عاد الحوار الوطنى للواجهة، وتواصلت جلسات التجهيز لانعقاد اللجان، وربما يكون الوقت الذى استغرقته فترة التجهيز مناسبا لأن يتضمن الحوار مختلف الموضوعات المطروحة، فى محاور متعددة، خاصة أن الشهور التى تلت مبادرة الرئيس للحوار، شهدت تطورات على أصعدة مختلفة، تجعل الحوار قابلا للاتساع، والتفاعل مع ما يجرى.
وبعد أن أعلن ضياء رشوان، نقيب الصحفيين، المنسق العام للحوار الوطنى، أن مجلس أمناء الحوار الوطنى أنهى جميع لجان المحور السياسى، والتفاصيل بشأن المقررين، والمقررين المساعدين، يتوقع أن تبدأ لجان الحوار فى الانعقاد، ليكون الحوار معنيا برسم أولويات العمل الوطنى فى المرحلة المقبلة، فيما يخص الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والانتخابات، والأسعار.
ويستهدف الحوار الوطنى أن يكون هناك مجتمع سياسى فى مصر، يشمل مختلف الأطياف وجميع الألوان، والانطلاق فى الحوار الوطنى إقرار مؤكد بأن هناك اختلافا، وأن الفترة الماضية شهدت استجابات من الرئيس لمطالب الإفراج عن محبوسين، بقرارات النيابة، أو العفو عمن صدرت بحقهم أحكام، فضلا عن دور لجنة العفو فى إعادة المفرج عنهم للمجتمع، وإلى أعمالهم، وهى خطوات تعنى بناء ثقة تفتح الباب لمزيد من الجسور.
وقد أكدنا من قبل، أن إنجاح الحوار فى جزء كبير منه يقوم على استغلال أرضية مشتركة، مهدت لها خطوات سبقت وتبعت مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى إفطار الأسرة المصرية، سواء بخروج عدد من المحتجزين، والاتجاه لخروج المزيد منهم، وإعلان الحكومة لإجراءات التعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية وانعكاساتها فى كل دول العالم، والتأكيد بالممارسة على أن الدعوة للحوار تشمل كل الأطراف السياسية والأهلية من دون استبعاد أو تمييز، وهو ما يمثل جسرا مفتوحا يستوعب الجميع.
وتظل أهم خطوة فى الدعوة للحوار الوطنى أنها فتحت الباب لمناقشات وآراء متنوعة، وهذا فى حد ذاته يمثل نقطة إيجابية، والأهم هو بناء الثقة وإقامة جسور بين الدولة والتيارات السياسية والمنظمات الأهلية، وهذه الثقة هى الأرضية التى يمكن أن تمهد لجمع الشمل والبناء على ما تحقق خلال السنوات الماضية، واستعادة وحدة الصف لتحالف 30 يونيو، لأن بناء الثقة يسمح باتساع مجال التفاهم وتحديد نقاط أساسية، وبعد إقامة هذه الجسور يمكن أن تكون هناك مساحات للتفاهم والتحاور.
الشاهد أن الحوار الوطنى أداة لإدارة التنوع فى المجتمع وإعطاء شعور للجميع بالمشاركة، باعتبار أن الدولة وصلت لمرحلة من اللياقة تمكنها من إدارة الحوار، والذى يعكس حيوية ويتيح الفرصة لتنوع يملأ مساحات المشاركة وعلى مدار شهور منذ إطلاق مبادرة الحوار الوطنى، جرت مياه كثيرة، وأتاحت الفضائيات ومنصات النشر عرض وجهات نظر مختلفة، فى السياسة والاقتصاد، وإن كان الاقتصاد يشغل المساحة الأكبر لدى البعض، فإن الأحزاب تركز أكثر على الممارسة السياسية.
ولدينا فى مصر والعالم العربى والعالم، تجربة 12 عاما، شهدت تحولات كبيرة، وتجارب أنتجت سياقا تختلف فيه الآراء عن الواقع، أو القدرة على طرح برامج وبدائل، وعدم الاكتفاء بالكلام أو إطلاق الأحكام على مواقع التواصل، مع الأخذ فى الاعتبار أن التحولات التى شهدها العالم على مدار العقود الأخيرة من ثورات التكنولوجيا والاتصال ومنصات التواصل الاجتماعى، تغير من شكل السلطة وممارستها فى العالم كله، ويفترض أن تضع الأحزاب والتيارات المختلفة هذا كله فى الاعتبار، خاصة أن أساليب القيمة والربح والرأسمالية، تغيرت فى ظل موجة ثالثة أعادت صياغة القواعد ولا تزال، وهى تفاصيل انعكست فى شكل وأداء الأحزاب والتيارات السياسية، فى أوروبا والولايات المتحدة، من حيث طريقة إدارة الخلافات أو التعامل مع القضايا الكبرى.
وربما على كل الأطراف التعامل مع فكرة الحوار باعتبارها سياقا يجمع ويبنى ثقة وتنوعا، فى ظل تحولات تجتاح العالم يجب أن تكون موضوعا لما يجرى.
اليوم السابع
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة