أثبت البرتغالى كيروش المدير الفنى للمنتخب الوطنى نجاحه مع الفراعنة، وكلنا نشهد بذلك، بدليل النتائج الجيدة التى يحققها فى كأس الأمم الأفريقية، والوصول إلى المباراة النهائية أمام السنغال، فضلا عن قناعة فنية فرضت نفسها على الجميع من مستوى منتخب مصر.
وحصل كيروش على شهادة الثقة من الجماهير المصرية لأسباب عديدة، ونال عبارات الإشادة والإعجاب فكرة وصوله بجميع اللاعبين فى القائمة إلى مستوى من التركيز العالى جعلهم جميعا – الأساسيين والاحتياطيين أو من هم بعيدون تماما عن هذا أو ذاك - على قدرة كبير من الجاهزية للمشاركة فى أى وقت، وفى أى مباراة مهما كان اللاعب هذا أو ذاك يلعب فى غير مركزه أو يشارك دوليا لأول مرة .
هذا يحسب لكيروش ويجعل بصمته مع منتخب مصر واضحة وضوح الشمس . أى نعم القوام الأساسى أصبح معروفا ومحدد العناصر التى يعتمد عليها، ولكن فى الوقت نفسه الجميع يشارك حسب الظروف التى تغلب عليها الخواجة البرتغالى، ولم يقف كثيرا أمام لعنة الإصابات التى ضربت الفريق منذ بداية البطولة، وهو ما وسع القاعدة داخل صفوف الفراعنة ما جعل التأثر بغياب أى لاعب غير موجود، ما ينم على مجهود رفيع المستوى يقدمه كيروش من العمل مع منتخب مصر.
وتعالوا نتخيل ما حدث.
أكرم توفيق أحد أبرز الأوراق التكتيكية فى المنتخب أصيب بالرابط الصليبى ونُصاب جميعنا بالقلق من وجود البديل، إذ يظهر عمر كمال فى الميعاد ليسد مكانه بكل قوة، وكان من أهم اللاعبين فى البطولة، والونش يصاب هو الآخر فى البدايات ليلعب الشاب الواعد محمد عبد المنعم مكانه، ويصيبنا الرعب أمام قلة خبرته فما كان إلا أن أصبح عبد المنعم أفضل اللاعبين ليس فى منتخب مصر فحسب وإنما فى البطولة بأكملها.. وفى خط الوسط تناوب اللاعبون الأساسيون على الغياب الاضطرارى بداية من حمدى فتحى لنحتار فى البديل لنفاجأ بظهور أيمن أشرف ومعه تركيزه باللعب على الدائرة مع تقديم مستوى جيد للغاية رغم أن هذا ليس مركزهم الأساسى، وحتى السولية لما أصيب أعاد كيروش التوظيف المناسب بمناورات تكتيكية فائقة.. واستكمل كارلوس استعراض قدراته فى تجهيز اللاعبين الذهنى والبدنى والفنى عندما أشرك الثنائى إمام عاشور ومهند لاشين لأول مرة فى وقت حساس ومباراة مصيرية أمام الكاميرون وكانت النتيجة التعادل، دون أن تتملكه ذرة خوف من مستوى اللاعبين وكان الثنائى عند حسن الظن..
ولعل مركز حراسة المرمى وما حدث فيه أبلغ دليل على تحضير كيروش جميع اللاعبين للبطولة بشكل يفوق الوصف، وهو ما ظهر بإشراك ثلاثة حراس على مدار البطولة فى ظاهرة نادرة بسبب الإصابات والبداية مع الشناوى ليظهر أبوجبل فى أفضل مستوى ويستحق أن يكون من نجوم البطولة وحتى محمد صبحى عندما احتاجه المنتخب كان حاضرا رغم أن إشراكه كان أبعد من خياله ولكنه ترك خياله وتعامل مع الواقع دون أن يهاب الموقف.
ومع كل ما سبق يبقى على كيروش ملاحظة خطيرة مرتبطة بشخصيته أثناء المباريات وهو واقف على الخط ، وكذلك تصريحاته الخارجة عن المألوف فى الكثير من المواقف والتى أراها لا تناسب أو تليق شخص مدرب بحجم منتخب مصر.
وكانت النتيجة تعرضه للطرد أمام الكاميرون ما تسبب فى غيابه مباراتين غاية فى الأهمية عن قيادة المنتخب فى وقت اللاعبين فى أشد الاحتياج إلى وجوده خارج الخطوط، الأولى فى نهائى الكأس الأفريقية وذهاب المباراة الفاصلة فى التأهل لكاس العالم والاثنتان أمام السنغال.
العصبية التى تظهر على كيروش خارج الخطوط ظاهرة سلبية تحتاج منه المراجعة، وعليه أن يكون أكثر هدوءا فى التعامل مع الحكام حتى لا يتعرض لنفس الموقف الذى حدث معه أمام بكارى جاساما ، فما فعله أضر المنتخب ولم يفده مثلما يتصور البعض بالضغط على الحكم فى محاولة للتصدى لاى قرارات سلبية قد يتخذها ضد المنتخب.
عصبية كيروش لم يقف ضررها على شخصه فحسب وإنما سحب معه معاونيه لنفس المنهج ليتم إيقاف روجر أربع مباريات وإنذار وائل جمعة.. فى ظاهرة تحدث لأول مرة مع الجها الفنى للمنتخب الوطنى على مدار تاريخه المديد.
كما يؤخذ على كيروش تصريحاته العدائية ضد الكاف واتهامه بعدم احترام منتخب مصر.. وهو حقا تصريح صادم ولا يصح أن يصدر، لأن مصر لا يمكن أن تعامل بعدم احترام من أى جهة أو أشخاص.. الجميع فى القارة الأفريقية يعلم قدر مصر ولا يجرؤ كائن من كان أن ينال منها أو من أى مسئول أو لاعب ينتمى إليها.. وفى نفس الوقت مثل هذا التصريح من الممكن أن يتسبب فى أزمة مع الكاف وهذا لا يتناسب مع قيمة مصر التى تحرص عبر قيادتها فى أى موقع مسئولية أن تنأى بنفسها بعيدا عن أى أزمة مع أى طرف.. مصر كبيرة والكبير يحتوى ويوجه لصالحه بكل رقى يجبر الجميع أمامه على احترامه.
وإذا كان كلامنا هذا عن أحداث قريبة من أيام قليلة.. نريد التذكير أن نفس الكلام حدث من أيام بعيدة ومر مرور الكرام لأننا لم نقف عنده واعتبرناه حدث عابر وليد الموقف.
ولنستعيد الذاكرة للوراء قليلا حتى نصل إلى مباراة أنجولا فى مرحلة المجموعات بتصفيات كاس العالم، ورأينا مشهدا لا يليق بمدرب منتخب مصر عندما أشتبك مع أحد اللاعبين الأنجوليين أثناء سير اللقاء، وبما أن أحدا لم يناقشه فيما حدث أو يخبره أن تصرفه هذا خطأ، عاد ليكرر الأمر بشكل أكثر إساءة.
نريد مدرب مصر متكامل، نأمنه على لاعبينا وأسم وسمعة منتخبنا.. الفنيات وحدها ليست كفيلة بالنجاح ، أى منظومة إو إدارة يكون بها الكثير من الأمور مرتبطة ارتباطا وثيقا وأطرافها متشابكة ومكملة لبعضها، إذا انتقص منها عضوا خربت باقى الأعضاء.
اتحاد الكرة برئاسة جمال علام وفى وجود النجمين الكبيرين حازم إمام ومحمد بركات مطالب بتصحيح الأوضاع مع كيروش، ولفت نظره إلى ضرورة ضبط النفس بما يتوافق مع أهمية المرحلة وإجباره على عدم الخروج عن النص طالما كان مرتبطا باسم مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة