- تشرّفت بلقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء زيارتي إلى مصر، ولمست غيرته على القضايا القومية
- انفجار المرفأ تزامن مع أزمة اقتصادية خانقة ولا يوجد تقاعس بمحاكمة المتورطين
- الاحتفال ببيروت عاصمة للإعلام العربي في العام 2023 سيكون مناسبة لتفعيل التعاون الإعلامي العربي
- اقترحت على الجامعة العربية إنشاء غرفة عربية مشتركة لمكافحة الأخبار الزائفة كمقدمة على الصعيد الإعلامي
- الإعلام العربي القوي هو حاجة دائمة في كلّ زمان، في عصر العولمة بات العالم قرية صغيرة
- بحثت في مصر إمكانية التعاون الإعلامي وتبادل الخبرات وإنتاج أعمال مشتركة بين القاهرة وبيروت
- مصر لها أيادي بيضاء في مساعدة لبنان بعد كارثة انفجار المرفأ
أكدت وزيرة الإعلام في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، منال عبد الصمد، أن مصر تقف دائماً الى جانب لبنان، وكان لها أيادي بيضاء في مساعدة لبنان بعد كارثة انفجار مرفأ بيروت، مشيرة إلى أن تشكيل حكومة لبنانية قادرة على وضع برنامج عمل مع صندوق النقد الدولي يجب أن يكون أولوية في الفترة الراهنة، موضحة في ذات التوقيت أن تقاطع عوامل محلية وخارجية أثّر على تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة.
وأضافت وزيرة الإعلام في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، خلال حوارها مع "اليوم السابع"، من بيروت، أن انفجار مرفأ بيروت تزامن مع أزمة اقتصادية خانقة اعتبرها البنك الدولي واحدة من أسوأ ثلاث أزمات إقتصادية في العالم خلال 150 عاماً، موضحة أنه لا يمكن الحديث عن تقاعس في محاكمة المتورطين في انفجار مرفأ بيروت وهناك مسار قضائي يشق طريقه وسط دهاليز من العقبات المتراكمة، وتحدثت أيضا عن الكثير من القضايا الداخلية اللبنانية والعربية وإلى نص الحوار..
كيف ترين وضع الإعلام العربي في الفترة الراهنة؟
شهدت السنوات الأخيرة ثورة رقمية أدّت إلى تحول كبير في العمل الإعلامي، اضطرت معه المؤسسات الإعلامية الى مواكبة التطور التكنولوجي والتعامل بسرعة مع الحدث، لضمان انتشار أخبارها بشكل كبير، وأصبح الإعلام الرقمي واقعاً لا مفر من التعامل معه، وقد أثبت الإعلام العربي بشكل عام كفاءة وحرفية عالية ودقة ومصداقية وسرعة في التأقلم مع النهج الإعلامي الإلكتروني ونقل المعلومات من خلال وسائط ومنصات مختلفة ومتعدّدة، والتكيّف مع "الإعلام البديل" الذي يعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي، حتى أنه ليس مستبعداً في المستقبل أن يتم توظيف الذكاء الإصطناعي والإنسان الآلي (Robot) في صناعة الصحافة والإعلام.
منذ 4 أشهر قرّرت 4 دول عربية هي مصر والأردن وفلسطين والعراق إنتاج برنامج مشترك يذاع على 4 قنوات تابعة لتلك الدول كبداية لإنتاج عربي مشترك..كيف ترين هذه الخطوة؟ وهل تتوقعين أن نجد لبنان في هذه الخطوة مستقبلاً؟
كلّ عمل عربي مشترك على أيّ صعيد كان، هو عمل مبارك وضروري، ننتمي جميعاً إلى بقعة جغرافية واحدة، وتجمعنا ثقافة واحدة، واهتماماتنا واحدة، وحتى مشاكلنا واحدة، ولذلك خطوة الإنتاج العربي المشترك بين مصر والأردن والعراق وفلسطين هي خطوة جيدة ومطلوبة، ولا بدّ من البناء عليها لتعميم ثقافة التعاون وتبادل الخبرات، وأذكر أنه كان لنا لقاءات عديدة في وزارة الإعلام مع أصحاب شركات إنتاج الدراما ومنتجين وفنيين للاستماع الى مطالبهم والبحث في إمكانية تأمين بيئة ملائمة لعملهم بما يساهم في خلق فرص عمل وتشجيع الإستثمار في هذا المجال، كما تم توقيع مذكرة تعاون بين وزارتي الإعلام والصناعة بعنوان "الإنتاج الإعلامي حاجة للإنتاج الصناعي" بهدف تفعيل التعاون بين القطاعين الصناعي والإعلامي.
الوزيرة اللبنانية منال عبد الصمد
ما هي آخر زيارة لكى لمصر ؟ وهل كان هناك اتفاق حول دور إعلامى مشترك بين البلدين؟
خلال زيارتي لمصر في شهر يونيو الفائت أثناء انعقاد مؤتمر مجلس وزراء الإعلام العرب في دورته الـ 51 قمتُ بجولة في مدينة الإنتاج الإعلامي التي تضم 71 استديو مفتوح، وهي ذات تقنية عالية وتباحثت حول إمكانية التعاون الإعلامي وتبادل الخبرات وإنتاج أعمال مشتركة بين لبنان ومصر، والإستفادة من خبرتهم في الأرشفة وكيفية الحفاظ على التراث الإعلامي وإمكانية مساعدة تلفزيون لبنان في هذا الموضوع. كما زرتُ أستديوهات MBCواستديوهات 10mojo وهو أول استديو مجهز لإنتاج البرامج والمحتوى المصور من تطبيقات الهاتف المحمول. وقد تابعتُ موضوع التعاون بُعيد عودتي الى بيروت، ولا يزال قيد المتابعة.
متى يمكن تفعيل التعاون الإعلامي العربي ؟
الاحتفال ببيروت عاصمة للإعلام العربي في العام 2023 التي وافقت عليها جامعة الدول العربية بالإجماع سيكون مناسبة لتفعيل التعاون الإعلامي العربي، والمساهمة في تعزيز فرص الإستثمار في المجال الإعلامي سواء على صعيد البرامج التلفزيونية أو الإذاعية أو حتى على صعيد عمل وكالات الأنباء الوطنية أو غيرها من المشاريع، واقترحت في الورقة التي تقدّمت بها لأمانة الجامعة العربية إنشاء غرفة عربية مشتركة لمكافحة الأخبار الزائفة كمقدمة على الصعيد الإعلامي، وهنا أشير الى "جائزة بيروت للإنسانية" التي تقدمتُ بها وحازت على إجماع وزراء الإعلام العرب في القاهرة مشكورين، وهدفها تكريم كل عمل صحفي يوجّه رسالة إنسانية أو يركّز على نبذ العنف والكراهية والتحريض مع مراعاته الحيادية والموضوعية وضرورة إحقاق العدالة إذ تبقى الصحافة المستقلة والنزيهة والشفافة هي الحليف الأكبر للمواطن.
هل ترين أنّ هناك ضرورة الآن لوجود إعلام عربي قوي قادر على مواجهة التحديات وإيصال وجهة النظر العربية للعالم؟
الإعلام العربي القوي هو حاجة دائمة في كلّ زمان، في عصر العولمة بات العالم قرية صغيرة، وقد ساهم الإعلام في تقصير المسافات بين سكان هذه الكرة الأرضية، ولذلك لا شكّ بأنّه كلّما كان الإعلام العربي قوياً، كلّما كان أقوى في طرح قضايا ومشاكل العالم العربي وإيصال وجهة النظر العربية للعالم، وثمّة قضايا كثيرة تحتاج لرفع الصوت إعلامياً مثل القضية الفلسطينية، وغيرها من المآسي والأزمات التي لا تزال تعاني منها بعض الشعوب العربية وتتخبط بها والتي تؤثر على استقرارها وأمنها ومستقبلها، وهذا أمر غير مقبول ويجب إيجاد حلول سريعة ودائمة.
منال عبد الصمد وزيرة الإعلام اللبنانية
الرئيس عبد الفتاح السيسي أكّد على أهمية الدراما والثقافة والإعلام في تكوين الوعي. هل تتفقين مع هذا الأمر وبرأيك كيف يحدث ذلك؟
لقد تشرّفت بلقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء زيارتي إلى مصر، ولمست غيرته على القضايا القومية، ثمّة تكامل بين الدراما والثقافة والإعلام، ولذلك أوافق الرئيس السيسي في ضرورة التركيز على هذه المحاور لتكوين الوعي العربي المشترك، وهذا الأمر ممكن من خلال الأعمال الدرامية والثقافية والإعلامية المشتركة، شهدنا في السنوات الأخيرة صعود الـ Pan – Arabic في الدراما، وقد شكّلت الأعمال الدرامية المشتركة قفزة نوعية، نتمنّى أن تنسحب على الثقافة والإعلام، وأن تتجسّد في أعمال تحمل عدّة بصمات عربية.
مرّ عام على انفجار 4 أغسطس 2020. إلى أين يتّجه لبنان ؟
للأسف مرّت علينا كلبنانيين سنة بعد الانفجار الذي شوّه وجه العاصمة الجميلة بيروت كانت الأصعب في تاريخ الجمهورية اللبنانية، وقد تزامن مع أزمة إقتصادية خانقة اعتبرها البنك الدولي واحدة من أسوأ ثلاث أزمات إقتصادية في العالم خلال 150 عاماً. لبنان سيتّجه حتماً الى الاستقرار واستعادة دوره الحيوي والريادي، ولكن المعالجة تحتاج الى الوقت والإرادة والتعاون بين جميع أبنائه.
منال عبد الصمد
عام على الفاجعة ولم تصدر أحكام قضائية بحقّ المتّهمين. فكيف تفسّرين هذا التقاعس القضائي؟
إن فاجعة انفجار مرفأ بيروت هزّت الضمائر الإنسانية في العالم، وهي ستبقى محفورة في الذاكرة اللبنانية، وجرح أهالي الضحايا لا يزال ينزف في انتظار معرفة حقيقة ما جرى، هذه الحقيقة التي يتوق اللبنانيون لمعرفتها، لا يمكن الحديث عن تقاعس، فهناك مسار قضائي يشق طريقه وسط دهاليز من العقبات المتراكمة. والمطلوب أن يأخذ القضاء مجراه، كما أن فصل السلطات نص عليه الدستور اللبناني وهو من المبادئ الأساسية المتمسكين بها. فالسلطة القضائية هي الجهة المخوّلة بإصدار الأحكام وتحديد المسؤوليات في هذا الملف.
لماذا تأخّر تشكيل الحكومة اللبنانية؟
في 10 أغسطس الفائت بلغ الفراغ الحكومي عامه الأوّل. انفجار المرفأ رتّب على حكومتنا مسؤولية معنوية، وكان لا بدّ من الاستقالة لأنّه لا يمكن لأيّ حكومة أن تستمرّ بعد هكذا مصاب كبير، فتقدمتُ باستقالتي في 9 آب، ثم استقالت الحكومة في اليوم التالي، وهكذا صرنا بحكم تصريف أعمال، وربما هذه أطول فترة تصريف أعمال لحكومة في لبنان، كان يُفترض أن تتشكّل حكومة بُعيد استقالة حكومتنا مباشرة، ولكن تداخل أو تقاطع عوامل محلية وخارجية أثّر على تلك المهمّة، وهذا غير خاف على أحد، وما تزال الأمور عالقة عند هذه النقطة، علماً أنّ تشكيل حكومة قادرة على وضع برنامج عمل مع صندوق النقد الدولي يجب أن يكون أولوية ليصار بعدها إلى تلقّي حزمة مساعدات مالية تمكّن لبنان من مواجهة أزمات غير مسبوقة.
هل سيتمكّن نجيب ميقاتي من تشكيل حكومة؟
معروف عن الرئيس ميقاتي حنكته وقدرته على تدوير الزوايا، ولذلك نأمل أن يبشّر اللبنانيين قريباً بالمولود الحكومي المنتظر، ولو اضطر إلى إجراء عملية قيصرية، كما أن تشكيل حكومة يعطي اللبنانيين جرعة أمل وتفاؤل طال انتظارها.
هل عرض عليكِ تولّي حقيبة في الحكومة العتيدة؟
الأسماء ليست مهمة بقدر البرنامج. أنا أستطيع أن أخدم بلدي أينما كنت. سواء كنت في وزارة أو كنت خارج الحكومة، لقد قمت بكلّ ما أستطيعه في وزارة الإعلام، والإدارة استمرارية، بحيث سأسلّم المشاريع التي أنجزناها والتي لا تزال قيد التنفيذ إلى الوزير(ة) الذي سيخلفني. وإني فخورة بعشرات المشاريع والحملات التي أطلقناها في فترة قياسية، العديد منها بالتعاون مع جهات محلية ومع دول عربية وأجنبية ومنظمات دولية تعاونت معنا إيماناً منها بمنهجيّتنا ومثابرتنا والشفافية التي هي معيار عملنا.
وزيرة الإعلام اللبنانية
كيف يمكن للبنان تجاوز أزمته الاقتصادية؟
لقد تعمّقت الأزمة الاقتصادية كثيراً خلال العام المنصرم بفعل الشلل الحكومي، وتجمع عدد من الدراسات أنّه يلزمنا سنوات كي نعود إلى ما كنّا عليه. ولكن الخطوة الأولى التي لا بدّ منها هي تشكيل حكومة، ومن ثمّ التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وهذا ما كانت تعمل عليه حكومتنا لو قيّض لها أن تعيش أكثر. وكما سبق وقلت، كل مشاكلنا وأزماتنا مهما كان نوعها يحتاج حلّها الى الإرادة وقرارات سياسية حاسمة بعيداً عن أي مصالح شخصية أو حسابات سياسية أو حزبية أو طائفية ضيّقة. فالقرار السياسي كفيل بحل مختلف العقد.
ما هي رسالتك للقوى السياسية اللبنانية من أجل الحفاظ على مستقبل لبنان خاصةً في ظلّ الاختلاف الكبير فيما بينها؟
رسالتي الأساسية هي الحفاظ على لبنان المتنوّع، فهذا سرّ وجوده. إن لبنان مثل لوحة فسيفساء تضم قطعاً أو أجزاء من مختلف الألوان والأشكال، وهي تتكامل مع بعضها ولا غنى لجزء عن الآخر، لأن هذا مكمن جمالها. مستقبل لبنان لا يمكن أن يكون إلا من صنع اللبنانيين أنفسهم، والبحث عن قواسم مشتركة والإبتعاد عن التأثيرات الخارجية قدر الإمكان، يساهمان في تقريب المسافات وتضييق مساحات الإختلاف في ما بينهم.
كيف تقيّمين الدعم المصري للبنان؟
مصر تقف دائماً الى جانب لبنان، عالحلوة والمرّة، وكان لها أيادي بيضاء في مساعدة لبنان بعد كارثة انفجار المرفأ. وأقدّر كثيراً وأثمّن عالياً الكلمة التي ألقاها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في المؤتمر الدولي الثالث لدعم الشعب اللبناني الذي نظمته فرنسا والأمم المتحدة بمشاركة عدد من رؤساء الدول والحكومات، وأشكره على قوله "بأنّ لبنان كان دائماً منارة للثقافة والفن والفكر ورافداً من روافد الإبداع العربي، وأنّه لا يزال قادراً بعزيمة أبنائه على النهوض من الكبوة الحالية والعودة مجدداً ليكون مزدهراً وفريداً كما نحب أن نراه، كما أن يد مصر ممدودة للتكاتف وتسخير كل إمكانياتها لدعم لبنان، كما أن مصر أطلقت جسراً جوياً لمساعدة لبنان، عبارة عن مساعدة طبية وغذائية أهمها الدقيق، والطواقم الطبية، بالإضافة الى الإسهام في مواد إعادة الإعمار، وهنا لا بدّ من التنويه بالجهود الجبارة التي بذلها الرئيس السيسي والتي أثمرت ازدهاراً ورفاهية للشعب المصري الشقيق.
ما هي رسالتك للشعب اللبناني والعربي من أجل الانتصار على التحديات التي تشهدها المنطقة العربية؟
بالتعاون والتضامن العربي يمكن تحويل التحديات الى فرص، ولعل هذا أحوج ما تحتاجه الشعوب العربية في هذه الظروف بالذات. إن الإتحاد قوة، والتجارب في العالم خير دليل على ذلك، من هنا أهمية وضع استراتيجيات عربية مشتركة على مختلف الأصعدة السياسية والإقتصادية والإجتماعية وغيرها للنهوض بأوطاننا ومواكبة التغيّرات في العالم، كما أن جامعة الدول العربية يمكن أن تكون بيئة حاضنة لترجمة هذا التعاون العربي وتعزيزه، وهذا ما تنتظره الشعوب العربية وتتطلع إليه وتأمل في تحقيقه.