ونحن نتحدث عن تسع سنوات منذ 30 يونيو، فإنها بمقياس الأحداث التى تمت إقليميا وعالميا بمثابة عقود، وفى نفس الوقت واجهت الدولة تحديا وجوديا، وأيضا فيما يتعلق بالتنمية والمشكلات المتراكمة على مدى عقود، فى ملفات اقتصادية واجتماعية وصحية وتعليمية، وعلى مدى السنوات تم علاج الكثير من الملفات، جزء منها يعالج الماضى، والثانى يتعامل مع الزيادة السكانية التى تجاوزت العشرين مليونا خلال هذه السنوات.
وبناء عليه ونحن نتحدث عن البدء فى الحوار الوطنى أن ننطلق من تجربة وخبرة تسع سنوات، شهدت تحولات داخلية وإقليمية ودولية، كانت الدولة تعمل فيها على محور تثبيت ومواجهة إرهاب مؤكد، وفى نفس الوقت تسعى للتخطيط وإعادة عجلات الاقتصاد والتنمية.
بدأت عملية الإصلاح الاقتصادى فى وقت كانت الدولة فيه تواجه إرهابا تسبب فى تفكيك دول وإرباك دول أخرى، بجانب مواجهة مع اثنين من أخطر التهديدات للأمن القومى والاجتماعى، وهما فيروس الكبد الوبائى سى، والعشوائيات التى تمثل أحزمة خطرة حول القاهرة والمحافظات وفى قلبها.
ومن مبادرة القضاء على فيروس سى، ولدت مبادرة 100 مليون صحة، والبدء فى منظومة التأمين الصحى الشامل، الذى تأخر لعقود، وهذا كله وسط إصلاح اقتصادى مؤلم، وإعادة بناء للطرق والبنية الأساسية، ومواجهة التأثيرات الجانبية بمبادرات اجتماعية ومنها تكافل وكرامة و«سكن كريم» وأخيرا «حياة كريمة»، والتى تتضمن توزيعا عادلا لعوائد الدولة، وحق الريف والأقاليم فى عوائد التنمية.
المبادرات الرئاسية كانت طرقا للمواجهة العاجلة، وممرات التنمية تضع خريطة للتنمية الزراعية والصناعية وشبكة الطرق القومية، والقطارات والمترو والتى تربط الشرق بالغرب وتفتح المجال للتوسع الأفقى والرأسى، والتوسع فى إضافة أكثر من 2 مليون فدان، وأنفاق قناة السويس التى تربط سيناء بالوادى والدلتا، ومدن من الجيل الرابع تستوعب ملايين السكان والمجتمعات، وهى مدن قابلة للبقاء وتتضمن أنشطة صناعية وزراعية وتجارية تجعلها إضافة إلى مساحة مصر جغرافيا.
القطارات وشبكة الطرق تمتد شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، تربط موانئ البحر الأحمر بالمتوسط، وقطارات كهربائية سريعة، تربط خطوط الاستثمار والسياحة، والتوسع فى الطاقة الشمسية والرياح، هناك مدن صناعية فى كل محافظة، ومناطق مثل الروبيكى تتضمن صناعة الجلود والغزل والنسيج، مع إعادة تطوير وبناء صناعات تقليدية مهمة مثل الغزل والنسيج ومدينة الدواء، وإعادة تشغيل وتطوير الصناعات الغذائية التى توقفت أو تعثرت.
وحلا لمشكلة الإسكان للطبقات الوسطى ومحدودى الدخل، أعلن الرئيس خطة لتقديم 100 ألف شقة بالإيجار التمويلى، لتوفير وحدات للشباب فى بداية حياتهم، بل إن الرئيس أثناء افتتاح سكن الموظفين فى العاصمة الإدارية، أشار إلى أن الدولة ستواصل الدخول للبناء والعمران من أجل خلق توازن فى سوق العقارات، ودائما يدعو الرئيس السيسى القطاع الخاص للعمل والمشاركة مع الالتزام بالقانون.
التنمية تعنى ارتفاع نسبة النمو، ومضاعفة العوائد وخلق فرص عمل، والتوازن بين النمو الاقتصادى والزيادة السكانية، والحرص على توزيع مشروعات التنمية وعوائدها على الأقاليم فى الوجهين البحرى والقبلى، ومعروف أن مشروعات البنية الأساسية من طرق وكبارى ومحاور والصرف وتنقية المياه والغاز والكهرباء والمستشفيات والمدارس، هى خدمات أساسية ليس لها عائد مباشر، لكن عائدها ينعكس فى خدمة الصناعة والتجارة والزراعة، ولا يمكن الحديث عن مشروعات صناعية كبيرة أو صغيرة من دون وجود ممرات لتسويقها واستقبال المواد الخام.
نقول هذا، ونحن نتحدث عن تسع سنوات، كانت كلها سنوات كبيسة، من حيث الأحداث والتحديات، وكانت التساؤلات عن نقطة البدء، وربما ونحن نقترب من حوار وطنى أن تكون هذه الموضوعات ضمن أجندة نقاش، لتضيف وتناقش سياقات الاتجاه للمستقبل.