بدأت الدولة حملة قوية لإطفاء نار ارتفاع الأسعار، بعد القرارات الحاسمة التي اتخذها الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس الثلاثاء، لضبط الأسواق وإعادة الأمور إلى نصابها، وتوجيه الحكومة لتحديد تكلفة إنتاج رغيف الخبز الحر، وتحديد سعره بما يتناسب مع هذه التكلفة، بالإضافة إلى توفير السلع الأساسية في المنافذ التابعة لأجهزة الدولة، مع سرعة تحديد حافز التوريد الإضافي لسعر إردب القمح المحلى للموسم الزراعي الحالي، والإعلان عنه في أقرب وقت ممكن، إلى جانب توفير سلع رمضان.
قرارات الرئيس السيسي جاءت واضحة للحكومة بعد الزيادات غير المبررة التي شهدتها بعض السلع والمنتجات، خاصة رغيف العيش الحر، الذي وصل التلاعب في أسعاره إلى زيادات بنسب 50% ببعض المناطق، وقد قفز سعر الرغيف من جنيه إلى جنيه ونصف، كما تم تقليل وزنه أيضا، بما يؤكد أن هناك نية مبيته من أصحاب هذه المخابز لرفع الأسعار، دون مبررات حقيقية، وهذا سوف تضبطه الرقابة خلال الأيام المقبلة.
أتوقع أن تنخفض أسعار السلع والمنتجات الأساسية، مثل الحبوب والخضروات والفاكهة والدواجن واللحوم والحبوب بنسب تزيد عن 20% خلال الأيام المقبلة، في ظل عمليات الرقابة الفعالة التي تقودها الدولة في الوقت الراهن، لمواجهة الاحتكار بكل أشكاله، ومحاولات البعض في تخزين السلع والمنتجات لرفع أسعارها والتلاعب في كمياتها بصورة تخلق طلب وهمى أو تساهم في غيابها أو ندرتها من الأسواق، لذلك يجب أن يهدأ المواطن في عمليات الشراء، ويستخدم ما يحتاج إليه فقط.
بالتزامن مع ما تقوم به الدولة من عمليات ضبط قوية للأسعار، بدأت موجة الارتفاعات العالمية في الأسعار تنخفض بصورة ملحوظة، خاصة البترول، الذي تراجع بنسب كبيرة جدا على مدار أسبوع، نتيجة تبدد المخاوف من الحرب الروسية الأوكرانية، ونجاح الدول المصدرة للبترول في احتواء الأزمة، وتأمين احتياجات العالم من الطاقة، كما انخفضت أسعار الحبوب عالمياً بنسب معقولة، على رأسها القمح مثلا، الذي شهدت أسعاره انخفاضات ملحوظة، بما يؤكد أن الأسعار العالمية تعود إلى نصابها مرة أخرى، بعد استيعاب نتائج الحرب الروسية الأوكرانية، وطرح الحلول والسيناريوهات البديلة.
أهم ما نحتاج إليه خلال الأيام المقبلة هو سلاح الوعي، والتحرك الفاعل الإيجابي في الإبلاغ عن احتكارات السلع، بالإضافة إلى تقليل كميات الاستهلاك بنسب معقولة تناسب في تحقيق فائض معتبر من السلع، وعدم التكالب على التخزين أو شراء منتجات تزيد عن الحاجة، خاصة أن الأسعار سوف تشهد انخفاضات بنسب معقولة خلال الفترة المقبلة، نتيجة تدخل الدولة في زيادة المعروض وضرب الاحتكارات.
لا نحتاج في الوقت الراهن إلى مصطلح "ترشيد الاستهلاك"، لكننا في حاجة إلى "تقليل الاستهلاك"، والتفريق بين ما نريد وما نحتاج، فتأجيل ما نريد بات ضرورياً، والعمل فقط على تلبية ما نحتاج إليه بالفعل، فلو التزمنا بهذه المعادلة سوف تتزن آليات العرض والطلب، وتهدأ الأسعار، ويختفى جشع التجار، وسلاسل الوسطاء بين المنتج والمستهلك.