منذ اشتعال الحرب على غزة، لم تتوقف خطوات الدولة المصرية فى مواجهة الأزمة بكل السبل، وطرح خطاب واضح يضع كل الأطراف الإقليمية والدولية أمام مسؤولياتها، وتمسك الرئيس عبدالفتاح السيسى بخطاب مصرى يجمع بين حسم الخطوط الحمراء للأمن القومى المصرى، وامتلاك الدولة لقوة ردع شاملة، فإنه أيضا حرص على التـأكيد أن القوة الشاملة، هى للحماية والردع وليست للتهديد والعدوان، بجانب رفض مصر لتصفية القضية الفلسطينية، وسعيها إلى تقديم السلام وضرورة حل أساس القضية الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية.
الرئيس السيسى نجح فى مخاطبة العالم بخطاب، يجمع بين الحسم والقوة والإنسانية، وبذل جهود فى شرح هذا، مؤكدا ضرورة حماية المدنيين جميعا، وهو ما تردد على لسان أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الذى تحدث امام مجلس ألأمن بخطاب أكد فيه أن ما تواجهه إسرائيل هو رد فعل على عدوان وحصار لمدة 56 عاما.
خطاب جوتيريش، وعدد كبير من دول العالم، كان يسير فى نفس اتجاه الخطاب المصرى، الذى جمع بين الوضوح والدقة والواقعية والحسم.
الخطاب المصرى الشامل ضاعف من رصيد الثقة الإقليمية والدولية فى الدولة المصرية، وانعكس فى حرص كل الأطراف الدولية الكبرى على الاتصال أو المقابلة مع الرئيس السيسى، خاصة دول مثل ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا واستمرار الاتصالات مع الإدارة الأمريكية واستقبال وفود من مجلس الشيوخ، وأخيرا الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، الذى قام بجولة فى الشرق الأوسط، والتقى الرئيس عبدالفتاح السيسى وحرص خلال المؤتمر الصحفى من الرئاسة المصرية، على تأييد دعوة وقف إطلاق النار، وأعلن عدم إرسال قوات فرنسية للمنطقة، وإرسال مواد طبية وسفينة طبية إلى المنطقة، ووجه التحية مرات للدور والجهد المصرى فى الأزمة، ماكرون طالب باستمرار تدفق المساعدات وكتب على حسابه بتويتر «يجب أن نعمل اليوم على نحو حاسم من أجل التوصّل أخيرًا إلى حل الدولتين: إسرائيل وفلسطين»، وهو تطور لافت فى خطاب الرئيس الفرنسى ودول أخرى لا تزال أقرب للاحتلال، وانعكس هذا الموقف فى الكثير من التقارير والمقالات والتحليلات التى تضع مصر داخل بؤرة أى حل للأزمة.
وفى ظل تصاعد الأحداث فى غزوة، وتداعياتها الإقليمية والدولية، تتواصل جهود الدولة المصرية لمواجهة العدوان من جهة، والسعى لوقفه مع استمرار تدفق المساعدات، وكسر حصار غزة الذى يداخل يومه العشرين، من جهة أخرى، وبالرغم من تصدير الاحتلال لخطاب انتقامى، والاستقواء بالانحياز والدعم الأمريكى فإن حديث جيش الاحتلال الإسرائيلى عن الاجتياح البرى لا يزال يواجه مخاوف، خاصة أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لم يحقق أى أهداف سوى قتل مزيد من المدنيين خاصة الأطفال، وحسب بيانات الصحة الفلسطينية فقد اقترب عدد شهداء العدوان على غزة من 8000 بينهم أكثر من 3 آلاف طفل.
وبالرغم من الانحياز الواضح للعدوان من قبل أوروبا، فقد بدأ الخطاب يتغير نحو الدعوة لوقف العدوان واستهداف المدنيين وكسر الحصار المفروض على غزة من قبل الاحتلال، وظهرت التحولات فى الخطاب بشكل بطىء لكنه يعكس تأثير الجهد الذى تبذله الدولة المصرية، والخطاب المصرى، الذى يجمع بين الإدراك لخطورة استمرار العدوان، مع التمسك بأولويات الأمن القومى المصرى، والرفض التام لتصفية القضية الفلسطينية.
تنطلق الدولة المصرية من إدراك خطورة استمرار العدوان، بعد أن حسم الرئيس عبدالفتاح السيسى، أى طرح يشير إلى تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين إلى خارج أرضهم، وأكد الرئيس السيسى أن مصر لن تسمح بتصفية القضية على حساب أطراف أخرى، ولا تتهاون فى أمنها مصر القومى تحت أى ظرف، وينطلق موقف مصر من إدراك واضح لحجم الخطر، حال اتساع نطاق الصراع إقليميا بما يشكله هذا من خطر على الإقليم والعالم.
انعكس الموقف المصرى، والجهد الذى بذلته القاهرة فى توضيح الصورة، وما عكسته قمة القاهرة للسلام، فى تحول خطاب بعض الرؤساء الأجانب بعد أن تأكدوا من خطوط مصر الحمراء، وأيضا لإدراكهم خطر استمرار العدوان، وعاد حل الدولتين ليكون ضمن خطاب كل الرؤساء والقادة بالرغم من انحيازهم للعدوان.
نجح الرئيس عبدالفتاح السيسى فى تأكيد رسائل مصر، بدقة ووضوح، سواء فى تفتيش الحرب بالسويس، أو قبلها بالكلية الحربية، وخلال قمة القاهرة للسلام، وهى رسائل موجهة لجميع الأطراف، حيث يحرص على تأكيد امتلاك الدولة المصرية لقوة عسكرية، قادرة على حماية الأمن القومى وردع أى تهديد، وأن القوة التى تمتلكها مصر رشيدة ويتم توظيفها برشد وصبر وعقل وحكمة، وأن الجيش المصرى وهو أقوى جيوش المنطقة يبنى ويصون ويحمى ولا يعتدى أو يهدد، وأن الدولة تدرك خطوط الأمن وتسعى الى إحلال السلام القائم على الاحترام.
وتمتلك الدولة المصرية خطوط اتصال مع كل الأطراف، ومعها المعلومات والتصورات التى تمكنها من تقديم تصورات واضحة للخروج من المأزق الراهن الذى تقع داخله كل الأطراف، سعيا إلى حل يوقف العدوان، ويسمح بمسار سلام حقيقى يضمن حقوق الفلسطينيين فى دولتهم.
وهذه الخطوات أكدت أن القاهرة هى الطرف الأجدر بتقديم المخرج، والأقدر على قراءة الملف، مستندة إلى خبرتها فى الحرب والسلم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة