لن يتوقف الجدل حول تأثيرات العالم الافتراضى، وعلاقة ذلك بالصحافة والإعلام، ويوما بعد آخر تتزايد التشابكات بين العالمين، فى ظل قفزات تقنية تتجاوز القدرة على الرصد أحيانا، ويختلط الأمر أحيانا على البعض ليتعاملوا مع التريند مثلا باعتباره نتاجا إعلاميا، بينما بعض هذه التريندات تبدأ وتنتهى على مواقع التواصل، ولا يكون للإعلام فيها دخل، وفى أحيان أخرى يتعامل الإعلام مع الأمر ضمن نشاطه.
وهناك نقطة تبدو مهمة فى النظر إلى هذه الظواهر سواء أغانى المهرجانات أو الصور واللقطات، التى تلفت النظر، وأحيانا المعارك والنميمة التى تمثل وجبة دائمة لجمهور مواقع التواصل، مع الأخذ فى الاعتبار أن الجمهور المستخدم، بدرجاته ومستوياته، هو الذى يشاهد ويتفاعل، ويحقق التريند، ويرفع أو يخفض هذه النماذج.
وفى كتاب «السيبرانى» تناولت الظاهرة منطلقا من أن «المجتمع الافتراضى يحمل كل صفات المجتمع الطبيعى بتنوعاته وأشخاصه، وأن صناعة الكاراكتر تقوم على الإلحاح من نجوم الدوشة والهيصة، حيث الكاميرا تحول مطربين أو مجهولين أو ناس عاديين إلى نجوم».
ثم إن صناعة التريند تستند إلى نظريات تسويقية معروفة ترى أن الآراء المتطرفة الحادة والتصرفات غير الطبيعية هى التى تجلب التصفيق من فريق مؤيد، والتصفير من فريق رافض، وهو ما يصنع التريند فى النهاية باعتبار أن موضوعات السحر والشعوذة والنميمة والشتائم تجذب مشاهدين أكثر مما تفعل برامج الحوار والرأى.
ويقول صناع التريند إنهم ناجحون، وإن الجمهور يحبهم ولديهم الكثير من المعجبين، ومنطق «تريند» المقاولات يستند بالفعل إلى حالة معروفة لدى قطاعات من منتجى التسلية، بل وحتى منتجى صناعة «البورنو» التى تحقق مبيعات أضعاف ما تحققه البرامج السياسية الناجحة التى تعتمد على المواجهات.
«الجمهور عاوز كده» الرد السحرى لمنتجى سينما المقاولات منذ سادت مع نهاية سبعينيات القرن الماضى، هذه نصف الحقيقة، وبعض هؤلاء يقدمون خلطة يعرفون أنها تعجب قطاعا من الجمهور، لكنهم يتناسون أن أفلام المقاولات حتى فى عزها كانت تنجح بلا تأثير، وأن كبار منتجى السينما مثل سليمان نجيب، وغيره، كانوا ينتجون أفلاما عظيمة وبجانبها أفلاما خفيفة بلا إسفاف مما هو ظاهر الآن.
الجمهور ليس وحده «اللى عاوز كده»، لكن صناع التريند يريدون تحقيق كسب من خلطة، لجذب المزيد من الإعلانات والتمويلات، بصرف النظر عما يريده الجمهور وما لا يريده، أو ما يمكن أن تؤدى إليه هذه المنتجات من انتهاك لخصوصية المواطنين، أو التسبب فى إشعال حروب وخلق نمط غير طبيعى، وهذه المنصات تحقق أرباحها من هذه التريندات، وهذه المواقع تفضل دعم الأفراد، أكثر من المؤسسات.
وفيما يتعلق بأغانى المهرجانات أو أمثالها من أغان أو اسكتشات لافتة، فهى منتجات تناسب أدوات التواصل وهى مملوكة لشركات كبرى، تهدف إلى الربح، وتتعامل مع كل ما يحقق هذا باعتباره منتجا مهما يستحق الترويج، أما الخلاف فهو حول منح هذه المنتجات حق الوجود العلنى، وهنا ينطلق الجدل، هل يتم منح هذه المنتجات بما تحتويه من ألفاظ وكلمات يعاقب عليها القانون شهادة سماح بالعرض العام، أو القنوات والمسارح، أم يتم التعامل معها بالمنع؟، مع الأخذ فى الاعتبار أن بعض الأغانى والكليبات تتضمن ألفاظا يصعب على الشخص العادى أن يعرضها فى منزله أو فى الأماكن العامة، الكل يتحدث باسم الجمهور، بينما هذا الجمهور له الحرية أن يستمع أو يرفض، ومن يريد يمكنه الذهاب إلى منصات تعرض هذه المنتجات فى مصادرها من دون أن يفرضها على الآخرين.