جرائم دموية بطلها أطفال شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية علي مدار تاريخها ـ ولا تزال ـ رغم الجدل الدائر من حين إلى آخر بشأن التشريعات والضوابط التي تقنن حيازة السلاح داخل البلاد ، والفشل المتتالي علي مدار الإدارات المتعاقبة علي البيت الأبيض في فرض قيود صارمة علي اقتناء آلات القتل بين المواطنين بشكل منفلت ، ما كان سبباً وصول تلك الأدوات إلى يد المراهقين والأطفال.
ونهاية الأسبوع الماضي ، وفى ولاية فيرجينيا ، أقدم طفل يبلغ من العمر 6 سنوات علي إطلاق النار داخل فصل بمدرسة ريتشنيك الابتدائية وأصاب معلمته البالغة من العمر 25 عاماً ، وذلك أثناء مشاجرة بين التلاميذ ، أطلق خلالها "القاتل الصغير" النار بشكل عشوائي لتستقر رصاصة في صدر المعلمة التي استطاعت رغم اصابتها في اخراج التلاميذ من الفصل، والوصول إلى الهاتف وطلب المساعدة.
وبحسب شبكة إية بي سي الأمريكية ، قال ستيف درو ، رئيس الشرطة ، إن حالة المعلمة تحسنت إلى حد ما في وقت متأخر من بعد ظهر اليوم التالي للحادث ، مشيراً إلى الأمر لم يكن حادثا عرضيا، ويبدو أن إطلاق نار متعمد وأوضحت السلطات أن الطفل جلب المسدس من منزله قبل أن يصوبه لمدرسته، وعندما تم إطلاق النيران رفعت المعلمة يدها، لكن الرصاصة اخترقت صدرها بالفعل.
وأضاف مسئولون من الشرطة إن المعلمة وعلي من إصابتها السيئة، أرسلت الطلاب فى فصلها، وكان عددهم نحو 20 طالبا، للخارج، وهرولوا عبر الممرات، فى الوقت الذى سارع فيه موظف أخر إلى الفصل وسيطر على الطالب وبعدها تماسكت المعلمة البالغة من العمر 25 عاما حتى وصلت إلى المكتب لطلب المساعدة.
مشاهد رعب أبطالها "القتلة الصغار"
ويتضمن أرشيف جرائم السلاح في الولايات المتحدة جرائم مماثلة بطلها أطفال ، فبحسب تقرير لشبكة سي بي اس الأمريكية ، وقع في عام 2000 حادث دام ، حيث أطلق أطلق صبي يبلغ من العمر 6 سنوات النار على فتاة صغيرة في الفصل في الصف الأول ، بعد يوم من دخولهما في شجار اثناء اللعب.
وأقر عم الطالب بأنه مذنب بالقتل غير العمد وحُكم عليه بالسجن لمدة لا تقل عن عامين لتركه سلاحًا ناريًا في مكان يسهل الوصول إليه.
وفي عام 2021 في أيداهو ، أطلقت فتاة تبلغ من العمر 12 عامًا النار على ثلاثة أشخاص خلال هجوم مخطط له في مدرسة ريجبي المتوسطة. وبناءً على خطتها المكتوبة ، كانت هذه الفتاة الصغيرة تنوي قتل 20 طالبًا وجرح 40 إلى 60 آخرين وتم احتجازها في سجن الاحداث حتى بلوغها سن 19.
وفي يونيو 2022 ، بفلوريدا وجهت السلطات اتهاما إلى سيدة بتهمة القتل، وذلك بعد أن وجد طفلها البالغ من العمر عامين مسدسا فى المنزل وأطلق منه طلقة بشكل عرضى أصابت الأب فى ظهره وقتلته، بحسب ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز.
جريمة فلوريدا الصادمة نالت تفاعلا واسعا بين الأمريكيين الذين طالبوا بفرض قيود على حمل وحيازة السلاح، فيما أوضحت الصحيفة أن الأب راجى مابرى البالغ من العمر 26 عاما، كان يلعب ألعاب الفيديو فى منزله فى أورلاندو فى فلوريدا الشهر الماضى ثم أقدم أحد أبنائه الثلاثة على سحب مسدس جلوك 19 وأطلق النار منه، وفقا لمذكرة صادرة من سلطات مقاطعة أورانج.
وتمت إدانة مابرى زوجته ماريى أيالا 28 عاما، حيث كان الزوجان مدانين بارتكاب جرائم، ولم يكن مسموحا لهما بامتلاك أسلحة وفقا لسلطات الولاية، وكانا تحت المراقبة بتهمة إهمال الأطفال واتهامات تتعلق بالمخدرات، وفقا لشرطة مقاطعة أورانج.
وفي مارس 2022، قتل طفل أمريكي فى الثالثة من عمره والدته أثناء لهوه بسلاح ناري ملك والده، حسب الشرطة المحلية في دولتون بضواحي شيكاغو.
وأعلنت الشرطة الأمريكية أن روميل واتسون (23 عاما) والد الطفل أُدين بتهمة سوء استخدام السلاح الناري، وقال مسئولون إنه كان يحق له قانونا امتلاك البندقية، لكنه نقل السلاح في مركبة بطريقة غير قانونية.
ووقعت هذه المأساة الشائعة في الولايات المتحدة في مرآب أحد المتاجر في دولتون بضواحي شيكاغو، حيث كان الطفل يجلس في كرسيه المثبت على المقعد الخلفي داخل السيارة بينما كان والداه يجلسان في المقعدين الأماميين.
وأوضح قائد الشرطة المحلية روبرت كولينز لوكالة فرانس برس أن الطفل بدأ يلهو بالمسدس، وفي لحظة ضغط على الزناد وخرجت الرصاصة"، وأصيبت والدته (22 عاما) برصاصة في الظهر، وتوفيت في أحد مستشفيات شيكاغو.
وفى نهاية عام 2019 شهدت ضاحية إيست سايد بمدينة كليفلاند الأمريكية جريمة مأساوية بعد تلقى طفل طلقا ناريا أودى بحياته أثناء احتفاله مع صديقه بحفل عيد ميلاده.
ولقى الطفل البالغ من العمر 11 عاما مصرعه، جراء إصابته بطلق نارى أثناء تواجده في حفلة عيد ميلاد خاص بأحد أصدقائه، دون أن تتمكن الشرطة من معرفة الجانى.
وأشارت وسائل الإعلام حينها إلا أن شرطة ولاية اوهايو قالت إن الطفل تيشون تايلور (الضحية) كان يتواجد فى حفل منزلى، بضاحية إيست سايد بمدينة كليفلاند، عندما أصيب برصاصة فى صدره، فسارع طفلان إلى إخراج تايلور إلى الشارع، حيث هرع طاقم طبى لنقل المصاب إلى أقرب مستشفى، قبل الإعلان لاحقا عن وفاته.
خبراء يحذرون .. ودعوات لمزيد من القيود
قال ديفيد ريدمان الحاصل على درجة الدكتوراه في العدالة الجنائية بجامعة فلوريدا إنه في معظم حوادث إطلاق النار في المدارس ، يتم أخذ السلاح من منزل الطالب أو من منزل صديق أو قريب.
وأشار إلى أن النظام القانوني يفترض أن الأطفال الصغار ليسوا قادرين على التفكير والتخطيط اللذين يدخلان في ارتكاب جريمة عنيفة. ففي فرجينيا على سبيل المثال، الحد الأدنى لسن توجيه تهمة جناية إلى شخص ما هو 14 عامًا.
وأشار ريدمان الى ان هناك 302 حادث إطلاق نار على ممتلكات المدرسة في عام 2022 ، أكثر من أي عام آخر منذ عام 1970، وقال انه منذ عام 2017 ، زاد عدد حوادث إطلاق النار كل عام بشكل كبير. يتطابق هذا النمط مع معدلات الجريمة العنيفة وجرائم السلاح في جميع أنحاء البلاد.
وتعانى الولايات المتحدة من وباء من نوع خاص ناقله الأساسى هو البنادق والأسلحة لا يفرق بين الأطفال وكبار السن أو حفلات أعياد الميلاد أو الطلاب داخل المدارس والجامعات تسبب فى قلق معظم الأمريكيين وسط مخاوف من أن يعتادوا عليها بشكل متزايد. لكن القلق ازداد مؤخرا بشكل حمل أطفال صغار للغاية للسلاح.
وسجلت منظمة "أرشيف عنف السلاح" ، وهي منظمة غير ربحية تتعقب عمليات إطلاق النار في الولايات المتحدة ، ما لا يقل عن 604 عمليات إطلاق نار جماعي في عام 2022. وتسبب العنف المسلح بشكل عام في مقتل ما يقرب من 40 ألف شخص وتعرض أكثر من 6 آلاف طفل.
وجد أرشيف عنف السلاح أن 6023 طفلًا أمريكيًا يبلغون من العمر 17 عامًا أو أقل قتلوا أو أصيبوا في إطلاق نار هذا العام، متجاوزين 5708 قتلوا أو أصيبوا في عام 2021، وقال أرشيف عنف السلاح، إنه كان أكبر عدد من الأطفال يموتون أو يصابون بنيران الرصاص في عام واحد منذ أن بدأ تتبعه في عام 2014.
ومع بداية العام الجديد، أصبح من الأسهل على سكان ولاية الاباما الأمريكية حمل وحيازة السلاح بشكل قانوني، بعد أن أقرت الولاية قانون العام الماضي يسمح للافراد بحمل أسلحة مخفية دون تصريح رسمي، ودخل حيز التنفيذ في الأول من يناير في خطوة فارقة لحقوق السلاح ، حيث أصبحت الآن نصف الولايات الخمسين تسمح للناس بحمل أسلحة دون تصريح.