فى الوقت الذى ينشغل العالم بمواجهة فيروس كورونا، وتنشغل الدول الكبرى بقضاياها ومنافساتها، تتمسك مصر بثوابت سياستها الإقليمية والدولية تجاه القضايا المختلفة، وفى القلب منها القضية الفلسطينية.
لم تتوقف جهود الدولة المصرية عن طرح ودعم الحقوق الفلسطينية فى كل المحافل، والتحرك على أكثر من محور، ضمن التشابكات الإقليمية والدولية، فيما يتعلق بعملية السلام وتثبيت التهدئة عقب التصعيد فى الأراضى الفلسطينية فى مايو الماضى، حيث نجحت المبادرة المصرية فى وقف المواجهة، واستمرت الجهود لمعالجة الملفات المتصلة لضمان استمرار الهدنة، مع إعادة الدفع لإحياء عملية السلام، وعلى جانب آخر واصلت الدولة المصرية جهودها لإصلاح الداخل الفلسطينى، ودعم المصالحة بين الفصائل حتى يمكن للفلسطينيين أن يذهبوا معا الى أى مفاوضات.
القمة المصرية الأردنية الفلسطينية التى عقدت بالقاهرة أمس الخميس، تأتى فى هذا السياق، حيث استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى كلا من الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبو مازن، والملك عبدالله الثانى بن الحسين، ملك الأردن، تلتها - حسبما أعلن المتحدث باسم الرئاسة السفير بسام راضى - جلسة ضمت وفود الدول الثلاث، لتنسيق المواقف والرؤى إزاء الموضوعات التى تمثل الأساس الحقيقى لاستقرار المنطقة وتحظى بالأولوية لدى الشعب العربى، بناء على المستجدات التى طرأت مؤخرا فيما يتعلق بعملية السلام واستمرار تثبيت التهدئة القائمة منذ مواجهات مايو الماضى.
المباحثات - حسب المتحدث الرسمى - شهدت مناقشة مستجدات الموقف فى الأراضى الفلسطينية، وعلى المستويين الإقليمى والدولى، وعكست مدى التقارب فى وجهات النظر بين كل من مصر والأردن وفلسطين حيال مجمل القضايا، و أكدت على المواقف الثابتة لمصر والأردن من دعم دولة فلسطين والرئيس محمود عباس، إزاء أية تحركات أو إجراءات من شأنها المساس بثوابت القضية الفلسطينية، أو إحداث أى تغيير أحادى على الأرض من شأنه المساس بحق الشعب الفلسطينى فى الحصول على دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ومن ثم أهمية تكاتف جميع الجهود من الأشقاء والشركاء للعمل على إحياء عملية السلام واستئناف المفاوضات وفق مرجعيات الشرعية الدولية، أخذا فى الاعتبار التبعات الجسيمة من عدم حل القضية الفلسطينية على أمن واستقرار المنطقة بالكامل.
الرئيس عبدالفتاح السيسى، دائما يؤكد استمرار جهود مصر بالتنسيق الوثيق مع الفلسطينيين، بهدف مساعدة الشعب الفلسطينى على استعادة حقوقه المشروعة وفق مرجعيات الشرعية الدولية، ويشدد على أهمية تكاتف كل الجهود لدعم الموقف الفلسطينى تجاه التسوية السياسية، والدفع نحو استئناف المفاوضات، فضلا عن تثبيت الهدنة بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى.
وأن يتم ذلك بالتوازى مع العمل على تحقيق وحدة الصف الفلسطينى من خلال إتمام عملية المصالحة والتوافق بين جميع القوى والفصائل الفلسطينية، ودعم دور السلطة فى قطاع غزة، وتحسين الأوضاع الإنسانية والمعيشية والاقتصادية بالقطاع.
الرئيس الفلسطينى محمود عباس أشاد بدور مصر التاريخى، وما يتميز به من ثبات واستمرارية بهدف التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، تجلى مؤخرا فى الدور الفاعل فى التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، وما تبعه من مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى لإعادة إعمار غزة، فى إشارة إلى قرار الرئيس بتوجيه الشركات المصرية لإعمار غزة فى أعقاب الهدنة.
والواقع أن مصر تتحرك تجاه القضية الفلسطينية بناء على تأثيرها الإقليمى، ونفوذها، من خلال رصيد الثقة الإقليمية والدولية التى تحوزها القاهرة، من كل الأطراف، وبالطبع فإن مصر والأردن، دولتان لهما موقع ودور محورى فى القضية الفلسطينية، وفى كل الموضوعات والقضايا القائمة، فيما يتعلق بالعراق والتنسيق الثلاثى بين القاهرة عمان وبغداد، وطبعا باقى الأوضاع فى لبنان وليبيا واليمن وغيرها من الأقطار العربية. وتنطلق مصر من رؤية شاملة لدعم الحوار السياسى وتقليل الصراع، ودعم الدول الوطنية وإبعاد ورفض التدخلات الخارجية، وتحظى الرؤية المصرية بثقة إقليمية ودولية، لأنها تتحرك بلا أطماع، وإنما من منطلق الدولة ذات الثقل، والنفوذ القائم على الرشد والاتساق، وهو ما يجعل القمة الثلاثية بالقاهرة هى قمة المتابعة والتأكيد على الثوابت العربية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
p