فى ظل التحولات التى يشهدها الاقتصاد العالمى، مرة بسبب فيروس كورونا، وأخرى بسبب الحرب، فإن الدول عليها أن تتحرك فى مسارات مستقلة لمضاعفة الإنتاج الزراعى، والاتجاه للتصنيع، لخلق بديل اقتصادى، يضمن نسبة أكبر من الاكتفاء الذاتى.. والواقع أن الدولة المصرية تتحرك على مدى سنوات فى إقامة بنية أساسية للزراعة، أو الإنتاج الزراعى والحيوانى، بالشكل الذى يمثل خطوة مهمة فى سد فجوات الاستهلاك، وقد ظهر نتاج هذه الخطط أثناء جائحة كورونا، فلم تشهد الأسواق نقصا فى السلع الأساسية، وأيضا الفاكهة والخضراوات، بفضل إنتاج توفره الأراضى الجديدة، والصوبات التى يجرى التوسع فيها بما يضمن وفرا فى المياه وزيادة فى الإنتاج.
والبنية الأساسية للزراعة، ليست فقط استصلاح وزراعة الأراضى الجديدة، لكن توفير المياه التى تكفى لرى أى توسعات زراعية، وتطوير أنظمة الرى بالشكل الذى يضاعف من حجم الاستفادة من المياه، كل هذا يشير إلى أن الزراعة جزء من خطط الدولة التى تتضح ملامحها على مدى السنوات، وتم وضع بنيتها الأساسية خلال خمس سنوات وبدأت تنتج، وخلال شهر مايو الماضى كان افتتاح مشروع مستقبل مصر الذى ينتج المحاصيل الاستراتيجية «القمح والذرة وبنجر السكر»، وتصل المساحة خلال عامين إلى 700 ألف فدان، ضمن أكثر من 2 مليون فدان فى الدلتا الجديدة، ومشروع تنمية جنوب الوادى فى توشكى بمساحة 1.1 مليون فدان، وتنمية سيناء بمساحة 456 ألف فدان، وتنمية الريف الجديد بمساحة 1.5 مليون فدان، ومشروعات أخرى ببعض محافظات الصعيد والوادى الجديد بمساحة 650 ألف فدان، بما يعنى إضافة تصل إلى ربع المساحة التى تكونت منذ بداية تنظيم الرى والزراعة.
وكل هذه الأراضى يتم توفير المياه لها، من مصادر إعادة الاستخدام أو الآبار بالشكل الذى يضاعف الإنتاج من دون مياه إضافية، وخلال افتتاح مشروع مستقبل مصر تحدث الرئيس عن مشروع آخر تتم فيه مساعدة الفلاحين ومربى الماشية على التوسع فى تربية الأبقار الأكثر إنتاجا للحوم والألبان بالشكل الذى يصب فى خطط مضاعفة الإنتاج للأفراد وليس فقط للشركات، بجانب مشروعات متعددة لوزارة الزراعة والهيئات العاملة فى الإنتاج الزراعى والحيوانى.
بالأمس وضمن نفس المخطط افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى، مجمع الإنتاج الحيوانى والألبان المتكامل بمدينة السادات، بطاقة استيعابية 5000 رأس حلاب وطاقة إنتاجية تبلغ 150 طنا من اللبن يوميا، ولحوم حية، ونحو 3000 رأس تسمين على مساحة ألف فدان، ويضم المركز العلمى «مستشفى بيطرى، مبنى للولادة وآخر للتلقيح الصناعى، 6 مزارع فرعية و5 حلاب، ومزرعة تسمين»، بالإضافة إلى توفير الأجهزة والمعدات الخاصة بحفظ الألبان ونقلها، بخلاف محطة معالجة مياه الصرف الصحى الآدمى بطاقة 100 متر مكعب/ يوم، ويضم المركز محرقتين للتخلص الآمن والصحى من المخلفات البيولوجية، بجانب مجرشتين بقدرة 10 أطنان/ ساعة لجرش الحبوب وتجهيز الأعلاف، و7 آبار ارتوازية.
المركز مزود بأحدث الأجهزة وطبقا للمعايير الدولية، بما يهدف إلى التشخيص الدقيق والسريع لأمراض الماشية، سواء كانت وافدة أو متوطنة، من أجل الحفاظ على الثروة الحيوانية، وذلك بالتنسيق والتعاون مع وزارة الزراعة وأكاديمية البحث العلمى، والمجمع ضمن خطة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، من خلال الشركة الوطنية للإنتاج الحيوانى، والتى أنشأت عددا من مجمعات الإنتاج الحيوانى والألبان بالنوبارية، ويوسف الصديق بالفيوم، والوادى الجديد، وشمال التحرير التابعة لمحافظة البحيرة، ضمن خطة المشروعات القومية الكبرى التى تشهدها الدولة المصرية بمختلف المجالات، كما تم افتتاح عدد من المشروعات التى تمثل إضافة للإنتاج الحيوانى والألبان.
ونظن أن افتتاح هذه المشروعات خلال أقل من شهر، يشير إلى أن هذه المشروعات تم تأسيسها قبل سنوات، وتدخل إلى الإنتاج الزراعى والحيوانى، فى وقت تمثل هذه المنتجات أهمية قصوى، ليس فقط فى ظل أزمة عالمية ليس لها أفق، وإيجاد البدائل ومضاعفة الإنتاج، لكن أن يكون هذا ضمن خطط الدولة لمضاعفة الإنتاج، وخلق فرص عمل، بطرق حديثة وعلمية تتوسع فى محافظات مصر.