نواصل سلسلة "حياة المصريين" مع موسوعة قصة الحضارة لـ ول ديورانت، ونتوقف مع طرق الحكومات ودورها فى مصر القديمة، حيث يقول ول ديورانت:
كانت الحكومة المصرية من أحسن الحكومات نظاماً، وكانت أطول حياة من أية حكومة أخرى فى التاريخ، وكان الوزير على رأس الإدارة كلها، يشغل منصب رئيس الوزراء، وقاضى القضاة، ورئيس بيت المال، وكان الملجأ الأخير للمتقاضين لا يعلو عليه فى هذا إلا الملك نفسه.
وترى الوزير فى نقش على أحد القبور يخرج من بيته فى الصباح الباكر "ليستمع إلى مظالم الفقراء ويصغى " كما هو وارد فى النقش "إلى ما يقول الناس فى مطالبهم، لا يميز فيها بين الحقير والعظيم" وقد وصلت إلينا بردية مدهشة من عهد الإمبراطورية تحتوى كما تقول هى نفسها على صورة الخطاب الذى كان يلقيه الملك حين يعين الوزير فى منصبه (ولربما كان هذا الخطاب قطعة أدبية من وضع كاتبها نفسه):
"اجعل عينك على مكتب الوزير، وراقب كل ما يحدث فيه. واعلم أنه هو الدعامة التى تستند إليها جميع البلاد، ليست الوزارة حلوة، بل هى مرة، واعلم أنها ليست إظهار الاحترام الشخصى للأمراء والمستشارين، وليست وسيلة لاتخاذ الناس أيا كانوا عبيدا، انظر، إذا جاءك مستنصف من مصر العليا أو السفلى، فاحرص على أن يجرى القانون مجراه فى كل شىء، وأن يتبع فى كل شيء العرف السائد فى بلده، وأن (يعطى كل إنسان) حقه، واعلم أن المحاباة بغيضة إلى الإله، فانظر إلى من تعرفه نظرتك إلى من لا تعرفه، وإلى المقربين إلى الملك نظرتك إلى البعيدين عن (بيته)، انظر، إن الأمير الذى يفعل هذا سيبقى هنا فى هذا المكان. وليكن ما يخافه الناس من الأمير أنه يعدل فى حكمه. ارع القواعد المفروضة عليك".
وكان الملك نفسه هو المحكمة العليا، يستطاع رفع كل قضية إليه فى أحوال معينة، إذا لم يعبأ المدعى بما يطلبه رفعها إليه من النفقات، وتمثل بعض النقوش القديمة "البيت الأعظم" الذى يجلس فيه للحكم والذى تتجمع فيه دواوين الحكومة.
وقد اشتقت من اسم هذا البيت الأعظم الذى كان المصريون يطلقون عليه لفظ "بيرو" والذى ترجمه اليهود إلى فرعوه، اشتق من اسمه هذا لقب الملك نفسه، وفى هذا البيت كان الملك يضطلع بواجبة الشاق الرتيب من الأعمال التنفيذية، التى كانت فى بعض الأحيان لا تقل فى كثرتها وفيما تتطلبه من جهود عن أعمال شندرا جويتا أو لويس الرابع عشر أو نابليون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة