هناك فارق بين التعامل مع قضايا الاقتصاد، باعتبارها قضية عامة فيها جزء عالمى، وجزء آخر محلى، وبين الانخراط البعض فى إطلاق وتناول شائعات أو تحويل الافتراضات إلى حقائق. الحكومة - من جانبها - تطلق الكثير من البيانات المعلوماتية ترد فى بعضها على ما يثار، خاصة أن هناك ما يشبه الحمى المعدية على مواقع التواصل، يتحول فيها كثيرون إلى خبراء اقتصاد وتجارة، وبعض هذه الآراء وهى آراء شخصية أو منقولة - من دون مراجعة أو تفكير - من منصات ومواقع ليس لديها أى توثيق، ولكن مجرد أحكام عامة.
الحكومة عقدت مؤتمرا تحدث فيه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى وأجاب عن بعض الأسئلة المطروحة فيما يتعلق بالاقتصاد والأسواق والأسعار وسوق العملة الصعبة، وبالطبع فإن الحكومة تحاول معالجة التعامل مع الأسعار طبقا لقواعد السوق، لكنها أيضا يفترض أن تتعامل من خلال آليات القانون، والقواعد التجارية والاقتصادية العادلة، بعيدا عن التهوين أو التهويل.
وضربنا أمثلة بأسعار بعض السلع الاستراتيجية أو التى تمثل أولوية للمستهلك، مثل الأرز والخبز والزيت والشاى والسكر والبن، وهى السلع التى تثار حولها الأخبار، ويتم أحيانا تناول شائعات عن نقصها، يتم إطلاقها من بعض المحتكرين أو المتلاعبين، تمهيدا لرفع الأسعار.
وقبل فترة، حدث أن انطلقت شائعات فى سوق الدواجن عن ارتفاع الأسعار، بسبب نقص الأعلاف، وبالطبع فإن الأعلاف مستوردة وارتفعت أسعارها عالميا، وسعت الحكومة لتوفير الاعتمادات اللازمة لإدخال شحنات من الأعلاف، ساهمت فى توازن السوق، خاصة أن صناعة الدواجن توفر اكتفاء ذاتيا، لكنها تعتمد فى الأعلاف على الاستيراد، وهناك اتجاه من الدولة للتوسع فى توطين صناعات الأعلاف بالشكل الذى يخفف من تأثير الأزمة العالمية عليها، ويساهم فى توفير الأعلاف الكافية لتلبية احتياجات هذه الصناعة، وإذا كانت صناعة مثل الأعلاف مطلوبة، وموادها الخام فى الأغلب يمكن توفير أغلبها محليا، وفى ظل دعم الدولة للاستثمار، يفترض أن تتوسع الاستثمارات الخاصة والعامة، فى هذه الصناعة المهمة، اعتمادا على خامات محلية، ويمكن تشجيع مراكز البحوث بالتعاون مع القطاع الخاص والعام لدراسة كيفية إنتاج أعلاف محليا، من خلال تطبيقات لأبحاث بعضها متوافر فى مراكز البحوث الزراعية والدواجن.
وهناك أزمة مفتلعة فى الأرز، نتجت من محاولات بعض الكبار الشركات احتكار وتخزين الأرز، بالرغم من أن مصر تحقق منه اكتفاء ذاتيا، والحادث أن بعض الشركات تسعى لتخزينه، للتحكم فى السعر، وهو سلوك يتنافى مع القانون، وأيضا مع وضع طارئ، يعطى الدولة حق التدخل للتعامل مع هذه السلع، وهناك سوابق فى السكر والزيوت تم التعامل معها بالقانون، وهى قواعد تتعامل بها الدول الكبرى وغيرها فى أوقات الطوارئ، حيث يمكن للدولة تطبيق قواعد الاحتكار ضد كل من يسعى للتخزين أو منع السلعة، وبالفعل هناك تحركات من الحكومة لمواجهة هذا السلوك المخالف للقانون.
وقد أشرنا إلى الدور الذى يفترض أن تقوم به الغرف التجارية، للتعامل مع مثل هذه السلوكيات الاحتكارية، التى تتعارض مع القانون.
واللافت للنظر، أن بعض المحتكرين والمتلاعبين يطلقون شائعات عن اختفاء سلع، تمهيدا لرفع أسعارها، وهى جرائم يعالجها القانون، وأقرب مثال هى الشائعات التى تناولت نقص مخزون الشاى والبن فى السوق، أو طرحها بأسعار تتجاوز سعرها الطبيعى، وقد أكد مسؤولو شعب المواد الغذائية فى الغرف التجارية وجود وفرة ومخزون شاى يكفى عاما، وأكثر من 100 نوع متداول بالأسواق المحلية، والأمر ذاته فيما يتعلق بالبن، والذى ارتفعت أسعاره لأسباب نقص المحاصيل انعكاسا للتغيرات المناخية، لكن المخزون يكفى لشهور، بجانب ما يتم استيراده.
والشاهد فى كل هذا، أن كل السلع الأساسية متوافرة، وما يتوافر من احتياطى يكفى لشهور، لكن هناك منصات معادية تتحالف مع المتلاعبين، لإطلاق شائعات حول اختفاء سلع أو ارتفاع أسعار، والحل هو تطبيق القانون على المتلاعبين، وتوفير المعلومات الفورية لمواجهة الشائعات، وتوفير معلومات دورية عن الأسعار، بشكل منطقى يعكس الأسعار العالمية والمحلية وأسعار التكلفة بشكل عادل.
اليوم السابع