أكرم القصاص

أكرم القصاص يكتب: فى الذكرى التاسعة لثورة 30 يونيو .. المصريون معا لحوار حول المستقبل

الجمعة، 01 يوليو 2022 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- الحوار يسهم فى تنمية سياسية تحقق حيوية للمجتمع لإرساء مفاهيم العدالة والكرامة وإعلاء مفهوم المواطنة وقبول الآخر

- تسع سنوات.. مصر هزمت الإرهاب وواجهت الاختبارات الصعبة.. وتضاعف حجم الثقة فى بناء الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة.. والمصريون يفرقون بين أغلبية تتفق وتختلف داخل الجماعة الوطنية وأقلية اعتادت الانحياز للخصوم

- واجه المصريون حكم تنظيم الإخوان والمرشد العلنى والسرى واستعادوا الدولة من مصير صعب.. ومصر الدولة الوحيدة التى لم ترفع فيها رايات الإرهاب السوداء بجهد أبنائها من القوات المسلحة والشرطة

قبل 9 سنوات واجه المصريون حكم تنظيم الإخوان والمرشد العلنى والسرى، واستعادوا الدولة من مصير صعب واجه الدول التى استسلمت للتقسيم، وانتبه المصريون إلى محاولات التقسيم والتصنيف للمواطنين مما قد يتطور إلى حرب أهلية، خرج المصريون وهم يعرفون أنهم سيدفعون الثمن، وعلى مدى تسع سنوات واجهوا هجمات إرهابية من حلفاء التنظيم، وخلفهم عشرات المنصات والقنوات التى تبث الأكاذيب وتسعى لبث الفرقة والشك، سعت الجماعة أن تنفذ بعد طردها من الحكم، ما عجزت عنه وهى فى السلطة، تحالفوا مع كل خصوم مصر، ومدعومة بملايين الدولارات، بل إنهم هاجموا الشعب وشنوا عليه حملات العدوان وكان أبناء الشعب من الجيش والشرطة يتصدون للإرهاب، ويواجهون على مدى 24 ساعة شائعات وحملات تشكيك وحرب دعائية غير مسبوقة. 
عام واحد تحت حكم تنظيم الإخوان، كان كافيا ليشعر الشعب بالتهديد، حولوا أحلام التغيير إلى كوابيس، سعوا إلى تقسيم الناس طائفيا وعرقيا مسلمين ومسيحيين، شيعة وسنة، مع تفكير فى إنشاء ميليشيات موازية للجيش والشرطة، كادت تدخل البلد فى مصائر دول من حولنا، كان يمكن مواجهة مشاكل اقتصاد والكهرباء وغاز وبنزين وزحام وفوضى، وهو ما فشلت فيه جماعة المرشد، لكن الخطر الأكبر هو ضرب وحدة المصريين وفرض إرهابيين وعصابات مسلحة وخلق حرب داخلية كادت تلتهم البلد. فشل التنظيم فى الإدارة، دون أن يمتلك لا أدوات ولا إرادة ولا تصور عن إدارة الدولة، تم منع محافظ مصرى قبطى من دخول محافظة قنا، وعينوا بدلا منه إرهابيا فى منصب محافظ بنفس المحافظة، فى مفارقة غير مسبوقة، وأسفروا عن وجه آخر يكشف عن عجز فى فهم تركيبة الشعب المصرى، تصوروا أنهم قادرون على تغيير التركيبة والسيطرة على الشعب بنفس طريقتهم فى الزحف على السلطة واختطاف البرلمان والرئاسة فى وقت الفوضى والاختلال بين النخب السياسية، وتصوروا أن نجاحهم بالتكتيك، يتيح لهم الحكم بالإيقاع بين التيارات أو التحالف مع الإرهابيين السابقين. 
 

إدراك حقيقى

الشعب المصرى كان لديه إدراك حقيقى ووعى بهويته، وعندما شعر أن تاريخه وهويته مهددان، توحد وخرج ليرفض ويستعيد بلده، وهو يعرف أنه سيدفع الثمن، خرجوا لاستعادة أنفسهم، ومواجهة التنظيم، وسط تهديدات بالحرق والفوضى. 
 
تسع سنوات واجه المصريون والدولة الاختبارات وبجانب الإرهاب كان على الدولة استعادة الاقتصاد والبدء فى عملية بناء وتخطيط للبنية الأساسية وملفات الصحة والتعليم والزراعة والصناعة، ومثلما خرج المصريون ليستعيدوا الهوية، تحملوا بصبر وإخلاص الإصلاح الاقتصادى الضرورى والروشتة المرة لدواء لا بد منه، هزموا مع الإرهاب الفيروس الكبدى الوبائى، والعشوائيات، وجائحة كورونا، ويمكنهم مواجهة أى أزمات أو تحديات طالما تمسكوا بوحدتهم وإخلاصهم، واجهنا تنظيمات إرهابية كبيرة جدا وحشد وأموال ودعاية ضخمة، الناس بذلت مجهودا كبيرا لمواجهة لجان وشائعات بعضها يتعلق بالاقتصاد وحياة الناس. 
 
نجت مصر من مستنقع الفوضى، ومصائر دول حولنا فى الإقليم ذهبت إلى الضياع أو واجهت حكم الميليشيات، واضطر مواطنوها للهروب لاجئين. وهو ما يرفضه المصريون، ولا يغادرون بلدهم، مصر البلد الوحيد التى لم ترفع عليها رايات سوداء من داعش أو أى تنظيم إرهابى مثلما فعلوا فى دول حولنا، والشعب المصرى عليه أن يفتخر بذلك، وبجهد أبنائه من القوات المسلحة والشرطة، الذين قدموا حياتهم فى مواجهة إرهاب فكك دولا وخلق فوضى، وحروبا بالوكالة.   
كانت مهمة السنوات الأولى، تثبيت أركان الدولة، ومواجهة الإرهاب، وإصلاح الاقتصاد، والبنية الأساسية للطرق والكهرباء ومواجهة العشوائيات، وإعادة بناء السياسة الخارجية من خلال دوائر مصر الطبيعية، العربية والإسلامية والأفريقية والمتوسطية، من خلال سياسة خارجية تقوم على التعاون والشراكة وعدم التدخل والردع الرشيد بقوة تحمى ولا تهدد.
 

مرحلة التثبيت

واستلزم الأمر خلال مرحلة التثبيت وضعا استثنائيا من مضاعفة الجهد، والوصول إلى الاستقرار، ومع كل خطوة، كانت الأمور تتجه إلى طبيعتها، مع خطوات نحو استعادة وحدة 30 يونيو، والبدء فى مرحلة من الحوار والتقارب، ومنح مساحات للتفاهم بشكل أكبر، والتوجه نحو المستقبل، وتوسيع العمل فى البنية الأساسية والنقل والطرق والزراعة والصناعة، واستعادة الوحدة والتنوع التى ساهمت فى نجاح 30 يونيو. 
 
وهذا الحوار يساهم فى تدعيم التصورات وتنوع الآراء حول تفاصيل الخطوات الاقتصادية والسياسية، وحريات الرأى والتعبير، مع الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، بعد إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التى توسع المشاركة والتعبير عن الرأى والتفاعل والحوار للتيارات السياسية والمنظمات الأهلية كشريك أساسى، وتنفيذ الإصلاح الإدارى، بالشكل الذى ينال رضا المواطنين، مما يخلق أرضية لحوار واسع يدعم إدارة التنوع، ويربط الحقوق الاجتماعية والاقتصادية بالحقوق السياسية وحرية الرأى والتعبير.
 
وبالفعل كانت الاستراتيجية الوطنية خطوة تبعتها دعوة رئاسية للحوار، باعتبار الدولة أصبحت الآن فى موقف يسمح بالمزيد من إدارة التنوع سياسيا ومجتمعيا، وهذا الحوار الذى يأتى وسط الاحتفال بثورة 30 يونيو، ضمن عملية إعادة الاصطفاف، والمناقشة حول المستقبل انطلاقا من ثمار تسع سنوات انتقلت فيها مصر إلى الاستقرار.
 
وهذا الحوار ضرورى فى ظل التحولات التى شهدها العالم على مدى السنوات الأخيرة، وحتى الآن فى السياسة والاقتصاد وثورات التكنولوجيا والاتصال، وانعكاسات اقتصادية وسياسية واستقطابات، وتأتى الدعوة للحوار بناء على معطيات محلية، حيث تتحرك الدولة بناء على ما يتحقق فى مجال الأمن أو العمل الأهلى، ومن واقع الضرورات والظروف الموضوعية، باعتبار أن كل دولة لها ظروفها السكانية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية، والتى يفترض التعرف عليها والتفاعل معها. 
 
وقد فتحت الدعوة للحوار الوطنى الباب لمناقشات وآراء متنوعة، مما يعد نقطة إيجابية، وطريقا لبناء الثقة وإقامة جسور بين الدولة والتيارات السياسية المنظمات الأهلية، لتكون أرضية يمكن أن تمهد لجمع الشمل والبناء على ما تحقق خلال السنوات الماضية، واستعادة وحدة الصف لتحالف 30 يونيو، التى اجتمع فيها المصريون، وبالتالى يمكنهم استعادة وحدتهم، لأن بناء الثقة يسمح باتساع مجال التفاهم، وإقامة جسور ومساحات للتفاهم والتحاور، أيا كانت الخلافات بين التيارات السياسية والحزبية يمكنها تقبل بعضها، بحثا عن مطالب تحظى بتوافق، مع استعداد كل الأطراف لتقبل الاسئلة، حول نفسها ووزنها النسبى، خاصة أن المطالب ليست فقط سياسية، لكنها أيضا اجتماعية وتتعلق بحياة الناس ومطالبهم، ومدى تفهمهم وتفاعلهم مع ما تحقق خلال السنوات التى تلت 30 يونيو.  

خطوة من أطراف الحوار

حتى الآن فإن الدولة أبدت تقدما فى الملف بعد مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى، واتخذت خطوات تنفيذية واختيار جهة محايدة، ومجلس أمناء يحوز تنوع وتعدد.  هناك خطوات جادة تؤكد صدق النية والرغبة فى الحوار بشكل حاسم، ، وإطلاق مئات من المحتجزين بناء على عمل لجنة العفو الرئاسى، وتأكيدات بأن الحوار يتم من دون تمييز مع كل من لم يرتكب العنف أو يحرض عليه.

وفى انتظار خطوة من أطراف الحوار ليبدوا مدى استعدادهم للتقدم خطوة مقابل ما قطعته الدولة من خطوات، باتجاه تفهم أكثر، والاستفادة من تجربة 12 عاما جرت فيها تحولات كثيرة محليا وإقليميا ودوليا، وهناك أجيال كبرت ونضجت خلال هذه الفترة، بما أضيف لخبراتهم وحياتهم العملية، هناك ملايين على مواقع التواصل ينخرطون فى مناقشات كاملة أو ناقصة، وجمهور ينتظر أن ينعكس الحوار على التفهم والتنوع، وخلق حالات حوار حقيقية، وليس مجرد كلام ومناقشات مغلقة.
 
هناك أقلية اعتادت الانحياز للخصوم والأعداء، وتبنى وجهات نظرهم، وهى فرقة تربت على مخاصمة الوطن، والانحياز للجماعة والتنظيم، ومعهم قليلون وقعوا فى شرك التنظيم المتطرف أو راهنوا على أرباح ضيقة وخسروا رهانهم، لكنهم سجلوا بأنفسهم سوابق الانحياز للعدو، والسير فى ركاب الخصوم، بزعم ممارسة التنوع أو الرأى المختلف، على العكس ممن تمسكوا بالبقاء وإعلان آرائهم داخل الوطن، ضمن تنوع مطلوب ويمكن أن يتسع، ما دام ارتبط المختلفون بقواعد عامة تضع الوطن فوق الجماعة أو الحزب، وتعرف اللحظات التى لا يفترض الاختلاف حولها أو التحديات التى تهدد الكل بلا استثناء.
لقد بلغت الدولة المصرية اليوم درجة من اللياقة الاقتصادية والسياسية تضاعف من حجم الثقة والاطمئنان فى نفوس الشعب المصرى، ولا أحد من حقه الحديث باسم الشعب أو الادعاء بأنه يفهمه، ومن الممكن قراءة مفردات دالة، خلال السنوات التسع الماضية، تشير إلى أن الشعب المصرى لديه حواسه القادرة على فرز الصدق من الكذب، والفصل بين النصيحة والابتزاز، هذه الثقة تكونت بناءً على تجارب واضحة ونتائج على الأرض، وليس بناءً على شعارات أو كلام معسول.
 

المصريون معا

يدرك المصريون جيدا كيف يفرقون بين الحقيقى والمزيف، وبين التنوع والابتزاز، وبين القلق المشروع والتشكيك ونشر المشاعر السلبية واليأس، يعرفون أن التساؤل مشروع، والقلق المصحوب بطرح أسئلة أمر محمود ومطلوب، يختلف عن الإرباك والتشكيك والحديث بلسان خارجى،  ويدركون أن التنوع فى الآراء يختلف عن الإرباك وطرح الأسئلة الخبيثة  والابتزاز، ومحاولة شق الصف ، ومن خلال ما هو معلن اليوم فى العالم وثورة المعلومات والاتصال والتواصل،  هناك خطوط عامة لقضايا الأمن القومى، والتحديات المحيطة والقضايا الإقليمية والسياسة الخارجية، وأن الدولة ما كان لها أن تتوقف للرد على حملات مستعرة، واتجهت للعمل، ويفرق المصريون بين أغلبية تتفق وتختلف داخل الجماعة والوطنية، وأقلية اعتادت الانحياز للخصوم والأعداء، وتبنى وجهات نظرهم، فرقة تربت على مخاصمة الوطن، والانحياز للجماعة والتنظيم، بحثا عن أرباح ، هؤلاء خسروا رهانهم، على العكس ممن تمسكوا بالبقاء وإعلان آرائهم داخل الوطن، ضمن تنوع مطلوب ويمكن أن يتسع، ما دام ارتبط المختلفون بقواعد عامة تضع الوطن فوق الجماعة أو الحزب، وتعرف اللحظات التى لا يفترض الاختلاف حولها.
 
لقد بلغت الدولة المصرية اليوم درجة من اللياقة الاقتصادية والسياسية تضاعف من حجم الثقة والاطمئنان وهى اليوم أكثر استقرارا فى الطريق لبناء الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة، التى  وصفها الرئيس عبدالفتاح السيسى أنها «تمتلك القدرات الشاملة اقتصاديا، وسياسيا، واجتماعيا، وتعلى مفهوم المواطنة وقبول الآخر، وتسهم فى تنمية سياسية تحقق حيوية للمجتمع، تقوم على مفاهيم العدالة الاجتماعية والكرامة والإنسانية». 
 
حيث يتجه المصريون معا، فى الذكرى التاسعة لثورة 30يونيو، مثلما خرجوا قبل تسع سنوات، لرسم صورة للمستقبل أكثر تنوعا وقدرة على التفهم والفعل.
 
p.8
 

 







مشاركة



الموضوعات المتعلقة




الرجوع الى أعلى الصفحة