تحولت منصات التواصل الاجتماعي على مدار الـ 24 ساعة الأخيرة، لما يشبه "صفحة الحوادث"، بعد عدد من الجرائم شهدتها البلاد على مدار الـ24 ساعة الأخيرة، لعل أبرزها "مقتل طالبة المنصورة"، و"قفز شخص بسيارته بالمنصورة"، وإنهاء مواطن حياته من أعلى برج القاهرة، وقتل مواطنا لشقيقته في الأقصر، وغيرها من الحوادث الأخرى، التي شغلت الرأي العام.
والمتابع لتفاصيل هذه الحوادث، يكتشف أن هناك قواسم مشتركة بينها، ربما تكون لذة الانتقام الأبرز، ورغبة البعض في التخلص من المشاكل بالذهاب للموت.
وربما يرى البعض أن هذه الحوادث كثيرة، لكنها بلغة الأرقام تمثل أرقاما ضئيلة مقارنة بعدد السكان، فلا تمثل رقما صحيحا في المائة، ويمكن القول أنها "حوادث فردية"، لأسباب شخصية.
ورغم أن هذه الجرائم لا تمثل رقما صحيحا في المائة، إلا أنها تدق ناقوس الخطر، لا سيما مع قسوة ارتكابها، في مشاهد لم نألفها من قبل، على يد أشخاص قلوبهم أشد قسوة من الحجارة.
المتابع لصفحات الحوادث المتخصصة، والمدقق في تفاصيل الجرائم، يكتشف أن معظمها بدأ بمشاكل بسيطة كان من الممكن تداركها وحلها في وقتها، قبل أن تتفاقم الأمور وتصل للدماء، ونرى قتلى وآخرين يواجهون "عشماوي".
أعتقد من واقع عملي ـ كرئيس لقسم الحوادث في واحدة من أكبر الصحف ـ ومتابعتي لعدة سنوات لهذا الملف، وحواراتي مع المتهمين وأقارب الضحايا، أن غياب الأسرة، وراء معظم هذه الحوادث، نعم، غابت الأسرة، وحلت الأسرة الافتراضية بديلة لها، فأصبحت تتعامل مع الأبناء عبر "الجروبات"، من خلف الكيبورد، فاختفت ثقافة "العيب"، و"دا يصح.. ودا ما يصحش"، وتلاشى الحوار بين الأسرة والأبناء، فأصبحنا نرى شباب من "عينة" قاتل طالبة المنصورة، وقاتل شقيقته في الأقصر، وشابا يقتل والده وأخر يتخلص من زوجته، وهكذا تتعدد الجرائم على هذا النحو، طالما أن "التأسيس" خاطئ، فلن يربي أبنائنا "لايك" أو "شير"، وإنما بتقويم السلوك وتعديله منذ نعومة أظافر الصغار.
ضف على ذلك، بعض الأعمال الدرامية التي ترسخ للعنف والخروج على ثوابت المجتمع، ودخول السوشيال ميديا للمنازل الآمنة، وإساءة استخدامها، وغياب دور المدرسة، وتراجع دور العبادة في ضبط وتقويم السلوكيات بالموعظة الحسنة، وضيق "خُلق" البعض، وغياب "لمة العائلة" ودفء البيوت، وغيرها من العوامل الأخرى، التي غابت فحضرت الجريمة بصفحات الحوادث.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة