أكرم القصاص

أكرم القصاص يكتب: القلق المشروع والأمل فى مواجهة الأزمة العالمية

الجمعة، 26 أغسطس 2022 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى ظل العولمة وشبكات التواصل الاجتماعى، أصبح العالم يتفرج ويتابع الأزمة العالمية على الهواء، ومِثل عدّاد «كوفيد - 19»، لدينا عدادات لأسعار الفائدة، والبترول، والغاز، والقمح، فى بورصات العالم، وهو أمر ينعكس على كل سكان الكرة الأرضية، وكل شىء يتغير لحظة بعد أخرى، ويواجه أزمة مركبة تغيب فيها سيناريوهات التوقع، وتحمل عنوان «عدم اليقين»، حيث تفاعلات يصعب التنبؤ بنتائجها، وتمتد تأثيراتها إلى دول الاتحاد الأوربى وأمريكا وروسيا وأفريقيا وآسيا، وتلجأ الدول إلى إجراءات مصرفية ومالية، لخفض ورفع للفائدة، بما يضاعف من الشعور بوطأة الأزمة، وبأننا أمام أزمة واضحة، لا يمكن إخفاؤها.
 
 وبناء عليه، لا توجد أسرار أو مفاجآت، وهناك فارق كبير بين الحقائق والتوقعات أو المعطيات، وليس القصد هنا التهوين أو التهويل، لكن المناقشة بالشكل الذى يحاول فهم ما يجرى والتفاعل معه، دون تخويف، أو مبالغات، أو تجاهل.
والواقع أن هناك من يسأل وهو يشعر بقلق، ويواجه تغيرات الأسعار، وهو قلق مشروع، بحثا عن طمأنة أو تصور، وفى المقابل هناك من يتحدث بهدف إثارة القلق أو الفزع، وأخطر ما يواجهه المجتمع هو الهلع الذى يضاعف من الارتباك، ويرفع من مشاعر الترقب، خاصة مع وجود منصات ولجان هدفها كسر التماسك، من خلال إشاعة مخاوف المجتمع فى وقت لا يتحمل هذا. 
 
الأزمة ليست خافية على العالم، وفيما يتعلق بمصر، فإن الحكومة سبق وعقدت مؤتمرا فى منتصف مايو الماضى، لإعلان رؤية الدولة فى مواجهة الأزمة الاقتصادية، قال فيه رئيس الوزراء: «إن الأزمة الروسية الأوكرانية هى أزمة فوق الأزمة، أثرت على كل الاقتصادات، ومنها الاقتصاد المصرى، فمصر ليست بمعزل عن العالم، وأنه لولا برنامج الإصلاح الاقتصادى، ومعدلات التنمية، لم تكن مصر تستطيع أن تتحمل من أول أزمة كورونا هذا الموقف الصعب، وأمام هذه الأزمات، يصعب على أى خبير عالمى، أن يتوقع كيف سيكون اقتصاد العالم خلال هذا العام، أو الفترات المقبلة»، وشرح الإجراءات المصرفية والمالية، والاستمرار فى مشروعات وبرامج «حياة كريمة»، مع توسيع دور القطاع الخاص، والاستثمارات.
 
وبالتالى عندما نتحدث عن الدولة ومواجهة أزمة، نحن نتحدث عن أزمة عالمية واضحة تسعى الدول الاقتصادات الكبرى لمواجهتها بالكثير من الإجراءات الاقتصادية، رفع فائدة أو أسعار، تحفيض استهلاك أو دعم، توزيع أعباء، وهى إجراءات اتخذها البنك الفيدرالى الأمريكى، والبنك الأوروبى، ودول صناعية كبرى، تعلن رفع أسعار الخدمات والطاقة بشكل كبير، بما يرفع الاسعار الاستهلاكية، مع الأخذ فى الاعتبار أن هذه الدول اتحذت إجراءات إغلاق كامل مع كورونا، ولجات لدعم العمل من المنزل وتعويضات، ونفس هذه الدول تضطر لرفع أسعار الخدمات والطاقة، أو المطالبة بترشيد، لحين تجاوز الأزمة.
 
وفيما يتعلق بمواجهة أو معالجة الأوضاع الاقتصادية وتداعيات الحرب وكورونا، فإن الدولة تتخذ إجراءات متعددة مالية ومصرفية، بناء على معطيات، وتطبيقا لنظريات، وهى إجراءات يضعها الخبراء، ولا يفترض أن يكون مفاجئا، وعلى مدار 6 أشهر ظلت التأثيرات قابلة للتحمل، حتى مع ارتفاعات الأسعار انعكاسا لأسعار وتأثيرات عالمية، مع مضاعفة المقررات التموينية لملايين الأسر لمدة 6 أشهر، وهى إجراءات معمول بها فى دول أوروبية أو فى دول كبرى، بجانب إجراءات محلية تتعلق بالأسر الأكثر احتياجا، ومن دون تهوين أو تهويل، أو تخويف، فإن أبعاد الوضع معلنة، والأهم هو استمرار فرص العمل ودواليب الدولة والقطاع الخاص، وإعادة النظر فى الإجراءات المصرفية والنقدية بشكل دورى لاتخاذ ما يناسب، وضمان استمرار الإنتاج ودعم التصدير، وخفض الواردات وتوفير بدائل محلية.
 
وإذا كان القلق مشروعا والتساؤل متاحا، فإن الأمر يحتمل محاولة قراءة التعامل المحلى فى ظل شكل ومضمون عالمى، والأمل يأتى من سوابق تعامل الدولة مع جائحة كورونا من خلال سياسات مرنة، وتجانس بين الإجراءات الوقائية والصحية، فضلا عن أنه - وعلى مدار أكثر من عامين - تم تطبيق صيغة متوازنة ومساعدات لفئات ضعيفة أو عمالة مؤقتة، وقبلها عبرت الدولة تهديدات الإرهاب والتراجع الاقتصادى، وسارت فى طريق البناء، وأنتجت أصولا تمثل عناصر جذب استثمارى، كل هذا يجب أن يوضع فى الاعتبار، ليعطى أملا فى تخطى أزمة لم تترك اقتصادا فى العالم دون أثر. بجانب قرارات بتغييرات مصرفية، يتوقع أن سياسة الحكومة تتجه لخفض وتقشف، مع دعم للصناعة والصادرات وتنشيط السياحة.
 
الأمر لا يتعلق بإخفاء أو تبرير، بل محاولة فهم ومشاركة، تضاعف من القدرة على الفعل، واستعادة التوازن، مع استمرار التنمية ورفع النمو، والأهم هو الاطمئنان والتماسك بعيدا عن التهويل أو التهوين.
 
p
 

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة