايرةِ التطوّرات المُتسارعة التي يَشهَدُها العالم.
وأوضح أن التحدّياتٍ التي نُواجهها في ظل المتغيّرات الراهنة، في عالمٍ تتشابكُ فيه المصالح، تقتضي منا تسخير كل إمكانياتنا و تكييف منظوماتنا القانونيّة، بِما يُعزّزُ التواصل بيننا وتثمين قُدُراتنا الجماعيّة، في مواجهة المخاطر المُحدقة بأجيالنا.
وأضاف طبي أن مجلس وزراء العدل العرب، تنبّه مُبكّرا إلى هذه التحديّات والمخاطر، فبادَرَ إلى إعدادِ مجموعةٍ من الاتفاقيات المُتعلقة بمكافحة الإرهاب، والفساد، والجريمة المنظّمة العابرة للحدود، وتقنيّة المعلومات، وتنظيم زراعة الأعضاء البشريّة، ومنع الاستنساخ البشري، بالإضافة إلى عديدِ البروتوكولات المتعلقة لاسيما بمكافحة القرصنة البحريّة والاتجار بالبشر وغيرها...، فضلاً عن إنجازِ العديد من القوانين العربيّة الاسترشاديّة.
وأوضح أن المنظومة القانونيّة المتكاملة، تُعتبر خُطوة ملموسة تدُلُّ على وعي الدول العربيّة بالمخاطر التي يُشكّلُها الإجرام المنظّم بتعقيداته، لاسيما بعد خروجه من الحيّز الوطني إلى نطاق العالميّة، الأمرُ الذي جعل متابعته من دولة واحدة أمرا صعبا بدون انخراط بقيّة الدول، لذلك فإنّه من الأهميةِ بِمكان أنْ تجِد هذه الاتفاقيّات تجسيدا في أرض الواقع، بوضع آليات كفيلة بتطبيق أحكامها، بما يُمكِّنُ المجتمعات العربية من مواجهة الأخطار المُحدقة بأمنها والماسّة باستقرارها.
وأشار إلى مقترح الجزائر باستحداث آليّة عمليّة بعنوان "قاضِ الوصل"، تسمحُ باتّصال القضاة فيما بينهم، الأمرُ الذي من شأنه الإسهام في تعزيز التشاور و التعاون المستمر بينهم مباشرة، لحَلّ مشاكل المواطنين القانونيّة والقضائيّة، وترقيّة التعاون بين الدول العربيّة في الجانب القضائي، وتسهيل التواصل بينها بالسّرعة والفعاليّة المطلوبتين.
واقترح الوزير الجزائري تعزيز منظومة الاتفاقيّات العربيّة باتفاقيّة جديدة تصُبُّ في المسعى نفسه، تتعلق بحماية المعطيات الشّخصيّة، بهدف حفظ الحقوق الشخصيّة للإنسان باعتبارها من الحقوق المقدّسة.
وتناول طبي مسار الجزائر خلال السنتين الأخيرتين، في مسعاه للالتزام بالشرعيّة الدستوريّة وبناء المؤسّسات بصفة ديمقراطية،موضحا انه بدأ بانتخاب الرئيس عبد المجيد تبون في ديسمبر 2019، وإطلاقه العديد من الإصلاحات لبناء جزائر جديدة بمؤسّسات دستوريّة شرعيّة ومتماسكة، تستجيب لتطلّعات الشعب الجزائري، وتَلاَ ذلك تعديل الدستور الذي صادق عليه الشعب في استفتاء الفاتح من نوفمبر 2020، و الذي جاء بعدّة إصلاحات لتعزيز الحقوق وحماية الحريّات، وتكريس مبدأ الفصل بين السّلطات، واستقلاليّة السُلطة القضائيّة، وتعزيز مؤسّسات الرقابة، وتفعيل دور المعارضة السياسيّة، وتشجيع بناء اقتصاد متنوّع يُثمّن قدرات البلد، الطبيعيّة والبشريّة والعلميّة.
وأوضح أن التعديلُ الدستوري أفرد حيّزا هامّا للسلطة القضائيّة، من خلال تعزيز استقلاليتها، بمنح صلاحيات واسعة للمجلس الأعلى للقضاء في تسيير المسار المهنيّ للقضاة، بما يسمحُ للقضاء بالاضطلاع بدوره كحامي للحقوق وضامن للحريّات، خاصةً و أنها كانت من المطالب التي عبّر عنها الشعب الجزائري ضمن تطلّعاته المشروعة في بناء دولة الحق و القانون.
وأشار إلى إنشاء بلاده سلطةٍ عليا مستقلّة للشفافيّة والوقاية من الفساد و مكافحته، تتمتّع بصلاحيّات واسعة في هذا المجال على رأسها وضع استراتيجية وطنية للشفافية والنزاهة، والسهر على تنفيذها ومتابعاتها.
واستطرد ان الدولة الجزائرية تسعى لاسترجاع أموالها المنهوبة، وفق مسعىً شامل أقرّهُ رئيس الجمهورية، يتطلب تحقيق جزءٍ كبيرٍ من هذا المسعى تكثيفُ التعاون الدولي في الإطار الاتفاقي الأُممي و العربي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة