انتهت مصلحة الضرائب العقارية أمس الأربعاء من استلام إقرارات مُلاك الشقق والوحدات السكنية بمختلف أنواعها، وقد كنت من المحظوظين الذين أسعفهم القدر لتسليم الإقرار في اليوم الأخير، قبل انتهاء المدة المحددة بدقائق، بعد معاناة استمرت ساعتين ونصف أمام مأمورية الدقى، التي تقع في شقة صغيرة بشارع نبيل الوقاد، ويتوافد عليها عشرات المواطنين، وسط أجواء زحام وتكدس غير مسبوقة.
بعيداً عن حالة الزحام التي لا دخل للضرائب العقارية بها، فالمسئولية تقع على المواطنين الذين تأخروا حتى آخر لحظة وتوافدوا قبل ساعات من موعد انتهاء تقديم الطلبات، لكن الأمر الذي يحتاج إلى وقفة أن الضرائب العقارية مازال العمل فيها يتم من خلال "دفاتر ورقية"، ملفات وأضابير وأكوام من الدوسيهات لا حصر لها، فالملكيات العقارية بمصر مازالت مسجلة داخل هذه الدفاتر المتهالكة القديمة، ولم يتم ميكنتها بأى صورة حتى الآن.
لك أن تتخيل أن كل مواطن يقدم إقرار ضريبى يتم فحصه في دفتر حجمه متر في متر وتتكرر هذه العملية يومياً لعشرات ربما مئات المرات، وهذا يجعل الأمر في غاية التعقيد، ويشكل عبء غير مسبوق على الموظفين الموجودين في هذه المأموريات، سواء في المراجعة أو الفحص أو سداد الرسوم، في حين أن الحكومة تتحول رقمياً نحو التطور التكنولوجي، وتستعد للانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة.
ميكنة مصلحة الضرائب العقارية مشروع قومى يجب أن تتبناه وزارة المالية وتوفر له الموارد اللازمة، إن كانت تستهدف نجاح تطبيق القانون الجديد، فلا يمكن مع كل هذه الضوابط التشريعية واللوائح الإدارية الجديدة أن يكون العمل من خلال الدفاتر القديمة التي أكل عليها الزمان، وربما فعل أكثر من ذلك، فلن ينجح مشروع الحصر العام للعقارات في مصر والثروة العقارية إلا من خلال تحويل الضرائب العقارية بالكامل إلى مصلحة مميكنة تعمل بالكمبيوتر، بعد التخلص من المكاتب الحديدية القديمة، والأدراج التى أكلها الصدأ، والملفات المتهالكة.
كان على وزارة المالية أن تتحرك بمشروع لتطوير مصلحة الضرائب العقارية وميكنتها بالكامل، قبل البدء في حصر العقارات وتسليم الإقرارات، حتى لا يضيع جهد الموظفين، الذين لا يمكن أن نلقى عليهم العبء أو نحملهم مسئولية الروتين وضياع الوقت، ما داموا يعملون على النظام القديم، الذي تحتل فيه الأوراق والدفاتر صدارة المشهد.
التحول التكنولوجى وتطوير الخدمة وميكنة المصالح الحكومية أولوية يجب أن يتم العمل عليها خلال الوقت الراهن، كما أن التطبيقات " الابليكيشن" الموجودة على الانترنت والهواتف المحمولة يجب أن تفى بالغرض، وتكون سهلة وبسيطة ولا تستهلك الوقت والجهود، ولا تحتاج إلى ملء عشرات الخانات والبيانات حتى ننجح في الحصول على الخدمة، ولو نجح المواطن في تسجيل الإقرار الضريبى من خلال الانترنت على تطبيق "مصر الرقمية" ما شهدت المأموريات الزحام والتكدس الكبير الذى أتحدث عنه.