أحمد إبراهيم الشريف

أبناء حورة.. حرب الحكايات كما يدونها عبد الرحيم كمال

الإثنين، 03 يناير 2022 02:20 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الخيال جزء أساسى من العقلية العربية، هذا حق، مهما حاول المغرضون وأصحاب الفكر المتطرف أن يوحوا لنا بأننا أبناء الحدة والمعنى الواحد والمنطق الميت، تثبت الكتابة الجميلة وتقبلنا لها أننا أبناء الأحلام والحكايات الشعبية، هذا ما فكرت فيه بعدما انتهيت من رواية "أبناء حورة" للكاتب عبد الرحيم كمال، الصادرة عن دار نشر الكرمة.

رواية "أبناء حورة" خيال قادم من رحم ألف ليلة وليلة، وفى الوقت نفسه تملك الرواية منطقا خاصا بها، فما أن تدخل إلى عالمها حتى تقع فى سحر الحكى وتفكر بالطريقة نفسها، فتتقبل كل ما يجرى، كائنات برؤوس إنسية وأجساد طير وأخرى على عكسها تماما برؤوس طير وأجساد إنسية، كائنات بحرية تتحدث وتفكر وأشجار تسمع وتطيع وأزمنة تتوالى وأحداث تقع وحكايات متداخلة، بينما الحب بأشكاله المتنوعة هو المنجى الوحيد من الشرور.

إن العالم الذى يقدمه عبد الرحيم كمال فى أبناء حورة يستحق وقفة وتأملا، فعلى الرغم من كونه عالما مستقبليا يأتى بعد انتهاء الأوبئة، لكن الملاحظ أنه لا يبنيه على فكرة الخيال العلمى، بل على فكرة الخيال الحكائى الشعبى ، بمعنى أن عناصر هذا العالم تبدو كأنها تعود للماضى، فالحكاء هو الشخص الأهم فى هذا العالم، هو من يتحرك بالأحداث للأمام، وهو المُطارد الذى يدفع الثمن دائما، والحكاءون هنا متعددون، فلدينا (نبيل السماك وحليم الخردواتى) وكتابهما الذى صار حجر زاوية فى شخصية مصر، حتى أن الأعداء لا هم لهم سوى محاولة سرقته والقضاء عليه، ولدينا (غلاب العدنانى وزوجته أروى ومن بعدهما الابن رماح وابنته حكاية)، وفى هذه الأسرة يتحقق لنا ما يمكن أن نطلق عليه (الحكاية الإطار) فهم من يروون لنا قصة (حوره وأبنائها)، وفى الوقت نفسه هم جزء أساسى فى الرواية، يظهرون أحيانا متجاورين مع أبطال القصة التى يروونها.

والرواية بها حس روايات الأجيال، فالأبطال الذين بدأنا معهم لم ننته معهم، بل انتهينا مع أبنائهم وأحيانًا مع أحفادهم، ولكل شخص حكايته الخاصة، وطبيعة شخصيته المختلفة، منهم الخيِّر ومنهم الشرير منهم من يملك الرؤية ومنهم من ضاقت عليه السبل، كما أن لكل واحد مصيره الذى يدعونا للتأمل، ولعل حياة الحاكم أمجد، حاكم بلاد اللاجئين، وموته، يكشف بصورة واضحة أن عبد الرحيم كمال كان مهتما ببناء شخصياته وأن الأمر ليس مجرد رصد لأحداث غرائبية.

وبمناسبة الموت يظل مشهد موت "الرياحى وزوجته عُليَّا" أبرز المشاهد العالقة في الذهن في الرواية، فقد كتبه عبد الرحيم كمال بعين مشهدية "درامية" كأنما يكتبه مباشرة للسينما ويعرف مدى تأثيره على المشاهد.

وفي الرواية يراهن عبد الرحيم كمال على قيم معينة يبثها في ثنايا الرواية، منها أن الحرب المقبلة ستكون على المعرفة، وأن التشويه سيكون مرتبطا بسرقة التاريخ، وأن الحب منجاة من الخوف وأن العشق يحقق المنى.

وفى النهاية أتمنى من عبد الرحيم كمال أن يسعى لإعداد الرواية لعمل فنى، وفى ظنى ستكون معامرة ناجحة، وستضيف إلى عالمنا الدرامى جديدا وتمثل نقلة مهمة.







مشاركة



الموضوعات المتعلقة

جيل مثقف.. يا وزارة الثقافة

الأحد، 02 يناير 2022 12:20 م

صخرة سيزيف

الأربعاء، 29 ديسمبر 2021 12:53 م

المدينة المفقودة

الثلاثاء، 28 ديسمبر 2021 11:42 ص

مصطفى محمود .. مائة عام من الشغف

الإثنين، 27 ديسمبر 2021 10:24 ص



الرجوع الى أعلى الصفحة