سمير حسنى

«أعز أصحاب» ..و«فقدان الأشياء الثمينة»

الثلاثاء، 21 فبراير 2023 01:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أيقنت مؤخرًا أن بعض الأشياء القيمة لا ندرك أهميتها إلا بعد أن نفقدها، نعترف لاحقًا أن تلكم الأشياء "الجميلة" كانت سرًا من أسرار البقاء في حياة "حٌبلى" بالأوجاع، وسط هذا الزخم وفى وهلة من الزمن تنهال علينا اللحظات الحاسمة فتوجه بوصلة اهتماماتنا إلى أمور بعينها، لكن مع الأسف فالأحوال تتبدل وتتحول معها الأشياء "الجميلة" إلى ماضٍ نتذكره أينما نولى وجهنا.

هاتفت أقرب وأعز الأصدقاء إلي قلبي، لأطمئن على صحته بعد تعرضه لوعكة أصابته منذ أسابيع، ولم يلقى لها بالًا كعادته، بعد مرور يومين، جمعتنا الصدفة دقائق معدودة، رأيته منهكًا شحوبًا، نصحته باستشارة الطبيب، فأكد لي أنه ذهب إلى عدة أطباء، لكن أيًا منهم لم يضع يداه على الداء.

بعد أيام قلائل، هاتفني أحد الأصدقاء ليخبرني أن صديقنا «أحمد» تعرض لوعكة صحية خطيرة استلزمت نقله إلى المستشفى، لكن القدر كان له رأي آخر، لم يستطع أحد تشخيص حالته الصحية، إلا أن «أحدهم» قال لأهله اذهبوا به إلى البيت فالمريض لا يعاني أمراضًا جسدية ، بل إن الأمر لا يعدو عن كونه ضغوطا نفسية وبعد أيام ستعاود صحته إلى التحسن.

 في اليوم التالى، ذهبنا بصديقي إلى مستشفى أخر، لكن هذه المرة استطاع طبيب شاب أن يشخص حالة صديقى بعد فحصه، تساءل الطبيب الشاب في غضب: "إزاى هو مش في رعاية لحد دلوقتي"؟، الصمت خيم على المكان رغم علم الجميع بأن «أحمد» يعاني بالفعل أزمة صحية خطيرة..طلب الطبيب الماهر نقله إلى وحدة رعاية مركزة على الفور".

وصل صديقي إلى وحدة الرعاية المركزة، بعد أن تدهورت صحته للغاية، فمكث فيها عدة أيام،..لتبدأ حالته الصحية في الاستقرار والتحسن الطفيف شيئًا فشيئًا، لكن وللأسف بعد أن تركت الوعكة الصحية أثرا على بعض أجزاء من جسده النحفيف.

الأمر كان جليًا عليه وعلينا، تخوفنا على حالته النفسية بسبب ما حدث، فلقد عاهدنا «أحمد» منذ نعومة أظافره خفيف الظل نشيطًا خفيفًا اجتماعيًا، ..الصغير والكبير في المنطقة يشير إليه بالبنان، خدوما لا يتأخر عن أحد، سندًا وضهرًا للجميع الغريب قبل القريب، الصغير والكبير، كثير التنقل إلى أي مكان وفى أي وقت.

شاهدت بأم عيني الكثير وقد أبكاهم تراجع صحة «أحمد»، وآثر البعض الآخر ألا تنزل دمعة واحدة أمامه خوفًا على حالته المعنوية، مرت أيام قليلة ..بدأ «أحمد» في الإلحاح على الأطباء حتى يسمحوا له بمغادرة المستشفى، والذهاب إلى بيته "فالرجل لا يحب جو المستشفيات".

بدأت حالة «أحمد» الصحية تتحسن ببطء، حتى رأى الأطباء أن حالته تسمح بمغادرة المكان... الجميع استشعر الأمل بعد عودة صديقى إلى منزله، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه،.. فكلما نظرت إليه أجد علامات الحزن والأسى وقد كست وجهه واختفت معها ابتسامته المعهودة الممزوجة بالفكاهة، فالجميع يعرف أن «أحمد» كان "خفيف الظل وابن نكتة".

قبل تعرض «صديقى العزيز» إلى وعكة صحية، كان «بندق» يدعوني بإلحاح شديد وغريب إلى تناول «كوباية شاي» على "المقهى"، لنتحدث سويًا، كنت أرفض باستمرار لضيق الوقت، وأرد عليه بالقول" ربنا يسهل يا سقا"، ..الآن وبعد ما حدث أشتاق إلى دعوته، أشتاق إلى الجلوس مع «صديق العمر».

أعترف الآن أنى فقدت أشياء ثمينة، لم أشعر بأهميتها إلى بعد أن أصبحت جزءًا من الماضى، ولكن رغم ذلك يراودني إحساس داخلي بأن «أحمد» سيعاود الاتصال بى مرة أخرى لـ"شرب الشاي" ، ووقتها أعاهدك يا صديقى أنى سألبي دعوتك على الفور لنجلس ونتحدث كثيرًا، وإلى أن يحين ذلك الوقت، أدعو الله العلي القدير أن يمد في عمرك يا صديقى سنين عددًا، وأن يشفيك شفاءً لا يغادر سقمًا.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة