رغم التحول إلى نظام التعلم الإلكترونى والتفاعل من خلال التطبيقات والبرامج التي تتيح التواصل مع الطلاب في المدارس، واعتماد الأجيال الجديدة على التابليت كبديل عن الكتاب المدرسى، وإلغاء طباعة الكتب في العديد من السنوات الدراسية، إلا أن المدارس مازالت تعتمد على الورق بصورة أساسية، وتحديداً الخاصة منها، وبين فترة وأخرى تطلب من أولياء الأمور طباعة "بوكليت" لكل مادة، يزيد عن مئة صفحة فى ظاهرة غريبة وتدعو للتساؤل.
بالأمس القريب أرسلت المدرسة عبر تطبيق الواتس آب تطلب طباعة مجموعة من الملازم الخاصة بالمواد الدراسية، وهى عبارة عن 3 كتيبات لمواد اللغة العربية، اللغة الإنجليزية، والرياضيات، وتزيد صفحاتها جميعاً عن 300 ورقة، وسعرها يصل إلى 120 جنيه تقريباً، تباع في مكتبة مجاورة للمدرسة، وعلى ولى الأمر أن يتخير طباعة هذه الملازم بنفسه أو الشراء من المكتبة!!
بالطبع يتم وضع هذه الملازم أو "البوكليت" كما يطلقون عليه في شنطة المدرسة يومياً، التي تحولت إلى حمل ثقيل على ظهر الطالب، بعدما تجاوز وزنها حدود المسموح، فهى مكدسة بالأوراق إلى جانب الكتب المدرسية، ثم مستلزمات التلميذ واللانش بوكس وخلافه، حتى صار كل تلميذ يحتاج يومياً إلى بودى جارد يتحرك بجواره، يتولى مسئولية " الشنطة" التي تحولت إلى هم ثقيل.
في بداية العام الدراسى أخبرتنا المدرسة بضرورة شراء تابليت لابنتنا وهى بالمناسبة في الصف الثانى الابتدائى، حتى تتمكن من خلاله مراجعة دروسها ومتابعة التعليم أون لاين بصورة ملائمة، إلا أن التابليت تحول لمجرد وسيلة نتلقى من خلالها "الواجب المدرسى" الموجود في البوكليت المطبوع، وكأن الموضوع حلقة مفرغة ندور فيها باستمرار دون أن نصل إلى هدف أو نتيجة محددة.
لا أتصور أن الطالب في السنوات الأولى من مرحلة رياض الأطفال، حتى الرابع الابتدائى يحتاج إلى كل هذا الحشو، وكل تلك الأوراق بهذه الصورة المعقدة، بل فقط يحتاج إلى تعلم القراءة والكتابة بشكل سليم في اللغات التي يدرسها سواء العربية أو الإنجليزية والفرنسية أو الألمانية في المدارس التي تدرس اللغة الألمانية، بالإضافة إلى ممارسة الأنشطة المختلفة وتعلم المهارات الخاصة بالعلميات الحسابية البسيطة، مثل الجمع والطرح، على أن يتعلم فلسفة هذه العمليات وفائدتها في الحياة دون أن تصور له باعتبارها أرقام ومعادلات رمزية، بدلا من كل الحشو الزائف الذى كنا نعانى منه فى الأنظمة التعليمية القديمة.
بالطبع المدارس سوف تتجه إلى التكنولوجيا والتعلم الإلكترونى لا محالة، إلا أن هذا التحول يجب أن يتم بسرعة أكبر من التي نتحرك عليها في الوقت الراهن، لذلك يجب أن نستعد لتجاوز الورق وطباعة الملازم، وتحميل الطالب مالا يطيق، حتى نصل بالنظام التعليمى إلى تطور حقيقى في الشكل والمضمون، وعلى المدارس الحكومية والخاصة، أن تسعى جاهدة نحو هذا التحول وتدرب المعلمين والمختصين، باعتبارهم مسئولين بصورة مباشرة عن تطوير هذه المنظومة.