منذ 154 عاما قام الخديوى إسماعيل بافتتاح قناة السويس فى حفل مهيب بمدينة الإسماعيلية، فى يوم 19 نوفمبر من عام 1869م، حضره عدد كبير من ملوك أوروبا وأمراؤها وعظماؤها وعلماؤها وأدباؤها.
ويقول الكاتب الكبير سعيد الشحات في "ذات يوم"، أقلعت "المحروسة" من ميناء الإسكندرية وهى تحمل الخديوى إسماعيل، تحيط بها ست مدرعات حربية من قطع البحرية المصرية، ودوت المدافع من قلاع المدينة لتحية الركب الملكى، الذى كان متجها إلى أوروبا ليدعو بشخصه عظماءها والجالسين على عروشها لافتتاح قناة السويس فى 17 نوفمبر 1869، وحتى لا يترك للسلطان العثمانى فرصة توجيه هذه الدعوة واستغلال هذه المناسبة الفذة لحسابه، حسبما يذكر الدكتور مصطفى الحفناوى فى الجزء الأول من كتابه "قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة".
الخديوى إسماعيل خلال استقبال الضيوف
يذكر "الحفناوى": "أجاب الدعوة الخديوية، أوجينى إمبراطورة فرنسا، وفرنتز جوزيف إمبراطور النمسا، وفردريك ويلهلم ولى عهد التاج البروسى وقرينته ابنة الملكة فكتوريا، وهنرى أمير هولندا، والأميرة قرينته، ولويس أمير الهس، والآخرون أوفدوا سفراءهم وكبار رجال دولهم، وأما السلطان العثمانى، فلم توجه إليه دعوة، ولا شاء أن يدعى، ولم يندب أحدا من رجاله لتمثيله، بل قام سفير إنجلترا إلى جانب حضوره نائبا عن بلاده بإعلان نيابته عن السلطان فى حفل افتتاح القناة، ولم يفت إسماعيل أن يدعو رجال العلم ورجال الأدب والفنون، وأصحاب التجارة الكبرى، وكتاب الصحف العالمية ومراسليها، وقيل إن عدد المدعوين بلغ ستة آلاف نسمة تكلفت الدولة المصرية بنفقات سفرهم فى الذهاب والإياب، وأجور الفنادق بمصر وكل ما يلزمهم".
خلال حفل افتتاح قناة السويس
كما ذكر كتاب "تاريخ مصر من الفتح العثمانى إلى قبيل الوقت الحاضر" للباحث عمر السكندرى، أخذ إسماعيل باشا يعد المعدات ويقيم الزينات، غير ضان بما يحمله ذلك من المال، ظانا أن فى ذلك إرضاء لزواره الأوروبيين، ووسيلة إلى رفع قدره وقدر مصر فى أعينهم، ومن أهم ما أعده لتلك الحفلة أن شيد بالإسماعيلية قصرًا بديعًا على شؤاطى بحيرة التمساح لتقام فيه حفلة راقصة احتفاء بالإمبراطورة يوجينى، لما كان لها من المكانة فى هذا الاحتفال، إذ كانت هى النائبة فيه عن فرنسا صاحبة المشروع.
أما ما لاقاه الزائرون فى مصر من أنواع الكرم والحفاوة فلا يكاد يدخل تحت وصف، إذ كان قدومهم من أوروبا وعودتهم إليها على نفقة مصر، وسمح لهم بالسفر مجانًا فى جميع خطوط السكك الحديدية، وأمرت الحكومة موظفيها أن لا يدخروا وسعًا وفى مساعدتهم وإرشادهم أثناء وجودهم بمصر، وأعدت لهم العجلات والدواب والتراجمة بدوم مقابل، وفى الجملة لا نكون مغالين إذا قلنا إنه كان فى استطاعة كل زائر أن يقضى بمصر نحو شهرين من غير أن يصرف درهمًا واحدًا من ماله، وقد بلغ مجموع ما أنفق على هذا الاحتفال نحو مليون و400 ألف جنيه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة