انتهت منافسات كأس الأمم الأوروبية (يورو 2020) بتتويج بطل وحيد، وهو المنتخب الإيطالي، بعد فوزه في المباراة النهاية على إنجلترا، إلا أن أحداث البطولة شهدت العديد من الأبطال، الذين سيطروا على عناوين الصحف خلال مشاركتهم في المنافسات القارية، ونجحوا في جذب الأنظار بإنجازاتهم أو ما تعرضوا له خلال أحد أبرز البطولات على صعيد المنتخبات.
كريستيان إريكسن والسقوط المرعب
بالرغم من أن نجم الوسط الدنماركي، كريستيان إريكسن، لم يشارك سوى لـ43 دقيقة في منافسات اليورو، إلا أنه كان بطلا لأحد أبرز لقطات البطولة، وأكثرها حزنا، بعد تعرضه لسكته قلبية على أرض الملعب، خلال مباراة منتخب بلاده الافتتاحية أمام فنلندا، ليسبب حالة من الهلع على أرض الملعب والمدرجات، خشية تعرضه لما هو أسوأ من السقوط.
ولحسن الحظ، نجح الأطباء في إنعاش قلب اللاعب قبل نقله إلى المستشفى وتحسن حالته. كانت هذه اللقطة المرعبة بمثابة دافع للمنتخب الدنماركي من أجل تقديم بطولة جيدة، لينجح في التأهل إلى نصف النهائي، قبل توديع المنافسات أمام إنجلترا.
كريستيانو رونالدو يودع مبكرا:
حقق نجم المنتخب البرتغالي العديد من الإنجازات الفردية في هذه النسخة من البطولة، بعدما تصدر قائمة هدافيها وأصبح الهداف التاريخي للبطولة القارية بشكل عام، برصيد 14 هدفا، ونجح أيضا في معادلة رقم الهداف التاريخي في المباريات الدولية، الإيراني علي دائي، بواقع 109 أهداف.
وبالرغم من كل هذه الإنجازات الفردية، والتأهل لثمن النهائي بعد الوقوع في مجموعة الموت، التي ضمت ألمانيا وفرنسا والمجر، إلا أن رونالدو ورفاقه فشلوا في الوصول بعيدا في المنافسات، بعد الخروج من دور الـ16 بالخسارة أمام المنتخب البلجيكي بهدف نظيف.
دوناروما بطل الأدوار الحاسمة
تألق أكثر من حارس على مدار منافسات اليورو، وعلى رأسهم يأتي كل من السويسري يان سومير والدنماركي كاسبر شمايكل، إلا أن ثمة بطل واحد نجح في خطف دور البطولة في الدورين نصف النهائي والنهائي، بعدما تعملق في ركلات الترجيح وأهدى منتخب بلاده لقبا طال انتظاره، وهو العملاق الشاب، جيانلويجي دوناروما.
نجح دوناروما في التصدي لركلة الترجيح الحاسمة للمنتخب الإسباني، والتي انبرى لها المهاجم ألفارو موراتا، ليصل بفريقه إلى النهائي، قبل أن يتألق مجددا على مدار مباراة إنجلترا النهائية، قبل أن يتصدى لركلتي ترجيح من جادون سانشو وبوياكو ساكا، يقود بهما منتخب بلاده لقنص لقب طال انتظاره منذ عام 1968، ويستحق في النهاية الحصول على جائزة أفضل لاعب في اليورو.
إنريكي والتحدي الرابح
دائما ما كانت تسيطر الثقة على كلمات المدير الفني الإسباني، لويس إنريكي، بالرغم من معاناة منتخب بلاده في دور المجموعات بالبطولة القارية، وكأنه كان يعلم أن فريقه سينجح في التأهل للدور التالي بالرغم من جمعه لنقطتين بعد أول جولتين. وانتقلت هذه الثقة إلى نجوم المنتخب الإسباني الشباب، الذين أظهروا أفضل ما لديهم وكانوا على بعد خطوة من الوصول للمباراة النهائية.
نجح المنتخب الإسباني في تحقيق ثلاثة انتصارات متتالية بعد التعادل في أول جولتين، وينجح في الإطاحة بسلوفاكيا وكرواتيا وسويسرا من منافسات البطولة، ويصل لاختباره الأصعب أمام المنتخب الإيطالي المتوج باللقب، ويكون الطرف الأفضل في معظم فترات المباراة، قبل أن يخسر في ركلات الترجيح، ويودع البطولة القارية، ولكن مكسبه الأكبر كان إثبات صحة رهان إنريكي على أن هذا الجيل سيكون قادرا على قيادة إسبانيا إلى القمة في المستقبل.
باتريك شيك والهدف الأفضل
شهدت منافسات اليورو العديد من الأهداف المميزة، ومنها هدف بوجبا في مرمى سويسرا، وإنسيني في شباك بلجيكا أو لوكا مودريتش أمام أسكتلندا، ولكن الهدف الذي علق في أذهان متابعي البطولة، كان الذي أحرزه المهاجم التشيكي، باتريك شيك في مرمى المنتخب الاسكتلندي من وسط الملعب، والذي استحق أن يكون الأفضل في البطولة.
نجح شيك في جذب الأنظار منذ بداية البطولة، فكان من أبرز نجوم المنتخب التشيكي، وأحد أسباب وصوله إلى ربع النهائي. وأحرز اللاعب الهدف الأفضل في البطولة، بعدما لاحظ تقدم الحارس ديفيد مارشال ليسدد يسارية قوية من وسط الملعب ويسكنها الشباك. وواصل مهاجم باير ليفركوزن التألق وكاد أن يخطف لقب الهداف من رونالدو، إلا أن الأخير تفوق بفضل صناعته لهدف إلى جانب أهدافه الخمسة في البطولة.
بونوتشي وكيلليني عصير الخبرات
ضم المنتخب الإيطالي العديد من الأسماء البارزة التي مهدت له الطريق نحو ثاني ألقابه القارية، منهم دوناروما والشاب فيديريكو كييزا ولاعب الوسط المتألق جورجينيو، إلا أن الفريق الذي تميز بالقوة الهجومية والضغط المتقدم في معظم مباريات البطولة، ظهر بصلابة دفاعية أيضا بفضل الثنائي المخضرم ليوناردو بونوتشي (34 عاما) وجورجيو كيلليني (36).
أثبت اللاعبان في البطولة أن العمر مجرد رقم بالنسبة لهما، وأنهما مازال باستطاعتهما الدفاع عن ألوان قميص "الأتزوري" ويوفنتوس على حد سواء لفترات أطول، وكانا بالطبع أحد الأسباب الرئيسية لوصول الفريق إلى الهدف المنشود، ويكفي أنه إلى جانب الأداء الدفاعي المميز، كان هدف التعادل لإيطاليا أمام إنجلترا في المباراة النهائية من نصيب بونوتشي.
يواكيم ماهلي وستيفن زوبر
وشهدت البطولة أيضا تألق نجمين في المنتخب الدنماركي والسويسري، وهما يواكيم ماهلي وستيفن زوبر، بعدما قدم الأول مباريات مميزة مع منتخب بلاده ووصل معه إلى نصف النهائي، وكان من أبرز المفاتيح الهجومية للفريق، الذي اعتمد على العرضيات والاختراق من جانبي الملعب بشكل كبير.
أما زوبر فكان أحد أسباب تفوق المنتخب السويسري على فرنسا في ثمن نهائي اليورو، وأخطر نجوم فريقه على مدار دور المجموعات، واستحق تصدر قائمة صانعي الأهداف في اليورو، وحقق رقما قياسيا بصناعة 3 أهداف في لقاء واحد عادل رقم كل من الدنماركي مايكل لاودروب والبرتغالي روي كوستا.
بنزيمة.. النقطة المضيئة في فرنسا
عانى المنتخب الفرنسي في المنافسات القارية، وبعد أن كان بطل العالم هو المرشح الأول للبطولة، ودع البطولة من ثمن النهائي أمام المنتخب السويسري. ولكن الأمر الوحيد الذي سار بالشكل المنتظر بالنسبة للديوك في البطولة هو تألق نجم الهجوم المخضرم، كريم بنزيمة. عاد النجم الفرنسي بعد سنوات من الغياب، ليعوض تراجع مستوى كيليان مبابي في البطولة، ويصبح هداف الفريق في رحلته القارية القصيرة برصيد 4 أهداف.
ساوثجيت ومهمة عودة إنجلترا
عانى المنتخب الإنجليزي على مدار السنوات الماضية من ترنح المستوى في البطولات الكبرى، وعدم الوصول بعيدا في أي منها، وهو ما تسبب في غيابه عن منصات التتويج منذ عام 1966. ولكن المدير الفني جاريث ساوثجيت نجح في تجهيز فريق قادر على تقديم مستويات رائعة، والوصول إلى أبعد الحدود، بل وكان على بعد خطوة واحدة من قنص اللقب القاري، لولا السقوط في اختبار ضربات الحظ الترجيحية.
وليفاندوفسكي ولوكاكو وفينالدوم تألق انتهى
ولا يمكن نسيان تألق نجوم بحجم السويدي إميل فوسبرج والبولندي روبرت ليفاندوفسكي والبلجيكي روميلو لوكاكو والهولندي جورجينيو فينالدوم، والذين أظهروا مستويات مبهرة في المنافسات، إلا أن خروج منتخبات بلادهم المبكر لم يساعدهم من أجل مواصلة رحلة الإبهار حتى النهاية.
بينما استحق كل من الإنجليزيين هاري كين ورحيم ستيرلينج تكريما خاصا على أقل تقدير، بعد أن قادا الخطوط الأمامية الإنجليزية على أفضل وجه، وقدما بطولة مميزة، خاصة في الأدوار الحاسمة، وبالرغم من أن المنتخب الإيطالي حرمهما من تحقيق اللقب في النهاية، إلا أن هذا الأمر لا يقلل من المستويات الرائعة التي قدماها في يورو 2020.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة