الهيدروجين الأخضر
الهيدروجين هو أحد أنواع الطاقة المكتشفة فى العقود الأخيرة، والتى تقوم على التحليل الكهربائى للماء من أجل فصل الهيدروجين عن الأكسجين، وهو ما يلزم توافر طاقة كهربائية من أجل إنتاجه، ويوجد نحو ٦ أنواع من الهيدروجين تختلف باختلاف مصدر الطاقة الكهربائية المستخدمة فى عملية إنتاجه ومنها الهيدروجين الرمادى، والهيدروجين الأسود، والهيدروجين الأزرق، والهيدروجين الأصفر، والهيدروجين الفيروزى، والهيدروجين الأخضر.
ويعد الهيدروجين الأخضر وقودًا خاليًا من الكربون ومصدر إنتاجه هو الماء، وتشهد عمليات الإنتاج فصل جزيئاته عن نظيرتها من الأوكسجين فى الماء، بواسطة كهرباء يتم توليدها من مصادر طاقة متجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ويعد الهيدروجين الأخضر أحد أهم مصادر الطاقة النظيفة، ولعل هذا هو سبب تسميته بالهيدروجين الأخضر، حيث يعد مصدرا نظيفا للطاقة، ويعتمد فى توليده على مصادر الطاقة المتجددة، ومن ثم لا يخرج من إنتاجه أى غازات كربونية، ويمكن استخلاص الهيدروجين من الوقود الأحفورى والكتلة الحيوية، أو المياه، أو من مزيج من الاثنين معا.
وتتجه دول العالم إلى انتاج الهيدروجين الأخضر لأنه أحد الحلول للتخلص من انبعاثات الكربون، كما أنها طاقة نظيفة صديقة للبيئة تستخدم الطاقة المتجددة النظيفة، إلا أن تكلفة المشروعات الخاصة بانتاج الهيدروجين الأخضر مكلفة للغاية نظرا للجمع بين التوليد المتجدد والوقود منخفض الكربون.
مصر والهيدروجين الأخضر فى خطوات
• يعد الهيدروجين الأخضر أحد محاور استراتيجية مصر لتكون مركزا إقليميا ودوليا للطاقة.
• يناير 2021: وقعت مصر اتفاقا مع «سيمنس» الألمانية لتنفيذ مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر.
• يوليو 2021: وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى، بإعداد استراتيجية وطنية متكاملة لإنتاج الهيدروجين الأخضر فى مصر.
• أغسطس 2021: طالب الرئيس السيسى بضرورة الاهتمام بعنصر التدريب.
• أكتوبر 2021: توقيع اتفاق بين الصندوق السيادى وشركة فيرتيجلوب وشركة سكاتك النرويجية لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
• 3 - 4 مليارات دولار قيمة مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر فى مصر.
• يوجد 6 أنواع من الهيدروجين وأشهرها الهيدروجين الأخضر والأزرق.
• يعد الغاز الطبيعى هو المصدر الأساسى لإنتاج الهيدروجين فى العالم حاليًا.
• ينتج 6% من الغاز الطبيعى العالمى نحو 75%، أو70 مليون طن من إنتاج الهيدروجين السنوى.
• ينتج العالم 120 مليون طن من الهيدروجين سنويًا معظمه باستخدام الغاز والفحم الأحفورى.
* فى عام 2020، جرى استخدام أكثر من 60% من سوق الهيدروجين العالمية البالغة 150 مليار دولار فى عملية إنتاج الأمونيا.
• 8 نوفمبر 2022 الرئيس السيسى يدشن المرحلة الأولى لإنتاج الهيدروجين الأخضر بشركة سكاتك النرويجية.
يبدو أن قمة المناخ الدولية المنعقدة حاليا فى شرم الشيخ ستكون السطر الأول فى بداية تاريخ جديد للطاقة، وربما تكون إعلانا لنهاية أو أفول عصور أخرى اعتمدت الطاقة التقليدية فى مصادرها على الفحم والبترول أو ما أطلق عليه «عصر الذهب الأسود».
فما يتعرض له كوكب الأرض والبشرية وفقا لشهادات المنظمات الدولية وقادة العالم أنفسهم من ارتفاع فى درجات الحرارة واندلاع الحرائق والعواصف والفيضانات وانتشار ظواهر التصحر والجفاف وبالتالى الفقر والجوع بسبب ما يسمى بظاهرة الاحتباس الحرارى المسؤولة عنها الدول الصناعية الكبرى والحروب التى لم ترحم سكان الكوكب، يدفع العالم الآن فى التوجه الفعلى والدخول الى عصر آخر يعتمد الطاقة النظيفة وخاصة ما يسمى بالهيدروجين الأخضر، والذى قد يصبح هو مصدر العالم الأول فى الحصول على الطاقة للحفاظ على صورة الحياة فى الأرض ويتحول إلى «الذهب الأخضر» للدول المنتجة له مع انزواء الذهب الأسود.
المبادرات التى تم إطلاقها والاتفاقيات التى تم توقيعها بشأن إنتاج الهيدروجين الأخضر تشير إلى عزم العالم التحول إلى العصر الجديد، فالطاقة بصورتها الحالية سوف تعجل من نهاية العالم فاحتراقها يختزل من عمر الحياة فوق الأرض.
تقارير عالمية متخصصة ومنها تقرير منظمة جلوبال إنيرجى مونيتور «منظمة بحثية غير ربحية معنية بمشروعات الطاقة فى أنحاء العالم»، قد كشف مؤخرا تنافس مصر مع عدد من دول منطقة الشرق الأوسط، وفى المقدمة منها السعودية وسلطنة عمان والمغرب، لاحتلال مكانة مميزة فى تصدير الهيدروجين الأخضر.
التقرير يشير إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تمتلك قدرات هائلة لإقامة مشروعات عملاقة لإنتاج الهيدروجين الأخضر من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، لما تتمتع به من مناخ ملائم وأجواء مشمسة معظم العام.
ويوضح التقرير أن الدول العربية التى ينظر إليها بصفتها مصدرا رئيسيا للنفط، تمتلك خططًا طموحة للوصول إلى 80 جيجاوات من مشروعات الطاقة المتجددة بحلول 2030، وهو ما يدعم التحركات لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره.
وفيما يخص حجم الإنتاج الحالى فى العالم من الهيدروجين الأخضر، فإنه يجرى إنتاج نحو 120 مليون طن من الهيدروجين سنويا، معظمه باستخدام الغاز والفحم الأحفورى اللذين يمثلان معا 95% من الإنتاج العالمى، وفق تقرير إمدادات الهيدروجين العالمى لعام 2021 الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، وفى عام 2020، جرى استخدام أكثر من 60% من سوق الهيدروجين العالمية البالغة 150 مليار دولار فى عملية إنتاج الأمونيا، تلتها عملية تكرير النفط وإنتاج الميثانول، طبقا لصحيفة فايننشال تايمز.
فيما وجدت عدة استخدامات تجارية بالفعل للهيدروجين كمصدر للوقود، بما فى ذلك فى سيارات الركوب والحافلات وحتى المكوكات الفضائية، ومن المتوقع أنه وبحلول عام 2050 ستصل قيمة تلك السوق إلى 600 مليار دولار، وستستخدم بشكل رئيسى فى قطاعات الطاقة والصناعة والنقل والكيمياء والإنشاءات.
وماذا عن مصر وما هى الفرص الواعدة لها خلال السنوات القليلة المقبلة؟
يبدو السؤال بديهيا ومنطقيا، الدولة المصرية لم تغفل عن التحول إلى عصر الطاقة الجديدة والذهب الأخضر وفقا لاستراتيجيتها الوطنية وجاء تدشين الرئيس السيسى على هامش القمة العالمية للمناخ Cop27 للمرحلة الأولى، من المشـروع الأول لإنتـاج الهيدروجين الأخضـر، بالمنطقـة الاقتصـادية لقنـاة السويس مع النرويج، الإرادة الصادقة والحقيقية لمصر فى هذا المجال بدعم عمـل المناخ الدولى، وتعزيـز جـهـود التحـول العـادل نحـو الاقتصاد الأخضر.
والمشروع يستهدف إنتاج 5 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر بحلول منتصف عام 2024.
الرئيس أشار إلى الاهتمام الذى توليه مصر للاستفادة مـن ثـرواتها، وبخاصـة مصـادر الطاقـة المتجـددة فقـد تـم فى عـام 2016، اعتماد استراتيجية الطاقة المتكاملة والمسـتدامة فى مصـر حتى عـام 2035 والتى تتضمن تعظيم مشاركة الطاقة المتجـددة فى مـزيج الطاقـة، لتصـل نسبتها إلى نحو «42%» عـام 2035 وهو ما يتسق مع استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة فى مـصـر مـع استراتيجية التنميـة المستدامة «رؤيـة مصـر 2030»، و«الاستراتيجية الوطنيـة للتغيرات المناخية 2050»، و«الأهداف الأممية الـ 17 للتنمية المستدامة».
وقال الرئيس السيسى، إن المشروع العملاق، لإنتاج الهيدروجين الأخضر، فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والتى تعتبر من أهم المواقع الجغرافية على مستوى العالم وهو ما يمكننا من تصدير الهيدروجين الأخضر بسهولة، إلى أوروبا ومختلف القارات الأخرى.
فمصر تنتج حاليا حوالى 1.8 مليون طن من الهيدروجين الأخضر ولديها الإمكانيات الهائلـة، مـن الطاقات المتجددة تتطلب تشجيع القطـاع الخـاص علـى الاستثمار، فى مجـال إنشاء وتملـك وتشغيل محطات إنتـاج وبيـع الكهرباء، المنتجـة مـن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ووفقا لبيان مجلس الوزراء فى الأسبوع الماضى فان مصر تستهدف زيادة فى الناتج المحلى الإجمالى بما بين عشرة مليارات و18 مليار دولار بحلول 2025، وذلك فى إطار الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر التى تم الإعلان عنها خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «كوب27».
الاستراتيجية تستهدف الاستحواذ على 8% من سوق الهيدروجين عالميا، مؤكدة أن «مصر لديها القدرة على إنتاج الهيدروجين الأخضر بأقل تكلفة فى العالم».
فمن المقرر أن تنخفض تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر لتصل إلى 1.7 دولار/كجم عام 2050 مقارنة بـ2.7 دولار/كجم عام 2025… وستتيح الاستراتيجية أكثر من 100 ألف وظيفة جديدة، بجانب المساهمة فى تخفيض واردات مصر من المواد البترولية، وكذلك تقليل انبعاثات الكربون».
وتعتزم الحكومة إطلاق خطة وطنية للهيدروجين بقيمة 40 مليار دولار فى المدة المقبلة، إدراكًا منها لأهمية إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا وتخزينهما وتجارتهما، فى إطار استراتيجيتها للتنمية الاقتصادية. فيما توقّعت شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنيرجى أن تصل استثمارات مشروعات الهيدروجين الأخضر فى مصر، إلى نحو 20 مليار دولار.
مكاسب واتفاقيات فى قمة المناخ
من بين المكاسب التى حققتها مصر فى قمة المناخ فى شرم الشيخ توقيع سلسلة من مذكرات التفاهم لمشروعات الهيدروجين الأخضر، وارتفع عدد مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر فى مصر، المتوقع تنفيذها فى نطاق المنطقة الاقتصادية لقناة السويس إلى 14 مشروعًا، بعد التوقيع على 7 مذكرات جديدة نهاية أغسطس الماضى.
تستهدف المشروعات، التى سينفذها عدد من الشركات العالمية المتخصصة فى الطاقة المتجددة، إنشاء مجمعات صناعية بهدف إنتاج الهيدروجين الأخضر، والأمونيا الخضراء، داخل المنطقة الصناعية فى العين السخنة.
وتأتى مذكرات التفاهم فى إطار الجهود الحكومية الرامية إلى التوسع فى مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر فى مصر، بوصفه مصدرًا واعدًا للطاقة فى المستقبل، فى ضوء الاهتمام العالمى المتنامى.
وتدعم المشروعات الجهود التى تقوم بها مصر لتصبح ممرًا لعبور الطاقة النظيفة.
وفى مايو الماضى أيضا أعلنت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس نجاحها فى توقيع 6 مذكرات تفاهم لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، باستثمارات تصل إلى 10 مليارات دولار.
وفى يوليو، وقعت مذكرة تفاهم مع «رنيو باور»، وهى إحدى الشركات الرائدة فى الطاقة المتجددة فى الهند، لتنفيذ مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر باستثمارات تصل إلى 8 مليارات دولار، وبطاقة 220 ألف طن سنويًا.
ومؤخرا توقيع 7 مذكرات تفاهم مع عدد من الشركات والتحالفات العالمية ضمن كل من شركة «جلوبال إك» البريطانية، وشركة الفنار السعودية، وشركة «الكازار للطاقة» الإماراتية، وشركة كيه آند الإماراتية، وشركة إم إى بى الأمريكية/المصرية للطاقة، ومجموعة إيه إس إم إى الهندية المتخصصة فى مجال الهيدروجين الأخضر، وشركة «أكتس» البريطانية.
المهم فى توقيع المذكرات التى وقعتها مصر أنها تستهدف التصدير للخارج وخدمات تموين السفن فى ظل التوجه العالمى للاعتماد على الهيدروجين الأخضر باعتباره مصدرا واعدا للطاقة فى المستقبل القريب بما يعزز الجهود التى تقوم بها مصر لتصبح ممرا لعبور الطاقة النظيفة.
الاستراتيجية الوطنية: هل نتجه لقيادة قاطرة الهيدروجين الأخضر فى العالم
القصة ليست جديدة فالاهتمام بإنتاج الهيدروجين الأخضر منحته القيادة السياسية والحكومة أولوية كبيرة ولذلك تسارع مصر خطواتها نحو تعزيز وتبنى مقترحات من أجل جذب الاستثمارات فى مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، من خلال حوافز إضافية للاستثمار فى مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر ليس ذلك وفقط بل سعت الدولة المصرية لوضع «استراتيجية الطاقة» والتى شملت الهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة، بما يدعم استراتيجيتها نحو التحول إلى مركز إقليمى للطاقة الجديدة والمتجددة واستراتيجية التنمية المستدامة «مصر 2030».
وكما صرح الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة، بأن توقيع المذكرات مع الشركات العربية والأجنبية الكبرى وبالتعاون بين الوزارة ومنقطة قناة السويس والصندوق السيادى يؤكد جاذبية الاستثمار فى مصر عامة، والطاقة المتجددة خاصة، ويجعل منها إحدى أدوات القوة الناعمة لمصر، ويتسق مع استضافة مصر لمؤتمر COP27.
ويؤكد مسؤولو البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية على تزايد الاهتمام بهذا القطاع فى مصر فيما لم يتوقف الأمر على المؤسسات الأوروبية إذ دخلت شركات هندية على خط المنافسة.
وهى شركة «رينيو باور»، وتتفاوض الحكومة المصرية مع الاتحاد الأوروبى لإبرام اتفاقية شراكة هيدروجين وترمى مصر من ذلك إلى أن تلعب دورا جيوسياسيا كبيرا من خلال تقديم نموذج تنموى لبقية بلدان القارة الأفريقية عبر إنشاء روابط جديدة بخلاف الشركات والمؤسسات الأوروبية، ورغم ذلك، يظل الاتحاد الأوروبى السوق المنطقى لأن يكون وجهة الهيدروجين الذى سوف يصدر من مصر على شكل أمونيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة