نخيل الوادى الجديد رمز الخير والعطاء وسعة الرزق، حيث تمثل النخلة قيمة اقتصادية واجتماعية وتاريخية لا يمكن تغييرها مطلقا، وهو ما جعل النخلة تحتل المكانة الأولى فى حياة كل ابناء المحافظة دون استثناء ، وتختلف درجات الاهتمام بالنخلة بين ابناء المحافظة وفقا لتخصصات واهتمامات كل شخص على حده.
وبعيدا عن التخصص الاقتصادى والقيمة الانتاجية للنخلة ومنتجاتها، هناك فئة أخرى من المهتمين بالنخلة ويعترونها قطعة من الفن والجمال، وما يتم بتره منها لايصلح إلا أن يكون قيمة جمالية تضيف رونقا غير اعتياديا لأى مكان تتواجد فيها، وهم فئة المبدعين والنحاتين الذين يرون مخلفات النخيل عبارة عن جواهر مدفونة فى الرمال وتحتاج لمن يستخرجها ويضعها فى مكانها الصحيح لتكون محط أنظار كل من تقع عينه عليها.
ومن بين هؤلاء الفنانين والمبدعين شاب موهوب بالفطرة ولم يتلق تدريبا أو تعليما متخصصا فى فنون النحت أو الرسم، ولكن موهبته المتدفقة قادته لأن يجسدها فى أعمال فنية، بدأها بتحويل نوى النخيل إلى خواتم رائعة الجمال وانطلق منها للرسم بالحرق على "كرانيف النخيل" وتوج جهوده بموهبة النحت على جذوع النخيل وتحويل مخلفاتها لقطع فنية ، عبارة عن بيوت واحاتية ومنازل قديمة ومجسمات .
ورصدت عدسة"اليوم السابع" جانب من المتحف التراثى البسيط فى تكوينه والذى يعتمد كليا على سياجات من جريد النخيل المغطى بالخيش القديم ويحتوى على معدات بسيطة ، عبارة عن أدوات للنحت والتسوية وألوان طبيعية ومواد لاصقة من الطبيعة ورمال ملونة وغيرها من مستلزمات النحت والحفر الغائر والبارز، حيث يقوم الشاب الموهوب بجلب جذوع النخيل المتهالكة والتى تسكن بعضها الدبابير ويقوم بتجهيزها للنحت وتهيئة المجسم ليكون متناسقا مع الشكل المناسب للنحت عليه حيث يستغرق نحت المنزل الصغير حوالى ساعتين فقط لا غير ويقوم بعدها بدهانه بمواد من البيئة تبرز جمال البيوت الواحاتية القديمة ويزينه بالنوى وبقايا الجريد والسعف وغيرها من مخلفات النخلة.
وقال محمود سمير فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع" إنه لم يدرس فن النحت كتخصص، ولكنه مارسه كهواية بالفطرة وقرر أن يحترف هذا التخصص وهو النحت على جذوع النخيل وتحويلها إلى قطع فنية ، وكذلك استخدام مخلفات النخيل بالكامل فى عمل مجسمات وأشكال تصلح للديكور المنزلى والمكتبى، وهو ما استدعاه للتفكير فى عمل متحف تراثى مفتوح يمارس فيه هوايته ويعرض أعماله فيه بجانب توفير فرصة للمتدربين الراغبين فى تعلم فن النحت على جذوع وكرانيف النخيل.
وأضاف محمود أن هذا المتحف عبارة عن حجرة صغيرة مصنوعة بالكامل من جريد النخيل والخشب ومغطاه بمخلفات الخيش ، وتحتوى على ستاندات لعرض الأعمال التى انتهى منها وورشة مصغرة يستكمل فيها عمله فى النحت ، حيث يقوم بنحت المنازل الواحاتية التى اندثرت من الحياة الواقعية التى يعيشها المجتمع الواحاتى ، حيث يعتمد فى نحت أعماله على بساطة المنزل الواحاتى ودقة تفاصيله مع الحفاظ على الشكل الجمالى وتحقيق معادلة الرؤية البصرية الصحيحة للعمل الفنى.
وأكد سمير أنه قام بتنفيذ هذا المتحف المصغر بمساعدة والدته، التى دعمته بمبلغ مالى لاستكمال أعمال التجهيزات، حيث كان يمارس هوايته فى المنزل ولا يجد مكانا لوضع تلك القطع التى انتهى من تنفيذها فى مكان مناسب حتى واتته الفكرة والتى عرضها على والده ورحب بها وقام بالفعل باستغلال مكان صغير لعمل هذا المتحف المصغر أملا فى توسعته وعمل مدرسة تعليمية لفن تدوير مخلفات النخيل بصورة إبداعية يمكن لأى شخص ممارستها ببساطة وتنفيذ تلك الأعمال ووضعها فى المنازل والمكاتب.
وأوضح سمير أنه يتمنى أن يتعلم كل ابناء الوادى الجديد ثقافة النحت على جذوع النخيل، وأن تكون تلك الثقافة فى المنازل لدى الأطفال بديلا للعب بالمجسمات وغيرها من الألعاب الاليكترونية التى تعزل الأطفال عن ثقافتهم وتاريخهم الأصيل.
محمود-سمير-مع-احدى-القطع-الفنية-الجارى-تنفيذها
محمود-سمير-نحات-بالفطرة_1
محمود-سمير-يعرض-منزلا-تم-الانتهاء-من-نحته
نحت-البيت-الواحاتي