نشاهد، اليوم، صورة بعنوان "الصياد" التقطها المصور Roberto Moccini، وفيها نشاهد سمكة قرش بيضاء كبيرة تطارد الأسماك الصغيرة بالقرب من جزيرة Guadalupe فى المكسيك، وقد فازت الصورة بجائزة عالمية.
أريد أن أتجاهل سمكة القرش تماما، ليس لدى أية مشاعر لتتبع حالتها أو رصد مشاعرها، فهى تمنى نفسها بوجبة شهية، لكننى أريد أن أفكر فى الأسماك الصغيرة التى وجدت حياتها مهددة بالفعل، فهناك أسنان بيضاء حادة متربصة تهم باصطيادها.
لم يعجبنى أن الفنان Roberto Moccini اختار للصورة عنوان "الصياد" لأن هذا العنوان به نوع من الانحياز للأقوى، وفى الوقت نفسه أعذره لأن الكاميرا حقا لا تتحرك سوى ناحية " الأقوى" صانع الدراما.
أما أنا فى الكتابة فحر فى اختيار قراءة الصورة، لذا أنحاز تماما إلى الأسماك الصغيرة المفزوعة، التى لا تعرف أن اليوم يحمل خطرا شديدا، وأنها فى هذه اللحظة أمام اختبار صعب عنوانه "الرغبة فى الحياة".
نعم لن ينجو من هذا اليوم الصعب سوى السمك الذى يملك الرغبة العارمة فى النجاة، الذى ستتوتر أعضاؤه بالقدر الكافى الذى تتسارع فيه قدرته على الفرار بعيدا.
نعم الفرار بعيدا، اليوم ليس يوم المواجهة، النصر هو الهروب، والفوز هو أن يطبق ذلك القرش الشرس فمه على الماء فقط.