تعد "رسالة الغفران" للمعرى، أيقونة من أيقونات الأدب العربى قاطبة، وتحتل مكانة هامة في الأدبيات العربية، حتى أن أثرها لم يتوقف عند العرب فقط، بل امتدت للغرب وحظت أيضا بمكانة كبيرة وصلت إلى حد استلهام العديد فلاسفة أوروبا أعمالا تأثرا برائعة المعري الخالدة.
وفى كتابها الجديد «أبو العلاء وبراندان: دراسة مقارنة لأدب الرحلة إلى العالم الآخر» الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، حاولت الدكتورة منى طلبة، البحث في مفهوم النص بوصفه نموذجا لأدب الرحلة إلى العالم الآخر.
ضمن الكتاب ستة فصول، حيث جاء الفصل الأول بعنوان “أدب الرحلة إلى العالم الآخر” وفى هذا الفصل بينت الكاتبة المقصود بأدب الرحلة إلى العالم الآخر، وأنه هو الأدب الذي يتناول النصوص: “الأسطورية والدينية والإنسانية الخيالية” بوصفها جميعا تنطوي على لغة رمزية تعرف بقدرتها على الخلود وعلى التحول اللانهائي، وهى تبرز وتخفى في ذات الوقت الأفكار العميقة. كما سلطت الضوء على خصائص أدب الرحلة إلى العالم الآخر، والتي تتمثل في ثلاث خصائص، وهى: شكله الرمزي الشعري، وأساسه الأخلاقي، ومفهومه الموحد للزمن والتاريخ.
واستندت الدراسة إلى اللغة الرمزية في رسالة المعري وقدرته على وصف وإبراز الأفكار العميقة عن العالم الآخر في مفهومه، وكيف تأثر به الكثير مثل داندى في رائعته "الكوميديا الإلهية".
وتقدم منى طلبة في كتابها مقارنة بين نص "رسالة الغفران" لأبى العلاء المعري وفلسفته في اللغة والدين والأخلاق، ونص "الجنة الأرضية" للقديس براندان، بوصفها نصا رئيسا موازيا لرائعة المعري في الثقافة الغربية وخاصة الإيرلندية، وكذلك عرجت إلى نصوص أخرى خاصة في الجنائزي مثل "متون الأهرام" للمصريين القدماء، و"ملحمة جلجامش" في الأدب البابلي القديم.
الباحثة أيضا لم تغفل النصوص الدينية بوصفها مؤثر كبير، مثل حديث الإسراء والمعراج ورؤيا القديس يوحنا كنصين رئيسيين يشكلان مفهوم العالم الآخر في الإسلام والمسيحية.
الدراسة تطرقت أيضا إلى مفهوم العالم الآخر في مختلف الثقافات والأديان، وحاولت تفسير الموت والنعيم والجحيم عند هؤلاء، موضحة تعامل الإنسان مع الموت وهل يرفضه أم يجهله، وكيف حاول تنظيم حياته وفق منظومة أخلاقية تقتضي تحقيق الخير وإحلال الثواب والعقاب ما يصنع توازن مجتمعي، يفسر غاياته في الوجود.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة