احمد عرفه

أطفالنا في خطر.. هل نستطيع إنتاج بكار وبوجي وطمطم بشكل عصري؟

الأربعاء، 12 أكتوبر 2022 09:19 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لن أنسى تلك الأيام التي كنت فيها افتح التلفاز، وقد تجمعت الأسرة حول الطبلية، لنشاهد بوجى وطمطم، وبكار، وعالم سمسم، وسندباد، وقصص الأنبياء، والمغامرون الخمسة، وغيرها من برامج ومسلسلات الأطفال، التي ساهمت بشكل كبير في تشكيل شخصيتنا كجيل من الأطفال عاش فترة التسعينيات وبداية الألفية الجديدة ضمن مرحلة الطفولة، وارتبطنا بها كثيرا، بل إن بعض شخصيات الكرتون في تلك البرامج والمسلسلات ما زالت عالقة في أذهاننا، وتشعرنا بالحنين للماضى عندما يعاد بث تلك المسلسلات في قناة "ماسبيرو زمان"، ونتمنى أن يعيش أولادنا نفس هذا الزمن الجميل الذى عيشناه واستمتعنا به من برامج هادفة، تعلمنا منها الكثير.

 

إقرأ أيضا

"الإعلام وتشكيل شخصية الطفل".. كيف نوجه أطفالنا عبر برامج هادفة؟.. الكاتبة سماح أبو بكر عزت فى حوار لـ"اليوم السابع": اختلاف كبير بين أطفال الماضى والحاضر.. و"رحلة سعيدة" ضم اللعب والحواديت والمعلومات

حديثى هذا يأتي بالتزامن مع إعلان الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، إطلاق أكبر مشروع محتوى أطفال فى الإعلام العربى من خلال خريطة برامجية ودراما وأعمال كارتونية موجهة للأطفال بمختلف مراحلهم العمرية، وبدأت بالفعل ببرنامج رحلة سعيدة ،الذى يذاع على قناة سى بى سى يومى الجمعة والسبت الساعة العاشرة صباحا، كما أعلنت إطلاقها أكبر شركة إنتاج متخصصة فى محتوى الطفل بكافة مستوياته وهى "نبتة " ستبدأ بـ7 أعمال كبرى سواء برامجية أو كارتونية أو عرائس، ومسابقات ومفاجآت كبرى سيتم الإعلان عنها قريبا والتى ستصبح رائدة فى مجال محتوى الطفل على كافة المستويات.

 

"الإعلام وتشكيل شخصية الطفل".. أشرف نصر كبير مخرجى التلفزيون المصرى لليوم السابع: ليس كل مضمون يستوعبه الطفل.. برامج الأطفال تتطلب دراسة فنون العمل التلفزيونى والعلوم التربوية.. وهذه كواليس إنتاج عالم سمسم

 

على مدار عدة حلقات تحت عنوان "الإعلام وتشكيل شخصية الطفل"، المنشورة على موقع "اليوم السابع" تحدثنا فيها عن إلى أي مدى يستطيع الإعلام أن يشكل شخصية الأطفال وينمى موهبتهم، كما ناقشنا من كافة جوانب الاختلاف الذى شهده صناعة المحتوى الموجه للأطفال الآن عن السابق، وإلى أي مدى كانت برامج الأطفال والكرتون قادر على التأثير على الأطفال،  ولماذا لم تعد تؤثر عليهم الآن؟ كما تحدثنا عن خطورة متابعة الأطفال للأفلام الأجنبية المدبلجة لما تحويه من مفاهيم وثقافات مختلفة بشكل كلى عن ثقافتنا بل وقد تساهم في تغذية دوافع العنف لديهم، خاصة لاحتواء بعض تلك الأفلام على مشاهد عنيفة لا تناسب الأطفال على الإطلاق.

 

الإعلام وتشكيل شخصية الطفل.. الإعلامية داليا ناصر لـ"اليوم السابع": الطفل الآن يختلف عن الماضى ويتجه للأفضل إذا وجهنا اهتماماته.. السوشيال ميديا نشرت ثقافات غريبة داخل عقول أبنائنا.. ولا ينجذبون لبوجى وطمطم

 

لماذا يعد إنتاج برامج للأطفال تناسب هذا العصر أمرا مهما للغاية؟ ببساطة الأطفال هم المستقبل، والقدرة على تشكيل ثقافاتهم وتغذية انتماءاتهم بوطنهم وتعليمهم مفاهيم صحيحة وسليمة، سينعكس على شخصية هذا الطفل عندما يكبر وبالتالي يكون إنسانا مفيدا لمجتمعه، كما أن تلك البرامج ستكون قادرة على وقف متابعة الطفل للأفلام الأجنبية التي لا تناسب مجتمعاتنا.

 

"الإعلام وتشكيل شخصية الطفل" شويكار خليفة رائدة الرسوم المتحركة لليوم السابع: الأطفال يحبون اللعب ويحتاجون برامج تشجعهم على الابتسامة وتقدم رسالة بدم خفيف.. والسيناريو لا بد أن يكون مبتكرا وطريقة التقديم مبدعة

 

ألا عدنا للماضى، منذ ستينيات القرن العشرين، وألقينا نظرة على طبيعة برامج الأطفال التي كان يتم إذاعتها على الإذاعة أو بثها عبر التليفزيون، مثل غنوة وحدوتة لأبلة فضيلة، وعصافير الجنة للماما سلوى " الإعلامية سلوى حجازى"، والذى تطور بشخصية "بقلظ" مع الإعلامية نجوى إبراهيم، وعروسى لماما سامية" الإعلامية سامية شرابى"، ثم تطور المحتوى لنشهد بعد ذلك شخصيات كرتونية كبكار وسندباد والمغامرون الخمسة، وهنادى، ثم يتم الدمج بين الشخصيات الكرتونية والفنانين مثلما حدث مع بوجى وطمطم وعالم سمسم، كلها برامج عاشت مع الأطفال لسنوات عديدة، وتربى على يديها أجيال متلاحقة.

 

"الإعلام وتشكيل شخصية الطفل" الدكتورة نعيمة حسن رئيس إدارة الأطفال بالبرنامج العام السابق لـ"اليوم السابع": الإذاعة أنشأت أجيالا من الأطفال منذ أبلة فضيلة.. وتؤكد: ضرورى نطور مضمون البرامج وطريقة تقديمها

 

تاريخ مصر مع الكرتون يعود لعقود عديدة، فبداية فن الرسوم المتحركة بمصر ظهر في عام ‏1935‏، من خلال  الأخوة فرانكل، اللذان ‏تمكنا من إنتاج العديد من الأعمال وترسيخ شخصية كرتونية مصرية باسم مشمش أفندي، فمصر رائدة في هذا المجال، وتمكنت من صناعة محتوى رائدا ليس في العالم العربى فقط بل في الشرق الأوسط وأفريقيا.

 

"الإعلام وتشكيل شخصية الطفل".. الفنانة سلوى محمد على في حوار خاص: اعتمدنا في عالم سمسم على علماء تربويين.. شخصية الطفل الحالى متطورة عن السابق وأكثر قوة.. ويجب تطوير نوعية الكارتون والأمهات يحتجن توعية كبيرة

 

الخطورة التي شهدناها خلال السنوات الأخيرة هو سيطرة أفلام كرتون ديزنى على الأطفال، التي تحتوى أفلامها على مشاهد للعنف كثيرة، بل تم وقف بثها في مصر وعدة دول عربية بعد إعلانها صناعة شخصيات مثلية جنسيا في محتواها المقدم، بجانب ظهور قنوات أطفال تبحث هذه الأفلام بغزارة، ما تحويه من مشاهد عنف، بل إن تلك القنوات تبحث مادتها على مدار 24 ساعة يوميا، ومع التطور التكنولوجى الكبير في العصر الحديث، أصبح من الصعب مراقبة الأطفال ومعرفة ما الذى يتابعونه من مواد إعلامية، خاصة أن الكثيرين منهم لديهم موبايلات شخصية وتابلت، وبالتالي أصبح من الصعب السيطرة على ما يتم بثه للأطفال، فماذا لو شاهد أحد أولياء الأمور ابنه وقد قلد مشهدا عنيفا قد شاهده في أحد الأفلام، أو أن أصبح لديه ثقافة داعمة للشذوذ الجنسى بحكم متابعه لأفلام ديزنى، فكل هذا يشكل خطورة كبيرة على أبنائنا.

 

الإعلام وتشكيل شخصية الطفل.. الإعلامية زهرة رامى فى حوار خاص مع "اليوم السابع": كل جيل له لغته الخاصة.. برامج الأطفال القديمة تصلح للأطفال حتى سن 4 سنوات فقط.. وأحاول من خلال "رحلة سعيدة" الحديث مع الأسرة كاملة

 

كل هذا يزيد من ضرورة الاهتمام بإنتاج محتوى للأطفال جديد يناسب عقولهم، ويتواكب مع التطور الحديث، وقادر على تشويق الأطفال وسحب البساط من أفلام ديزنى، خاصة في ظل تأكيد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، بأن 78% من الأطفال يعانون من آثار نفسية بعد مشاهدة الرسوم المتحركة، ففي 3 يناير 2022، أصدر المركز تحليلاً معلوماتياً حول الأفلام الكرتونية ومدى تأثير مشاهدتها على السلوك الاجتماعي للأطفال، حيث أوضح المركز في تحليله أنه مع تطور وتنوع تقنيات التواصل والاتصال، فقد أصبح الطفل في مراحل الطفولة المختلفة جمهورًا مستهدفًا، ويعد الكرتون سلاحًا ذا حدين؛ حيث يمكن أن يدمر الأطفال من خلال التعرض المفرط لمحتوى العنف وغيره من السلبيات، أو يمكن أن يساعد في تربية طفل متوازن بحالة نفسية سليمة، كما أنه يمكن أن تكون الرسوم المتحركة بمثابة مدرسة منزلية، لتعليم الطفل تجربة الحياة، كما كشف المركز أن 70% من الأطفال يغيروا لغتهم بعد مشاهدة الرسوم المتحركة، بالإضافة إلى ذلك فقد أثبتت الدراسات أن 70% من الأطفال أيضاً تغير سلوكهم بعد مشاهدة الأفلام الكرتونية، حيث يظهرون سلوكًا عدوانيًّا ويستخدمون الأساليب نفسها التي شاهدوها من خلال الرسوم المتحركة.

 

لإنتاج محتوى يفيد الأطفال ،لابد من معرفة ما الذى أصبح يبحث عنه الأطفال، والأسباب التي جعلت الكثيرين منهم يتجه نحو الأفلام الأجنبية المدبلجة، بجانب الوقت المسموح أيضا لمتابعة الأفلام للكرتون، خاصة عندما تعلم أن الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال أكدت في دراسة لها، أن الأطفال من عمر 18 شهرًا إلى 24 شهرًا يحتاجون لمشاهدة المحتوى لبعض الوقت مع أحد الوالدين، وأنه لا ينبغي أن يشاهد الطفل المحتوى بمفرده، لذلك فأنت بحاجة لإنتاج محتوى يشد الأسرة وليس الطفل، لتشاهده الأسرة بشكل كامل، وذات الدراسة أكدت أن الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة يحتاج ألا يزيد وقت مشاهدته على ساعة واحدة في اليوم، مع وجود البالغين لمساعدتهم على فهم ما يرونه.

 

خلال حلقات "الإعلام وتشكيل شخصية الطفل"، أكدت الشخصيات التي تم إجراء حوارات معها داخل الملف أن ما تم إنتاجه من برامج أطفال قديما لم تعد تتلائم مع أطفال الآن، بل نحتاج لتطوير كبير في المحتوى يكون قادرا على مخاطبة عقلية الطفل في الوقت الراهن، وبعض من شاركوا في تقديم برامج أطفال مثل "عالم سمسم" كشفوا أنه تم الاستعانة بأخصائيين تربويين لمراجعة المحتوى لمعرفة أي لقطة قد تؤثر على الأطفال سلبيا لحذفها، وهو ما كان أحد أبرز الأسباب لنجاح المسلسل الكرتونى، وبالتالي نجاح أي محتوى مقدم للأطفال يعتمد على الإبداع والفكرة، ومدى قدرة المحتوى على جذب الأسرة وليس الطفل فقط، لأن هذا سيكون دافعا كبيرا على تشجيع الطفل على المتابعة للمحتوى، والاعتماد على وسائل الجذب التي تشد الطفل، والقدرة على توصيل معلومات ومفاهيم وقيم بطريقة مبسطة وجاذبة، فيحب الطفل هذا المحتوى ويبدأ في حب تلك القيم والأخلاف التي تعلمها، كما تزكى لديه حب النجاح والمنافسة من خلال استخدام الألعاب التي تساهم في الذكاء، فالطفل بحاجة لمحتوى متنوع ، لا يرتبط به بمفرده بل الأسرة بالكامل، يذاع في توقيتات تكون الأسرة متاحة للتجمع به في مكان واحد، فبحسب شهادات من تم إجراء حوارات معهم خلال الملف، فإن سبب نجاح بكار وبوجى وطمطم وعالم سمسم وغيرها من برامج الكرتون الناجحة ، هو الاهتمام بالوقت الذى يتم بثه فيه لتكون الأسرة بالكامل متجمعة في مكان واحد، هنا يمكن فقط أن تشكل تلك البرامج شخصية الطفل ويتعرض لمحتوى ممتع ومفيد ينعكس عليه في المستقبل ليكون إنسانا إيجابيا لنفسه ولمجتمعه وللبشرية.

 

 

 

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة