على مدى أسابيع انعقدت جلسات الحوار الوطنى فى محاور متعددة، وبمشاركة واسعة من تيارات وأحزاب وخبراء، وهناك شعور لدى المشاركين بأن التفاصيل تحظى بأهمية كبيرة فى كل موضوع مطروح للحوار، مع رغبة فى بلورة الكثير من الآراء فى محاور سياسية واجتماعية واقتصادية، هناك الكثير من الأفكار، يفترض أن يتم تركيزها فى توصيات للتطبيق العاجل، وأخرى لسنوات مقبلة، باعتبار الحوار يضع خارطة للمستقبل.
وحتى الآن نجح الحوار فى إتاحة الفرصة لتيارات وخبراء لإبداء آرائهم والمشاركة، وكشف، أيضًا، أن التفاصيل مهمة وتتطلب جهدًا لتجاوز العناوين.
الحوار من خلال التجربة فرصة لتوسيع المشاركة، خاصة أن العالم شهد على مدى العقود الماضية، وما يزال، تحولات فى التكنولوجيا والتقنيات.
التحولات التى شهدها العالم على مدى العقود الأخيرة من ثورات التكنولوجيا والاتصال ومنصات التواصل الاجتماعى، تغير من شكل السلطة وممارستها فى العالم كله، بل وتغير من عمل ودور وأداء الأحزاب السياسية، وشكل ممارسة دورها، ويفترض أن تضع الأحزاب والتيارات المختلفة هذا كله فى الاعتبار.
ووسط كل هذا فإن تداول المعلومات يشكل نقطة بالغة الأهمية تفرض نفسها على الحوار، ضمن محور يتعلق بقانون حرية تداول المعلومات، وهذه القضية مطروحة منذ عقود وشهدت جدلًا وتفاعلات.
هناك اتفاق على أهمية وجود قانون ينظم تداول المعلومات ويحدد الاستثناءات على سبيل الحصر، خاصة أن الأمر هنا يتعلق بالمعلومات أو الوثائق الرسمية أو الخاصة بالتصرفات العامة، وأغلبها فى الواقع متاح ومعلن فى موازنات أو أرقام.
التطورات التقنية غيرت من شكل وكم وكيف تداول المعلومات، بل وأيضًا فتحت الباب لجدال حول كيفية التعامل مع كميات هائلة من البث الافتراضى لمعلومات مغلوطة أو شائعات أو مزيفة، وهو أمر لا يتعلق فقط بعصر المعلومات، وإنما بخداع وتأثيرات فى سلوك الناس وحياتهم الاقتصادية والاجتماعية، وهذا التداخل يفرض بشكل أكثر إلحاحًا العمل على وجود قوانين تتيح تداول ونشر المعلومات لمواجهة أى مصادر أخرى، على اعتبار أن المعلومات هى التى تدحض وتواجه الشائعات.
كانت قضية جوليان أسانج وإدوارد سنودن، نموذجًا لعصر المعلومات، حيث تتراجع الأسرار وتظهر التفاصيل بلا حواجز فقد ظهر أسانج 2010 ونشر الآلاف من الوثائق السرية، أنصاره اعتبروا أسانج أحد صناع المعرفة، بينما يراه آخرون ورقة فى زمن صراع تجسس معلن، ونفس الأمر فيما يتعلق بسنودن موظف المعلومات الذى هرب ونشر تفاصيل يفترض أنها سرية، ورغم وجود قوانين تنظم نقل وتداول المعلومات اتهم أسانج بارتكاب جرائم ونفس الأمر مع سنودن، لأن القضايا تتعلق بوثائق أو أعمال سرية.
وبفضل التطورات التقنية والمعلوماتية لم يعد من الممكن التحكم فى نشر وتدفق المعلومات وسط زحام منصات البث، مع استحالة حجب المعلومات أو التداخلات المعلوماتية التى تعبر الآفاق من دون حواجز مع تحول المعلومات إلى صناعة لديها إمكانات تجعلها قادرة على الوصول إلى كل مكان ومقاومة الحجب، سواء المواقع الإباحية أو المواقع السياسية وحتى التنظيمات الإرهابية والإجرامية التى تستخدم المواقع لممارسة النصب والجريمة المنظمة، وهى مواقع يصعب متابعتها من دون برامج معقدة وتكنولوجيا مكلفة، ونتيجتها ليست مؤكدة، وهذه العوامل تجعل من الصعب الادعاء بوجود إمكانية لمنع حرية الرأى والتعبير بشكل مطلق.
هذه العوامل تتعلق بالمجال الكونى عمومًا، وإذا عدنا إلى أهمية تنظيم المعلومات، ربما الأمر يتعلق بالوثائق أو التفاصيل والأرقام، وتنظيم تداول المعلومات يعنى حماية حرية الفرد أو الشعب فى نشر المعلومات واستهلاكها، والوصول إلى المعلومات، وهذه المعلومات تشمل كل المعارف والأرقام والمعلومات العامة، بالطبع هذه المفاهيم تغيرت اتساعًا وضيقًا مع الإنترنت المفتوح الذى يتيح الكثير من المعلومات بأشكالها بل ويتيح الوصول إليها من عدة اتجاهات.
هذه قضايا يفترض أن توضع فى الاعتبار، أثناء مناقشة قانون تداول المعلومات، باعتبار أن الأمر شهد على مدى سنوات تحولات وقفزات، تجعل عمليات النشر والتداول مرهونة بتحولات متعددة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة