نفرتيتى العبور.. "مى" زوجة وأم صباحا و"سباكة" آخر اليوم.. "سوبر وومن" المدينة عمود فقرى لعائلتها ومتطوعة بالخير أيام العطلات.. جيرانها: نفخر بابنتنا وقدوة للشباب.. والزوج: أثق بزوجتى وعلمتها السواقة.. فيديو

الخميس، 02 سبتمبر 2021 07:00 م
نفرتيتى العبور.. "مى" زوجة وأم صباحا و"سباكة" آخر اليوم.. "سوبر  وومن" المدينة عمود فقرى لعائلتها ومتطوعة بالخير أيام العطلات.. جيرانها: نفخر بابنتنا وقدوة للشباب.. والزوج: أثق بزوجتى وعلمتها السواقة.. فيديو مى السباكة
كتبت - إيمان الوراقى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من بين ثمانية وعشرين حرفا للغة، قد يرى البعض المرأة إما تاء تأنيث ساكنة جدا، وإما تاء مربوطة بإحكام شديد، ويتناسون أنها «متى تمنت أرادت، ومتى أرادت فعلت»، فلا تنتظر دعم مؤسسات عاجزة، ولا وجود رجل بالمنزل حتى لو كان «عضم فى قفة» - كما يشاع فى الأمثال الشعبية - المثال الأبرز لذلك، مى جمال الشهيرة بـ«مى السباكة»، فتاة عشرينية ورثت مهنة السباكة عن والدها، وعملت معه فى حياته، واستمرت تمارسها بعد مماته، لتعيل بمفردها أسرة مكونة من خمسة أفراد، والدتها وإخوتها، وبعد زواجها وإنجابها طفلين مازالت مى العمود الفقرى للعائلة.
 
كوكتيل إبداع يسير على الأرض، فلا يقتصر نشاط بنت العبور السمراء على عمل الرجال، بل تنوع ليشمل مشاركتها فى تنمية المجتمع المدنى، من خلال العمل كمتطوعة فى جمعية الوفاء، لتتحول إلى «سوبر وومن» تجيد أشياء كثيرة، أم لطفلين صباحا، ومساء «أسطى سباكة»، وبين هذا وذاك تتطوع لعمل الخير.
 
«مى السباكة»، شبيهة الملكة «نفرتيتى»- كما يلقبها البعض- لم تحظ بقسط من التعليم أو البهجة كبنات جيلها، فمنذ نعومة أظافرها نافست الذكور فى عملهم وما يبرعون فيه، فهزمتهم، لتحقق لنفسها وأسرتها استقلالا ماديا وتوفر لهم حياة كريمة.
 
ووفقا للبيانات الأولية لبحث القـوى العاملة عام 2020، بلغت مساهمة المرأة فى قوة العمل 14.3% من إجمالى «15 سنة فأكثر»، فى حين بلغت نسبة الإناث اللاتى يعملن عملا دائما 88.0%، وأفاد المركزى للإحصاء فى بياناته لعام 2021 بأن نسبة النساء اللاتى يشغلن مهنة الإحصائيات والمهن العلمية بلغت 37.5% من إجمالى المشتغلين والمشتغلات فى الزراعة والصيد 18.6%، بينما كانت نسبة العاملات فى الخدمات ومحلات البيع 13.6%، وكانت نسبة العاملات فى المهن الحرفية هى الأقل بواقع 1.5%.

كفاح أنثى

بجسد ضئيل و23 عاما، واجهت «مى» معركة مجتمعية ترى فى خروج المرأة من بيتها عورة يجب سترها بمكوثها فى البيت، لكن النتيجة حسمت باكرا لصالحها، بعدما أقر الجميع بمهنيتها وأخلاقها لتصير سباك العبور الرسمى، بتلقائية تسرد مى قصتها: «أنا الابنة الكبرى لوالدى، بدأ بتعليمى للسباكة منذ كنت فى الثامنة من عمرى، كنت عاملة زى اللى لازقة بـ«غره»، علمنى كل شىء، بداية من الأشياء البسيطة كلحم رخامة أو إصلاح سيفون، وانتهاء بتأسيس أعمال السباكة كلها من عمل شبكة صرف كاملة للمنزل، وتركيب مواسير وربطها، وكل ما يتعلق بعملية التأسيس، وبعد وفاة والدى، بدأ الناس فى اللجوء إلى على اعتبارى سباكة محترفة، كان ذلك منذ ثلاث سنوات، والناس بتشجعنى وفخورين بيه». 
 
وعن يومها تقول: «يومى يبدأ من الساعة 6 صباحا، أرتب البيت وأفطر الولدين، وودى جمال ابنى الكبير الحضانة، وأبوهم بيروح الشغل، تكون الساعة بقت 9، باخد ابنى الصغير والعدة واطلع على الشغل، الزباين بيشيلوا ابنى وبينيموه جنب أولادهم لحد ما اخلص»، وتستطرد: «بشتغل فى مدينة العبور وأحيانا بيجيلى شغل فى أماكن تانية زى أكتوبر، بس قللت الشغل برا العبور علشان ولادى».
 
مفاجآت «مى» لا تنتهى، فلا يمكنك إلا أن تبتهج حينما تراها جالسة على مقود السيارة تقود ببراعة، وتتابع: «علمنى زوجى القيادة، رغبة منى فى التعلم ولاحتياجى وسيلة مواصلات آمنة وسهلة، خاصة أن عدة العمل ثقيلة الوزن، ولذا أستأجر سيارة «تمناية»، يتحمل الزبون نصف أجرتها، واتحمل أنا النصف الثانى».
 
وتضيف: «كنت فى بدايتى أشمئز من بعض المناظر التى أجدها وقت العمل، فنظر إلى والدى وقال: «هى الحاجات دى ريحتها وشكلها وحش إنما الفلوس اللى بتاخديها منها ريحتها بتبقى حلوة؟»، من وقتها وأنا لا أشمئز من شىء، لأنه عملى، فهمت الدرس جيدا وأعمل به حتى الآن».
 
وتتابع «ابنة العبور»: «كنت أتمنى استكمال تعليمى، تعلمت حتى عامى الثانى من المرحلة الابتدائية، ولأنى أسكن بالعبور ومدرستى كانت فى المظلات، رفض والدى ذهابى لبعد المسافة، عوضت رغبتى فى التعلم بنجاحى فى مهنتى وإخلاصى لها، وإن شاء الله سأعلم أبنائى اللى كان نفسى أتعلمه».
 
«المكافحون هم أولى العزم المتطوعون بالخير وللخير».. هكذا وصفت وفاء حسنى، رئيس رئيس إحدى الجمعيات «مى»، متابعة: «منذ 5 سنوات تأتى مى للجمعية وتتطوع لإصلاح كل الأعطال المتعلقة بالسباكة، رغم ظروفها واحتياجها المادى، ولا تتأخر علينا، بمجرد مهاتفتها تأتى وبدورنا نعاملها بكل حب، ونعتمد عليها، وتحظى باحترام الجميع، فهى مثال للزوجة المكافحة، والأم المثابرة، والعاملة المجتهدة، نادرا ما نجد شخصا يستطيع الجمع بين العمل والحياة الزوجية بنجاح، ولكن مى تجمع بين العمل وبيتها وعمل التطوع وأبنائها بنجاح ملفت، يستحق جعلها قدوة لبنات وشباب مصر».
 
وتصفها «حسنى»: «البنت الحمولة، التى امتهنت مهنة لا يتجرأ على العمل بها غير الرجال لصعوبتها، هى بنت وبتطلع بيوت للعمل بها، ورغم ذلك محافظة على نفسها وملتزمة دينيا لبسها حشمة، راقية فى التعامل، ولا يمكن لأحد أن يتجرأ عليها، كما أنها تضع لنفسها حدود ومواعيد لا تتجاوزها»، وتتابع: «أخذت على عاتقها مسؤولية أسرتها، نحن فى العبور نفخر بها، مصر فعلا عظيمة ببناتها، ما تفعله مى هو ما يفعله السيد الرئيس السيسى من تمكين المرأة اقتصاديا، خاصة أن نسبة السيدات المعيلات ارتفعت جدا لما يزيد عن 3 ملايين أسرة تعيلهم امرأة، حالة مى تطبيق عملى وتجربة ملهمة وقدوة تستفز كل شباب جيلها للاقتداء بها». 

أنثى فى البيت وخارجه رجل

بثقة تعبر مى عن نفسها: «فى بيتى أنثى تضع الماكياج، وتهتم بنفسها وأولادها»، وتعلل ذلك بقولها: «لأن زوجى له حق وما ذنب أبنائى، أهتم بمظهرى، بل أحرص على طاعة زوجى والاهتمام به، تربطنى به علاقة صداقة أكثر منها زوجية، يثق فيه ثقة عمياء، أنا بخلص له وبفضله على كل حاجة هو وولادى وبيتى، أنا بعمل كل ده علشانهم أصلا».
 
ويصف محمد سيد محمد زوجته: «مى ست الستات أنثى جميلة ورقيقة وحنينة، هى السند والصديقة والأم، أثق بها وتصوننى فى غيابى زى حضورى، بحاول أساعدها فى توفير مواصلات آمنة لها، وإنى احترمها ومتقلش عليها، يعنى لو رجعت من الشغل مرهقة بساعدها فى تجهيز الأكل واللعب مع الأولاد، مى زوجة مثالية ورافعة راسى، وأفتخر بها، وجميع أهلى يحبونها ويعاملونها بلطف، وبالطبع لا أجد حرجا من عملها فهى مصدر فخر لى».
 
ويضيف أشرف فهمى خال مى: «هى الأحب إلى قلبى، بنت من صغرها حمولة وجدعة، ورغم ظروفها الصعبة، فإنها أنثى تهتم بى وتقدر وقوفى بجوارها فى زواجها بعد وفاة والدها»، ويتابع: «الخال والد، وأنا الآن والدها، بنت يتقال عليها بنت جدعة بنت بلد، شقيانة بمية راجل، ناسية نفسها ومركزة معانا، كانت الأول بتشقى علشان خاطر أمها وأخواتها، وحاليا شقيانة علشان خاطر عيالها، هى شمعة تحترق من أجل الآخرين».

نفرتيتى العبور

كما يقال فى المثل الشعبى «العرق يمد لسابع جد»، أطلق أهالى العبور على مى السباكة لقب «نفرتيتى» أى الجميلة، لتشابه بينها وبين الملكة الأشهر زوجة الملك المصرى أمنحوتب الرابع المشهور باسم «إخناتون»، فغير السمرة التى تكسو وجهها، تميزت مى بملامح فرعونية منحوتة، كذلك عزيمة ملكية وقدرة ملفتة على النجاح، وقوة فى الأداء ورثتها عن جدتها نفرتيتى.
 
تقول مى: «البعض يشبهنى بنفرتيتى، وأفتخر بفرعونيتى وأصلى، ولما الناس يقولولى كده، بحس إنى قوية وجدعة زى ملكات الفراعنة اللى كانوا بيحكموا زمان مصر، الملكة منهم زى رئيس الجمهورية فى وقتنا الحالى».
 
وقال المهندس خلاف علام صاحب إحدى الشركات : «أعرف مى ومن هى طفلة بتيجى مع والدها تشترى أدوات سباكة، اكتسبت منه خبرة كبيرة هى تعرف كل الأدوات بمختلف أشكالها وأنواعها، شالت هى مسؤولية العمل بعده، بنت جدعة شايلة مسؤولية نفسها وإخواتها، مشفناش منها غير كل مواقف الرجولة فى أنثى، هى بنت جدعة وحمولة».
 
ويتابع: «هى كالملكة لها هيبة ومحبة فى قلوبنا جميعا، عندما نراها نلبى طلباتها، ولا تقف فى طابور أو ندعها تتأخر، بل يكون لها الأولوية فى سرعة الشراء والمغادرة، حتى لا تتأخر على أولادها، شباب المنطقة لو أحد نظر إليها نظرة غير جيدة تستطيع أخذ حقها، كلنا معاها قلبا وقالبا، رغم أنها بالفعل تشبه الملكة نفرتيتى، فإننا كلنا فخورون بها ونعاملها كأنها راجل». 

مشاكل المهنة

كل عمل له مصاعب، وعن مصاعب عملها تحكى مى: أعمل عملا حرا ولا أعرف نقابة ألجأ إليها حين حدوث مشكلة، ولذلك أحيانا ربما يصادفنى أن البعض «يستكتر» علىّ أجرتى ويقللها للنصف، لأنى بنت، و«ممكن المقاولين ياخدوا نص يومياتنا وعلشان كده أضطر للعمل لوحدى، أيضا أسعار البضاعة متفاوتة فى محلات الأدوات الصحية.. فأين الرقابة».
 

حياة كريمة

ناشد شعبان خليفة، رئيس النقابة الخاصة، العاملين بمهنة السباكة سرعة التوجه إلى مكاتب التأمينات الاجتماعية، على اعتبار أنهم عمالة غير منتظمة، وتقديم طلب التأمين على أنفسهم، بعد ما اتخذت القيادة السياسية قرارا بمد مظلة الحماية الاجتماعية إليهم، حيث نص الدستور المصرى 2014، فى المادة 17 على: «تكفل الدولة توفير خدمات التأمين الاجتماعى، ولكل مواطن لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعى الحق فى الضمان الاجتماعى، بما يضمن له حياة كريمة، إذا لم يكن قادرا على إعالة نفسه وأسرته، وفى حالات العجز عن العمل والشيخوخة والبطالة».
 
وتابع: تعمل الدولة على توفير معاش مناسب لصغار الفلاحين، والعمال الزراعيين والصيادين، والعمالة غير المنتظمة وفقا للقانون، ونص قانون رقم 148 لسنة 2019م قانون التأمينات الاجتماعية، على تخفيض نسب اشتراكات التأمين الاجتماعى، وعلى الأخص العمالة غير المنتظمة بإعفائهم من حصة صاحب العمل، التى تتكفل بها الخزانة العامة للدولة، بحيث يتحمل السباك 9% فقط، وتتحمل الخزانة العامة للدولة 12%، مثال «إذا قام السباك بالتأمين على نفسه بمبلغ 1200جنيه كأجر شهرى، يدفع 108 جنيهات، نسبة 9% حصة السباق، وتتحمل الخزانة العامة للدولة مبلغ 144جنيها، حصة صاحب العمل لصالح العامل، حتى يتقاضى معاشا محترما يحيا به السباك أو العامل غير المنتظم حياة كريمة بعد بلوغه سن المعاش.
 
2
 

 

4
 

 

11

 

13
 
p.4






مشاركة



الموضوعات المتعلقة


لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة