ورشة العم "بندق" ورشة حدادة متواضعة قديمة متواجدة بمنطقة كفر النحال بمدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، توارثها عن أبيه وجده، يطل من جدرانها عبق الماضي والزمن الجميل، وقصة كفاح لأكثر من 50 عاما من أجل تربية البنات بالحلال والعرق.
"بحبها زى بناتى الخمسة".. هكذا لخص العم "كمال سليمان عبد الحميد" 60 عاما، رحلته مع مهنة الحدادة، بهذه الكلمات المعبرة عن مدى إخلاصه وحبه لمهنته، التى بدأها فى السابعة من عمره، عرف الأساسيات من والده وتعلم منه الصبر قبل الحرفة حتى أصبح حدادا ماهرا، يشكل الحديد كأعمال فنية كأنه يتعامل مع صلصال إذ يستطيع صناعة أشكال مختلفة ومتعددة، يتحول الحديد من صلابته العنيدة الى قطع تشكل حسب إرادة العم بندق.
وقال العم "عبد الحميد" الشهير بين أهالى مدينة الزقازيق باسم " بندق" الحداد، إنه ورث الورشة عن أبيه وجده، فالصنعة متواجدة بين أفراد العائلة أبا عن جد، ورحلته مع التعليم انتهت قبل دخول امتحانات الشهادة الإعدادية، بسبب الأحوال المعيشية للأسرة وقتها، فتفرغ للورشة مع أبيه، وأطلق عليه "بندق" منذ ذلك الحين، تعلم فنون الحدادة وتعلم الصبر معها حتى أصبح حدادا ماهرا، الحديد فى يده كأنه عجين يشكله على كل الأشكال.
يأتي الزبائن بمدينة الزقازيق إلى العم " بندق" لأمانته فى العمل، حيث يخرج الحديد من يده مختلفا، ويطلقون عليه حداد الزقازيق الأمين، لما عرف عنه من أمانة فى العمل، حيث يحرص قبل البدء فى صهر أي قطعة حديد بقول بسم الله، ثم يبدأ عملية الصهر، وفي حال عدم رضاه عن القطعة المنصهرة يعيدها مرات عديدة حتى لو أعجبت الزبون، فلا يسمح أن يخرج من ورشته إلا ما هو راضى عنه بشكل احترافى.
كعادته كل يوم يبدأ عم " بندق" العمل من التاسعة صباحا، بإشعال الكير ليبدأ العمل بعد القيام بترتيب أدواته بجانب السندان وفنون الطرق وتشكيله بصبر واحتراف بمفرده دون مساعد له حتى الساعة الخامسة مساء، ولا يؤنس عم "بندق" فى ورشته إلا راديو صغير يستمع من خلاله إلى إذاعة القرآن الكريم، لتعلق قلبه بكبار عمالقة التلاوة القدامى أمثال الشيخ "عبد الباسط عبد الصمد" والشيخ"محمد رفعت".
وعن مخاطر المهنة قال العم "بندق" دى مهنة شاقة وكلها مخاطر والعين أكثر عرضة للإصابة نتيجة تطاير الشرر من النيران أثناء صهر الحديد، لكن خدنا على كده خلاص والله خير حافظا،وربنا يسترها معايا من أجل بناتى الخمسة.
"كل أمنيتي فى الحياة أزوج بناتي" لخص العم" بندق" كل أمانيه فى الحياة أن يطيل الله فى عمره حتى يزوج نجلتيه، حيث رزقه الله بخمسة بنات، زوج منهن ثلاثة، واثنتين بالدراسة، فى نهاية حديثه أرسل من خلال "اليوم السابع" رسالة حب وتقدير لشقيقته الكبرى" أمال سليمان عبد الحميد" الموظفة بالمعاش بالضرائب العقارية بالإسماعيلية، معربا لها عن بالغ شكره لوقوفها معه خلال رحلة زواج بناته الثلاثة وتقديمها الدعم المادى والمعنوى لها فى كافة جوانب الحياة، فأرد أن يرد لها جزء من فضلها عليه بتوجيه رسالة حب وتقدير لها من خلال "اليوم السابع".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة