يمر علينا عيد الحب يوم 14 فبراير من كل عام، ويحتفل الجميع في شتى بقاع العالم بطقوس مختلفة تحول هذا اليوم إلى اللون الأحمر من كثرة تبادل الزهور والهدايا المقترنة بالاحمرار، لكن للحب مفاهيم سامية لا يتم اختزالها في تبادل الورود والدباديب وصناديق الهدايا المزركشة من كلا المرتبطين.
في الحقيقة، ليس كل من يقدم زهرة أو هدية لآخر يعي المعنى الجوهري للحب، والذي يُطلب في كل وقت وحين، وفي كل زمان ومكان، يطلب بين أفراد الأسرة جميعًا، يطلب بين الناس، الصغار والكبار، يطلب في التعاملات اليومية داخل وخارج المنزل، يطلب بين الدول والمجتمعات والثقافات من هنا وهناك، لأن الحب المتزن مطلب الروح، ويمثل أعلى مستويات الوعي التي تطمح إليها النفس البشرية لتتعافى.
المفاهيم الحقيقية للحب تدعو إلى التسامح والتعافي من كل الظُلمات التي تخترق القلب لتقتله، فبالحب تحيا الأسر متسامحة متزنة، وتزول عنها كل مفاهيم العنف والكراهية، وتُخرج أجيالا قادرة على صنع المجد في المستقبل، وبلا شك الأب الذي يحترم أسرته ويتقي الله في كل تعاملاته وخطواته، يعلو من رفعة ما بين يديه، ويساهم في بناء مجتمع متماسك يشدو له الجميع.
وإذا بدأنا بالحب من الحياة الزوجية، بالتأكيد وبلا شك تحافظ هذه الصفة المقدسة الرائعة على الأسرة منذ نعومة أظافرها، وتظل باقية في دائرة السلف إلى الخلف، أو كما يقال في ذلك المثل الشعبي "العرق يمد لسابع جد"، أما إذا تجاهل أحدهما هذا الحب فويل من شر يقترب، بالطبع تختل المعادلة، ومن هنا يبدأ التفكك والانهيار الأليم على رؤوس أصحابه، أما إذا تحلى بها الطرفين عن صدق فإن الله لا يفسد عمل المصلحين.
ولا نغفل في خضم حديثنا عن الحب في العمل، فالحب هو المحرك الرئيسي للإنتاج والتقدم والازدهار، فإذا أحب العامل عمله، كبر الإنتاج وازدهر، وزادت الدخول وانتشر النجاح والإخلاص، أما إذا شابت تلك العلاقة أي خلل، فليذهب النجاح في مهب الريح.
قبل أن يتفق علماء الاجتماع في كل الدراسات التي تناولت كافة المشكلات والمواضيع الأسرية، على أن الحب هو نواة كل العلاقات الناجحة، كونه يقدم السلام الروحي الذي ينتج كافة المشاعر الإيجابية، حثت كل الأديان السماوية على ضرورة التحلي بالحب والإحسان لإعادة الحياة وخلق السعادة والتعايش في سلام وصون النفس البشرية من التخبط في متاهات الحياة، فبالحب نحيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة