الوضع القانونى لأسطح المبانى.. تباينت التشريعات حول اعتبار سطح العقار من ملحقات المنزل الجائز دخولها دون إذن.. وأخرى اعتبرته "مكان خاص" لا يصح تفتيشها إلا بأمر قضائى مسبب.. والنقض تتصدى للقضية

الجمعة، 11 فبراير 2022 05:00 ص
الوضع القانونى لأسطح المبانى.. تباينت التشريعات حول اعتبار سطح العقار من ملحقات المنزل الجائز دخولها دون إذن.. وأخرى اعتبرته "مكان خاص" لا يصح تفتيشها إلا بأمر قضائى مسبب.. والنقض تتصدى للقضية أسطح المنازل - أرشيفية
كتب علاء رضوان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

للمنازل حرمة باعتبارها مستودع سر الإنسان وسكنه وقلعته، ولقد حرص المشرع الدستوري بالنص في المادة "58" على حظر دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب يبين المكان والغرض والتوقيت مع إطلاع من في المنزل على الأمر والتنبيه عليهم عند الدخول.  

 

وبين المشرع في المادة "45" من قانون الإجراءات الجنائية الأحوال التي يصح فيها لرجال السلطة العامة دخول المنازل، إذ نصت تلك المادة على أنه لا يجوز لرجال السلطة الدخول في أي محل مسكون إلا في الأحوال المبينة في القانون أو في حالة طلب المساعدة من الداخل أو في حالة الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك.   

605eeada42360422084c1bf8

الحماية الإجرائية لأسطح المباني

في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية التساؤل حول طبيعة أسطح المباني، وما إذا كانت تأخذ حكم المنزل بحيث لا يجوز دخوله أو تفتيشه، إلا بأمر قضائي أم تسقط عنه الحماية بالكلية أم تعتبر مكان خاص، وتأخذ حرمة شخص حائزه فلا يصح تفتيشها إلا في الأحوال التي يجوز فيها تفتيش الشخص كما في أحوال التلبس؟ - بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامي بالنقض ياسر الأمير فاروق.

 

تباين الأراء والتشريعات الفقهية حول أسطح المبانى

 

في البداية - يذهب جمهور الفقه على اعتبار سطح العقار من ملحقات المنزل، ولكن يذهب رأي آخر إلى اعتبار سطح العقار مكان خاص، ورأى الجمهور هو الصحيح إذ يقصد بملحقات المنزل كل مكان يتصل به اتصالا مباشرا ويكون مرصودا لمنفعته ولو لم يكن بطبيعته معدا للإقامة فيه، وَيَتَحَقَّق الاتصال المباشر بين المكان والمنزل إذا كان يعلوه أو يقع أسفله أو يجاوره كسطوح المنازل – وفقا لـ"فاروق".

51296-51296-51296-51296-51296-51296-51296-131

 

ويتوسع بعض الفقهاء في تحديد مفهوم المنزل، فلا يقصره على المنزل بمفهومه الضيق وعلي ملحقاته المتصلة به والمخصصة لمنفعته، بل يصرفه كذلك إلى الأماكن الخاصة التي يقيم فيها الشخص ولو لفترة محدودة من اليوم، كعيادة الطبيب ومكتب المحامي والسيارة الخاصة، وهو يرى أن هذه الأماكن لا تفتح للجمهور بغير تميز، وإنما يدخلها من يأذن لهم صاحبها، وأنها لهذا السبب تتصل بحياته الخاصة، ما دامت مباشرته لها في مكان خاص – الكلام لـ"فاروق".

 

ولقد عرض الأمر على محكمة النقض ورأت أن سطح العقار يعد مسكن حسب إقامة الشخص فيه، ويستفاد من حكمها أنها تسقط الحماية عن سطح العقار إن لم يكن أحد يقيم فيه ولا تقيم وزنا لكونه ملحق بالمنزل أو مكان خاص، وكان ذلك في واقعة سوغت فيها محكمة الجنايات ضبط مخدر بسطح عقار بسند وجود حاله تلبس فألغت النقض حكم الجنايات ووصفته بأنه معيب لأنه لم يبين ما إذا كان سطح العقار يقيم فيه المتهم من عدمه ورغم ذلك سوغ الضبط والتفتيش دون إذن قضائي مسبب ودون أن تلتفت النقض إلى طبيعة سطح العقار ذاته.  

 

20201227002604582

 رأى محكمة النقض في الأزمة 

 

وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الأزمة في الطعن المقيد برقم 9487 لسنة 87 قضائية حيث ترجع وقائع تلك القضية إلى أن رجل الضبط القضائي قد وردت إليه معلومات مفادها قيام المتهمين بحيازة كمية من نبات الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أعلى سطح العقار الكائن ".  . . ." بدائرة القسم، فانتقل لمكان تواجدهم فأبصرهم يفترشون سطح العقار وبحوزتهم كمية كبيرة من نبات الحشيش المخدر ثبت معملياً أنها لنبات الحشيش القنب، فدفع المتهمين ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس غير أن محكمة الجنايات أهدرت الدفع، وقضت بالإدانة وردت عليه بأن المحكمة تطمئن إلى أقوال ضابط الواقعة النقيب ".  . . ."  من أنه أبصر المتهمين وهم يفترشون سطح العقار وبحوزتهم كمية كبيرة من نبات الحشيش – القنب – المخدر ومن ثم تتوافر حالة التلبس في الواقعة، ويكون القبض والتفتيش قد صدر صحيحاً لتوافر حالة التلبس، ويكون ما تساند عليه الدفاع غير سديد يستوجب الالتفات عنه.  

 

وحين طعن بالنقض في الحكم قالت النقض أن المادة 45 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه:  لا يجوز لرجال السلطة الدخول في أي محل مسكون إلا في الأحوال المبينة في القانون، أو في حالة طلب المساعدة من الداخل أو في حالة الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك، وكانت حرمة المسكن إنما تستمد من حرمة الحياة الخاصة لصاحبه، فإن مدلول المسكن إنما يتحدد في ضوء ارتباط المسكن بحياة صاحبه الخاصة، فهو كل مكان يقيم به الشخص بصفة دائمة أو مؤقتة وينصرف إلى توابعه، كما يمتد إلى الأماكن الخاصة التي يقيم فيها طالما أنه في حيازة صاحبه يقيم فيه، ولو لبعض الوقت ويرتبط به ويجعله مستودعاً لسره ويستطيع أن يمنع الغير من الدخول إليه إلا بإذنه، ولا يجوز لمأمور الضبط أو رجال السلطة العامة دخوله إلا في الأحوال المبينة في القانون وبالكيفية المنصوص عليها فيه.  

 

house-scaled

شروط دخول المنازل وتفتيشها

وقالت المحكمة في حيثيات الحكم أنه - وكان من المقرر أن دخول المنازل في غير هذه الأحوال هو أمر محظور بذاته يترتب عليه بطلان التفتيش،  وقد رسم القانون للقيام بتفتيش المنازل حدوداً وشروطاً لا يصح إلا بتحققها وجعل التفتيش متضمناً ركنين أولهما دخول المسكن وثانيهما التفتيش أو البحث عن الأشياء التي تفيد في كشف الحقيقة،  وأن الضمانات التي حددها المشرع تنسحب على الركنين معاً بدرجة واحدة، ذلك بأن تفتيش الأماكن الخاصة يقوم على جملة أعمال متعاقبة في مجراها وتبدأ بدخول مأمور الضبط القضائي في المكان المسكون المراد دخوله وتفتيشه ويوجب الشارع في هذه الأعمال المتعاقبة منذ بدايتها إلى نهاية أمرها أن تتقيد بالقيود التي جعلها الشارع شرطاً لصحة التفتيش.

 

واستطردت محكمة النقض، وقالت هذا إلى أن مأمور الضبط القضائي يتعين أن تكون مشاهدته لحالة التلبس قد تمت دون افتئات على حرية الأفراد فلا تكون نتيجة تسور غير مشروع أو تسلل على غير إرادة خالصة من جانب صاحب المكان أو ما إلى ذلك في غير الأحوال التي يجيزها القانون طبقاً لنص المادة 45 سالفة البيان،  وكان من المقرر أن تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمر موكول إلى تقدير محكمة الموضوع،  إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها المحكمة هذا التقدير صالحة، لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها.  

61474-سطح-العقار-(1)

هل يأخذ سطح العقار حكم المنزل من عدمه؟

 

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إدانة الطاعنين بعد أن اطرح دفعهم ببطلان القبض والتفتيش وتوافر حالة التلبس في حقهم دون أن يبين طبيعة العقار محل الضبط وعما إذ كان هذا المكان محل مسكون من عدمه وكيفية دخوله ذلك المكان وعما إذ كان دخوله في الأحوال المبينة في القانون وبالكيفية المنصوص عليها فيه إذ وردت عباراته في هذا الخصوص - سواء في إيراده لواقعة الدعوى وأقوال ضابطها شاهد الإثبات أو في معرض رده على الدفع ببطلان الضبط والتفتيش لانتفاء حالة التلبس على النحو سالف البيان عامة مجملة لا يبين منها ما إذا كانت مشاهدة مأمور الضبط القضائي لحالة التلبس مشروعة ووفق أحكام القانون أم لا،  ومن ثم فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يبطله ويعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم

 

وهذا القضاء – وفقا لـ"فاروق" - محل نظر إذ راح يبحث عما إذا كان سطح العقار منزل من عدمه، وبسط الإقامة بأنواعها لخلع وصف المنزل حال أن عدم إقامة الشخص في المكان سواء أكان منزل من عدمه لا يسقط حرمته، إذ يمكن أن يأخذ حكم المنزل باعتباره من ملحقاته حسبما أوضحنا وأن انحسار  وصف المنزل أو ملحقاته عن أسطح العقارات لا يسقط حرمتها، فهي ولئن لم تكن منازل إلا أنها على الأقل أماكن خاصة له حرمة توازي حرمة المساكن طبقا لدلالة المادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية، ولهذا لا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب ولا يتغير الحل ولو كانت الجريمة في حاله تلبس.  

 

رأى المحكمة الدستورية العليا في الأزمة

 

فقد سبق للمحكمة الدستورية العليا أن قضت بعدم دستورية نص المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية التي كانت تجيز لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس أن يفتش مسكن المتهم، وتفصيل ذلك أن المادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية التي جمعت بين المساكن والأماكن وحظرت تفتيشهما إلا بأمر قضائي مسبب، إذ نصت تلك المادة على أن تفتيش المنازل عمل من أعمال التحقيق، ولا يجوز الالتجاء إليه إلا بمقتضى أمر من قاضي التحقيق بناءً على اتهام موجه إلى شخص يقيم في المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو باشتراكه في ارتكابها، أو إذا وجدت قرائن تدل على أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة.

 

ولقاضي التحقيق أن يفتش أي مكان ويضبط فيه الأوراق والأسلحة وكل ما يحتمل أنه استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها أو وقعت عليه، وكل ما يفيد في كشف الحقيقة وفي جميع الأحوال يجب أن يكون أمر التفتيش مسبباً، كما أنه حتى في أحوال التلبس لا يجوز تفتيش الأماكن الخاصة، وبالتالي لم يكن صائب أن تستطرد النقض إلى شروط الكشف عن حالة التلبس ولزوم أن تكون المشاهدة قد جاءت بوسيلة مشروعة، إذ حتى ولو توافرت شروط التلبس لا يجوز دخول الأماكن الخاصة وتفتيشها وإنما يلزم دوما أمر قضائي مسبب وفقا للمادة 91 إجراءات.  

 

لماذا يرى قانونيون أن سطح العقار لا حرمة له؟

 

ولا يعترض بأن العبرة مع ذلك يجب أن تكون بحقيقة الواقع، فقد يكون سطح العقار مكان مطروق لكل متردد على المنزل أن يطرقه، ومن ثم فلا حرمة له، وهو بمثابة مكان للجميع حق الدخول إليه دون استئذان فهذا القول مردود عليه بأن أسطح العقارات يقتصر ولوجها على شاغلى وحداته أى على دائرة محدودة من الناس، فلا تعد أبدا مكان مطروق.  

 

الخلاصة

والخلاصة أن أسطح المباني تعتبر من ملحقات المنازل وتأخذ حكمها بل أنها فى القليل تعد أماكن خاصة لا يصح دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب، ولو كانت الجريمة متلبس بها فهى منفصلة عن شخص حائزها ولها حرمة مستقلة توازى حرمة المنزل بغض النظر عن اعتبارها من ملحقات المنزل من عدمه.









الموضوعات المتعلقة


مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة