النقاش الذى دار حول قانون صندوق قناة السويس، نموذج واضح لطريقة النقاش والتعامل مع القضايا المختلفة، والفارق بين حوار بهدف المعرفة، والوصول إلى نقاط اتفاق، أو حتى اختلاف بين الآراء، وبين الاندماج فى حالة من الصراخ أو التهويل تضيّع الموضوع الأصلى.
وربما يكون من ميزات هذا النقاش، أنه أكد أهمية ومكانة قناة السويس لدى الشعب والدولة، وأيضا كشف عن تحولات النشر والبث، وكيف يمكن لأدوات التواصل أن تصبح مجالا لتغييب وتغيير المعلومات، وهو أمر لا يتعلق فقط بموضوع قانون صندوق القناة، لكن بكل النقاشات والجدالات التى تختفى فيها الحقيقة لصالح صناع الضجيج.
فى هذا الموضوع تعمدت بعض الأطراف المغرضة تغييب المعلومات، والتعامل باستخفاف، وإصدار أحكام فى موضوع جاد ودقيق، ويتعلق بعمل يفترض أنه يلبى مطالب الخبراء فى تعظيم القيمة والاستثمار، واستغلال المال العام بشكل يضاعف قيمته.
وبالطبع من حق المجتمع والشعب أن يعرفوا التفاصيل بطرح أسئلة لها إجابات، والتعامل مع ما هو متاح من معلومات، ودور الجهات المعنية أن تقدم المعلومات وترد على التساؤلات، لكن هناك فارقا بين من يسأل بهدف المعرفة لإزالة أى التباس، مستهدفا المصلحة والمعرفة، وبين منصات لا تهتم بالموضوع، وهدفها فقط نصب سيرك وإطلاق شائعات وتقديم تفسيرات وأحكام لا علاقة لها بالموضوع، منصات التهويل واللطم اعتادت أن تحول كل خطوة فى الدولة إلى سياق للهجوم ودس الشائعات، وهذا ليست له علاقة بأنهم يخافون على مصالح الناس، ويدافعون عن الصالح العام. فهم أنفسهم الذين كانوا يروجون للإرهاب، ويراهنون على فشل كل مسعى فى مكافحته ودحره، وهم من هاجموا مشروع قناة السويس الجديدة، وكل مشروع كبير، الآن تحولت القناة لديهم إلى رمز! هم من تحالفوا - وما زالوا - مع الخصوم، ويتعيّشون على نشر الإحباط والتخويف، وهؤلاء طريقهم معروف، وولاؤهم معلوم.
النوع الثالث، هم من يتجاهلون المعلومات والحقيقة، ويتعمدون الانضمام إلى جوقة اللطميات، بحثا عن «لايك» أو وظيفة، ومنهم للأسف إعلاميون ومثقفون يفترض أن لديهم الحد الأدنى من المنطق والعقل، وهؤلاء انخرطوا فى ترديد معلومات ناقصة وشائعات، بلا عقل.
فقد كان الخلاف الأساسى فى مشروع القانون، هو صياغة بعض الكلمات، وكانت التساؤلات الجادة حولها، لكن البعض تجاهل ما هو متاح من معلومات ولجأ إلى «الهبد».
فقد كان التساؤل حول أصول الصندوق، وأن المقصود بها ليست له علاقة بقناة السويس، المرفق والقيمة والدخل، والثانى موقع الاستثمار الخارجى، وفى هذه النقطة كان هناك تعمد من قبل منصات الدعاية الرمادية، وحسمها الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، وقال: «هناك بالفعل شراكات فى أعمال وأنشطة القناة، وهذا يتم وفقا لقواعد استمرار السيادة المصرية على كل ما يخص القناة وأعمالها والعاملين فيها».
مع الأخذ فى الاعتبار، أن هناك تنافسا عالميا على الاستثمارات الخارجية، وأن هذه الاستثمارات مطلوبة، للعمل وفقا لقوانين الدولة، وفى كل دول العالم تتم الاستثمارات وفقا لقوانين الدولة، وهى مطلوبة، وكل دول أوروبا تتسابق لجذب الاستثمارات، وفى مصر المجال مفتوح، والبنية الأساسية والمشروعات المختلفة فى الطاقة والطرق تفتح المجال أمام الاستثمارات الخاصة، وهى ميزة يتعمد البعض أن يتعامل معها كأنها عيب.
منذ البداية، كانت المعلومات متاحة فى الإعلام، وكانت المناقشات فى مجلس النواب معلنة، وبيان رئيس مجلس النواب المستشار حنفى جبالى، وكان بيانا فيه الكثير من التفاصيل، والرد على التساؤلات، وبعدها عقد رئيس هيئة قناة السويس مؤتمرا أكد فيه ما هو معروف.
الشاهد فى كل هذا، أن المعلومات كانت متاحة، لكن البعض أصر على الذهاب إلى الغموض، وممارسة التشويش واللطم، منضما إلى جوقة الدعاية الرمادية.
هذا الجدل حول قانون صندوق قناة السويس، أتاح فرصة ليؤكد المصريون - شعبا ودولة - قيمة قناة السويس ومكانتها فى الوجدان المصرى، وأيضا جاء كاشفا لحالة التشويش التى يعانى منها كثيرون يمشون بلا عقل وراء منصات هم أول من يعرف أنها تعمل بالأجر، وتتحرك بالريموت كنترول.
كان النقاش فرصة لتأكيد أن «أصول مرفق قناة السويس حق سيادى يكفله الدستور، وملك للشعب، ولا يمكن لأحد أن يقترب من هذا الواقع».
وكان مناسبة لنعرف الفارق بين تساؤلات تبحث عن إجابات، وأخرى تبحث عن تمويل، وثالثة تبحث عن لايكات.
لقد كان الإعلام هنا واضحا، والمعلومات متاحة، لكن البعض يبحث عن الحقيقة فى البرك والمستنقعات، ثم يهاجم الإعلام ويحمله المسؤولية، القضية فى العقول وليست فى الإعلام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة