في اعتقادي الشخصي أنه لا يمكن تحديد الأسباب الحقيقية لانتشار "التوك توك" في الأحياء الشعبية والمناطق العشوائية وبعض المدن الجديدة، خاصة أن الظاهرة لها أبعاد متعددة مرتبطة بمعدلات البطالة والفقر، بينما يمكن عرض الموضوع من زاوية أخرى ووجهة نظر مختلفة، تعتمد على فكرة مفادها أن غياب وسائل المواصلات الآمنة والآدمية في بعض المدن والمناطق الجديدة، أسهم بصورة مباشرة في انتشار وسائل النقل العشوائية، على رأسها التوك توك.
يمكن رؤية الموضوع بصورة أفضل إذا حاولنا الإجابة على سؤال: كيف دخل التوك توك إلى منطقة حدائق الأهرام؟ مع العلم أنها تتمتع بمباني مميزة، ولها موقع جغرافي ممتاز بجوار أهرامات الجيزة، وكان من الممكن أن تتحول إلى منطقة سياحية جاذبة، إلا أن التوك توك انتشر إليها سريعاً ودخلت معه الكثير من المظاهر العشوائية التي يرفضها السكان، والسبب الرئيسي في ذلك عدم وجود وسيلة نقل آدمية جيدة داخل حدائق الأهرام، حتى تحول التوك توك إلى الوسيلة الرسمية للتنقل داخل هذه المدينة.
أتصور أن سرطان التوك توك في بعض المناطق الشعبية صار أكبر من كل محاولات القضاء عليه، لذلك بات الأمل والرهان على المناطق الجديدة غير المأهولة بالسكان، المنتظر أن تكون مراكز وتجمعات حضارية منظمة كاملة الخدمات، سواء في شرق القاهرة الكبرى أو غربها، لذلك يجب تزويد هذه المناطق بخطوط مواصلات معروفة ومعلنة، بمجرد انتهاء البنية الأساسية فيها، من خلال خطوط سير محددة تتولاها شركات عامة أو خاصة، وتدار بصورة تحافظ على حالتها الفنية وبشكل يليق بخدمة المواطن.
توفير خطوط مواصلات عصرية متطورة للمدن الجديدة أمر في غاية الأهمية، يجب أن يكون مسئولية مباشرة لأجهزة المدن والمحليات في مختلف محافظات الجمهورية، ولا يقل أهمية عن المرافق والخدمات الأساسية داخل هذه المدن، فالتعمير الحقيقي يبدأ من توفير وسيلة انتقال مناسبة، بأسعار في متناول الناس، تمكنهم من سهولة الحركة والتنقل من مكان لآخر، حتى لا تتسلل العشوائية إلى هذه المدن، التي تم بناؤها في الأساس للتخلص من مظاهر التكدس والزحام، التي تعانى منها أغلب المناطق الحضرية في مدن الجمهورية.
القضاء على ظاهرة التوك توك لن يبدأ من القوانين والتشريعات فقط، لكن من توفير البدائل المناسبة، مثل السيارات الصغيرة التي أعلنت عنها الحكومة منذ فترة، ونأمل وصولها في أقرب وقت ممكن، خاصة أن هناك مئات وآلاف الشوارع الداخلية المزدحمة داخل الأحياء الشعبية في القاهرة والجيزة، وتمتلئ بمظاهر الزحام والتكدس والعشوائية.