"عشت أيام صعبة جدًا في بيت أهلي، لم أنعم بطفولتي ولا عشت سن المراهقة ولا حتى الشباب، ولأني جميلة جدًا وخلوقة الحمد لله اتقدم لي عرسان كثيرين جدًا، لكن لأني فقيرة جدا كان معظمهم أثرياء، وإما متزوجين أو مطلقين، رفضت أن أبيع نفسي في زيجة مادية، وكان عندي طموح كبير في التعليم، لكني بسبب ضيق حالنا لم يمكنني مواصلة تعليمي، نزلت واشتغلت وأصبحت أنفق على البيت مع إخوتي.
بعد فترة تقدم لي عريس شاب صغير وابن ناس وثري وأهله متمسكين بي جدًا، وفي المقابل أهلي طبعًا تحمسوا جدًا ووافقوا عليه وأنا وافقت فقط لكي أرتاح من ضغطهم ومن تعبي في العمل وظروفنا المادية السيئة.
لم اقتنع بشخصيته لكني قلت إنه صغير في السن وقد يتغير فيما بعد وأنا أفهمه أكثر. لم نتقابل كثيرًا بعد إعلان خطوبتنا لأنه من بلد أخرى بعيدة عنا. وتزوجنا بعد عدة أشهر وحينها اكتشفت أنه مدمن لكل أنواع المخدرات. بدأت معاناتي من المشاكل والذل وحاولت الانفصال أكثر من مرة وحين أصريت على الانفصال اكتشفت أنني حامل، فتراجعت من أجل طفلي وسكت لأني خفت على ابني ولأن زوجي الطرف الأقوى. لم يقتصر الأمر على الإدمان وإنما اكتشفت خيانته أكثر من مرة.
صبرت 15 سنة انغلقت على نفسي بدون أي أصدقاء أو شخص "افضفضله"، حتى جمعتني الصدفة بشاب في مجموعة للأدب وأنا محبة للقراءة جدًا، حاول أن يتعرف علي فرفضت وقلت مستحيل أتعرف عليه وصديته، ولكن محاولة بعد أخرى حدث كلام بيننا وأصر أن يساندني في مشكلتي مع زوجي، ورغم أني منعت ذلك لكنه مع الوقت جعلني أشعر أن هناك في أمل، وهناك فرصة أخرى لحياة أبدأها مع شخص يمنحني الأمان، هو ليس بنفس المستوى المادي ولكن على الأقل سأرتاح معه.
خلال الفترة التي اقتربت فيها من هذا الشاب كان زوجي منفصل عني تمامًا لكثرة المشاكل وتعاطيه المخدرات وهو كان يملك أكثر من بيت، فتركني وابني وسكن في بيت آخر يجتمع فيه مع أصحابه من دون أن أزعجه.
هذا الشاب بدأ يقنعني أن هناك فرصة لبدء حياتنا معًا، وكيف أتخلص من الزواج الباطل الذي أعيش فيه، ومنحني الكثير من الدعم وأكد أنه لن يتخلى عني وأني لست وحدي. فعلاً أصريت على الطلاق لكني لم أحصل عليه حتى الآن، وفي الوقت نفسه بدأت أرى مواقف من هذا الشاب تنفرني وتخيفني منه وردود فعل مقلقة ودائمًا عنده أسباب لتأجيل أي وعود بعدما تعلقت به حد الإدمان. يمكنني أن أرى الآن أنني دخلت في علاقة سامة سمها مشي في دمي لا أريده ولا قادرة على تجاوزه، وكلما أقطع علاقتي به نهائيًا وأقطع كل سبل التواصل معه أكثر من مرة يرفض قراري ويتمسك بي بشكل غير طبيعي ويعرف كيف يعيدني إليه لدرجة أني شعرت أنه شخص مريض. مشكلتي الآن أني غير قادرة على الاستمرار في زواج مع إيقاف التنفيذ ولا قادرة على تجاوز هذا الشاب. ساعدوني".
***
القارئة العزيزة نتفق معك في أنك عشتِ أيامًا صعبة، ولازلت بلا شك تعانين. ولكن اللافت في كل المسارات التي اتخذتها حياتك أنك من البداية تعرفين الطريق التي يجب أن تسلكينها لكنك، لافتقادك الدعم والمساندة، ترضخين في النهاية إلى ما يفرض عليك وتستسلمين وترفعين الراية البيضاء وتستسلمي لمصيرك. طلبتِ المساعدة في رسالتك ولكنك لا تحتاجين فعلاً إلى الإرشاد إلى حل بل إلى الكثير والكثير من الإرادة لتنفيذ الحلول التي وصلتِ لها بنفسك.
تؤكده ذلك الدكتورة عزة زيان استشاري العلاقات الأسرية، التي تقول لكِ إنك بالفعل اتخذت القرار الصائب بالإصرار على الانفصال من زوجك المدمن الذي لا يلبي لك أبسط احتياجاتك كزوجة ولا يوفر لك الدعم ولا الإحساس بالأمان فضلاً عن أنه شخص غير جدير بالثقة وأخطائه الكبيرة بحقك متكررة. هذا الزواج من الأساس قام على أسس خاطئة من حيث الاختيار ومن حيث دوافعك. فقد تزوجتِ هربًا من الضغوط المادية وهربًا من ضغط الأسرة والحياة معهم التي لا تشعري فيها بالراحة. لم تتحققي من أن بينكما توافق ولم تتأكدي حتى من أخلاقه وطباعه.
جزء كبير من المسؤولية أيضًا يقع على عاتق أسرتك التي غلبها الطمع ولم تتحقق من أخلاقه ولم تسأل عنه ولا عن سلوكه ولو كانوا فعلوا ذلك كانوا وفروا عليك الكثير من الألم.
كنتِ في البداية على المسار الصحيح حين طمحتِ أن تواصلي تعليمك وتركزي في طموحك لتنتشلي نفسك من الظروف المادية السيئة، وحان وقت العودة للمسار نفسه. ادعمي نفسك بالحصول على عمل مهما كان بسيطًا، من المهم أن يتوفر لكِ مصدر دخل مستقل. أصري على الانفصال من هذا الزوج غير المسؤول الذي يدمن المخدرات والخيانة، وركزي على تربية ابنك.
أما فيما يخص العلاقة الأخرى فهي خاطئة جملة وتفصيلاً وقد وصفتها بنفسك بأنها علاقة سامة. كل ما تحتاجينه للانسحاب الجاد منها هو أن تتمسكي بالإرادة وتقطعي كل سبل التواصل وكل الثغرات التي يمكن أن يصل إليك من خلالها وتتأكدي أن هذا الوضع خاطئ، ليس فقط بسبب السلوكيات المنفرة التي بدأتِ تلاحظينها ولكن لأنك، وحتى لحظة تسلمك ورقة طلاقك، امرأة متزوجة ولا ينبغي أبدًا أن تتورطي في مثل هذه العلاقة. السبب الآخر هو أنك لم تتعافي لا مما عانيتيه من أذى وألم نفسي في بيت أهلك ولا من علاقتك مع زوجك، ولا يفضل أبدًا أن تدخلي علاقة أخرى قبل التعافي الكامل من العلاقة السابقة، ففي الوقت الحالي احتياجاتك وبوصلتك مشوشة، ولن يمكنك أن تعرفي ما تريدينه فعلاً إلا بعد أن تتعافي تمامًا من الألم النفسي السابق.
يمكنك اللجوء إلى متخصص نفسي من أجل مساعدتك على تجاوز كل هذا الألم النفسي، وقد تجدي في عيادات الصحة النفسية التابعة للأمانة العامة للصحة النفسية المساعدة بأقل التكاليف. وثقي بأنك قطعت بالفعل الجزء الأكبر من الطريق نحو الحل لأنه نابع فعلاً من داخلك.
خدمة وشوشة
فى إطار حرص "اليوم السابع" على التواصل المباشر مع القراء، وتقديم الخدمات المختلفة والمتنوعة، أطلقت "اليوم السابع" خدمة "وشوشة" لتلقى أى استفسارات أو مشاكل نفسية أو اجتماعية أو تربوية، على أن يتم عرض المشكلات على الخبراء والمختصين الموثوقين ونشر الردود عبر الموقع الإلكتروني والجريدة.
يمكنكم التواصل معنا من خلال رقم واتس اب 01284142493 أو البريد الإلكترونى Washwasha@youm7.com أو الرابط المباشر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة