الزحام أمام لجان الثانوية العامة أحد العادات السلبية التي نعيشها في هذا التوقيت من كل عام، حيث يتجمع الآلاف من أولياء الأمور أمام المدارس لدعم أبنائهم وذويهم قبل وبعد الامتحانات، وهذا بالطبع أمر مشروع، خاصة أن الثانوية العامة تحوز مكانة خاصة لدى المصريين ويعلقون عليها الآمال أكثر من أي مرحلة أخرى، لكن التكدس المروري الذي يحدث، وحالة الزحام الشديد التي يعاني منها الشارع المصري، خاصة الأماكن التي تذخر بمجمعات المدارس، مظهر لا يليق.
أتصور أن وجود أولياء الأمور بصحبة الطالب صباحاً قبل الدخول إلى لجنة الامتحان قد يكون باعث على التوتر والقلق أكثر منه محفز وداعم، خاصة أنه يحرم الطالب من فترة تركيز ومراجعة ضرورية قبل بدء الامتحان، بالإضافة إلى خوف الطالب الدائم من عدم التوفيق وكيفية الرد على ولي الأمر بعد الخروج من اللجنة، فإذا لم يوفق الطالب في امتحان ما، يجب ألا تكون نهاية المطاف ويفكر في المادة التالية، حتى لا يفقد تركيزه ويستكمل باقي المواد.
بدأ الطلاب امتحانات الثانوية العامة أمس الإثنين بمادتى التربية الوطنية والدينية، واليوم الثلاثاء يستكملون بمادتي الاقتصاد والإحصاء، وهي مواد لا تضاف للمجموع، وأغلب الطلاب يحصلون فيها على درجات النجاح، ولا تحتاج إلى مراجعات خاصة أو دروس أو مذاكرة مستمرة مثل باقي منهج الثانوية العامة، وفى العام الماضي كان يتم الامتحان فيها من المنزل عن طريق التابليت، نتيجة لظروف وباء كورونا، لذلك لا أجد مبرراً لحالة الزحام التي يخلقها أولياء الأمور أمام لجان الامتحانات، فلم تأت بعد مرحلة امتحانات الفيزياء أو الكيمياء أو اللغة الإنجليزية، التي غالباً ما يخرج الطلاب يشتكون فيها من صعوبة الامتحان.
الثانوية العامة تعتمد على المذاكرة والفهم الجيد، ولن يتمكن الطالب من تحصيل درجات ممتازة إلا من خلال هذه الخطوات، ولن ينفعه اصطحاب أولياء الأمور في الصباح الباكر أو إمداده بالماء المثلج والطعام، لذلك اتركوا أولادكم لمعايشة تجربة الامتحانات بحلوها ومرها، ودعوهم يكونوا خبراتهم الخاصة، فلن تظلوا معهم أبد الدهر، فالدعم والمؤازرة ليس بالحضور أو السندوتشات الطازجة، لكنه بالأفعال والكلمات الناصحة، التي تقدم للطالب خبرة الحياة وتجارب يمكنه الاستفادة منها.
أتمنى من الجهات المعنية إجلاء أولياء الأمور من أمام المدارس وعدم السماح لهم بالتجمع حولها بالصورة التي نراها جميعاً، خاصة في المناطق المزدحمة، التي تقع على شوارع رئيسية وتتأثر بمستويات الزحام، لاسيما أن التكدس أمام المدارس يعطل مصالح الناس، ويترتب عليه تأخر البعض عن وظائفهم، لذلك يجب التوعية بهذه الظاهرة السلبية، التي لم نراها سوى في السنوات الأخيرة، وهذا بدوره يؤشر إلى ضعف ثقة الطالب في نفسه، وأتصور أن الأسرة أسهمت بالجزء الأكبر فى هذا الضعف.