فى الوقت الذى يخوض العالم مواجهة مع الموجة الرابعة لفيروس كوفيد - 19، باللقاحات والعلاجات، لا تزال هناك الكثير من الأسئلة المتعلقة بالفيروس التاجى الأكثر إثارة وغموضا، وبعد شهور يدخل العالم السنة الثالثة مع الجائحة، ويتواصل تهديد الفيروس وتستمر جهود إقناع المواطنين فى العالم بتلقى اللقاحات وسط رفض وتردد من فئات مختلفة، خاصة أن بعض الدول التى لقحت أكثر من 75% من مواطنيها لم تتراجع عن الإغلاق أو تخفف الإجراءات الاحترازية مثلما كان الإعلان قبل تلقى اللقاحات، فقد كان المعلن أن تلقيح ثلاثة أرباع المواطنين فى أى بلد أو إصابة هذا العدد من شأنه أن يحقق «مناعة القطيع»، ومع ظهور متحور دلتا وغيره من الطفرات بدا الأمر أكثر صعوبة، وانتقلت المناقشات حول مدى كفاءة اللقاحات المتوافرة فى العالم للوقاية من دلتا، وأغلب الآراء تشير إلى أن اللقاحات وإن لم تمنع الإصابة، لكنها تساعد فى تحمل الأعراض وتقلل من الوفيات.
لكن فى خطوط موازية استمرت على مدى الشهور منذ ظهور كوفيد، أسئلة حول منشأ كوفيد - 19، وهل هو فيروس مخلق جينيا، أو نتاج تجارب لحرب بيولوجية، أم أنه فيروس عادى تحور وانتقل من الحيوانات للبشر، وبعد شهور من البحث، ظهر تقرير استخبارى أمريكى ينفى وجود أى اشتباه فى تخليق الفيروس، وفى 24 أغسطس الماضى، تسلَّم الرئيس الأمريكى جو بايدن تقرير التحقيقات السرى حول منشأ فيروس «سارس-كوف-2»، ونشرت منه نسخة غير سرية خرجت إلى الصحف، التحقيقات أجراها مجتمع الاستخبارات الأمريكى على مدار 90 يومًا للوقوف حول منشأ فيروس كوفيد - 19 وجاءت النتيجة الأبرز من بين النتائج التى اشتمل عليها التقرير، أن فيروس «سارس-كوف-2» لم يطور بقصد استخدامه سلاحا بيولوجيا، واستبعدت معظم الأجهزة أن يكون الفيروس قد جرى تخليقه بوسائل الهندسة الوراثية.
مجلة نيتشر العلمية نشرت تقريرا حول تقرير الاستحبارات الأمريكية، وأشارت إلى أنه منذ ظهور «كوفيد - 19» انقسمت آراء أجهزة الاستخبارات، وحتى الجهاز الواحد، وفى عهد الرئيس السابق دونالد ترامب تبنى وزير الخارجية آنذاك، مايك بومبيو، ومعه عدد من مسؤولى الوزارة، أن الحكومة الصينية تقف وراء تفشى الفيروس، وأنه قد يكون سلاحا بيولوجيا، لكن مجتمع الاستخبارات أصدر بيانا فى أبريل 2020، نفى أن يكون كوفيد - 19 من صنع البشر، أو تعديل جينى، واعتبر أعضاء بالخارجية وقتها أن الاستنتاجات متسرعة، بينما ردت الصين وقتها بحسم متهمة الولايات المتحدة بتسييس الاتهامات والتعامل مع الفيروس، وأن هذا لا يفيد عمليات البحث والمواجهة.
بعد نشر التقرير أصدر الرئيس الأمريكى بيانا، انتقد فيه الصين لعدم تعاونها، وطالب المسؤولين الصينيين بإظهار التعاون الكامل فى المرحلة الثانية من التحقيقات، التى ستجريها منظمة الصحة العالمية، وفى يوليو الماضى، أعلن تيدروس أدهانوم جيبريسوس، مدير منظمة الصحة العالمية، عن دراسة استقصائية لتتبع الفيروس فى الحيوانات الحية فى أسواق ووهان، وتفتيش على أنشطة معهد ووهان لأبحاث الفيروسات، وأبدى تسونج يوشين، نائب وزير لجنة الصحة الوطنية الصينية، ترحيبه بالمرحلة الثانية من التحقيقات، التى تعتزم منظمة الصحة العالمية إجراءها، لتتبع تاريخ أولى الحالات المسجلة لمرض «كوفيد - 19»، وأعلن موافقة بلاده على إجراء دراسات فى العديد من البلدان على حيوانات قد تكون عوائل لنقل الفيروس، ومنها الخفافيش، لكن تسونج رفض دعوة جيبريسوس لإجراء تفتيش على مختبر ووهان معتبرًا ذلك مجافيًا لقواعد المنطق والعلم، ولا تزال محاولات دول العالم مستمرة لتتبع آثار نشأة كوفيد - 19، وسبق وانقسم علماء الفيروسات الفرنسيين حول نشأة الفيروس.
وفى الوقت الذى يستمر السعى لحسم منشأ الفيروس التاجى، تتواصل جهود أخرى للبحث عن طريق لعلاج الفيروس، وسط حالة من التقاطع تجاه اللقاحات، ومدى قدرتها على حسم المواجهة مع الجائحة، فى ظل صراع السياسة والعلم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة