بعد إدمان السوشيال ميديا أصبحت كلمة الترند هدف للجميع فى ظل عالم مفتوح لا رابط له ولا ضابط، فنجد يوميا صورا ونماذجا وقصصا تدعو للسخرية تارة والاشمئزاز تارة أخرى، وليصبح "الترند" السبب الرئيسى في معظم الخروج عن المألوف، وعرض كل ما هو شاذ، بغرض الشهرة وجمع المال وجنون الظهور.
لذلك، أعتقد أن الترند هو من يجعل رمزا معروفا يعرض أفكارا قد عفى عليها الزمن لخلق حالة من الجدل يعمد من ورائها إلى الظهور وإثارة الرأي العام، وهو من يجعل شيخا يتلون ويتكلم في المسكوت عنه، ويبذل قصارى جهده في الغير مفيد ويستشهد بكل ما هو ضعيف وشاذ.
والترند أيضا هو من جعل كثير من سائل الإعلام يبحثون عن كل ما هو يخالف الذوق العام، ويتسابق في نشر حالات فردية، مثلما نرى الحال في استضافة ما يسمون بمطربى المهرجانات، ويستضيف حالات شاذة لا تعبر عن المجتمع ولا قيمه، وهو من جعل نساء تعرض أدق تفاصيل حياتها وأسرارها على الملأ بمواقع التواصل الاجتماعى، وهو أيضا من جعل بعضهن يعرضن المفاتن والخصوصيات دون وازع ولا رادع، فرأينا من تتراقص من أجل الترند ومن تتزوج كلب بسبب الترند.
والمؤسف أنه الصغار والأطفال لم يسلموا من خطر الترند، فهناك أسر تستغل أطفالها سواء بعرض فيديوهات لهم مضحكة أو توظيفهم في قصص وهمية وحكايات غريبة وعجيبة من أجل الترند، والنماذج كثيرة، فهذا أم تعرض طفلها وهو يبكى مدعيا التعذيب، ثم تخرج وتؤكد أنه كان هزار وتمثيل.
فقولا واحدا، ما يحدث هو انتهاك صريح واضح وقتل مع سبق الإصرار والترصد لمنظومة القيم فى المجتمعات، وضرب للعلاقات الاجتماعية في مقتل، وتهديد لسلامة الإنسان صحيا واجتماعيا ونفسيا، فهل ينكر أحد ازدياد العزلة والانطواء بين الأبناء؟ وهل ينكر أحد كيف أثر هذا على فكر الشباب بصورة سلبية ظلامية، وضبابية لنشر أفكار مدمرة، وما حدث فى قضية الطالبة نيرة أشرف ليس ببعيد، فراينا كيف كان تصوير الواقعة أهم من الإنقاذ؟ ورأينا الإصرار على اللقطة حتى وعلى حساب المروءة والشهامة.
وأخيرا، لا مفر من التمسك بمنظومة القيم، ولا نترك عالم السوشيال ميديا بالاستخدامات السيئة أن يقودنا إلى الهاوية، لأننا إذا أردنا أن نكون أمة ذات معنى وقيمة، علينا أن لا نركع للحداثة مثلما يريده هؤلاء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة