التميز في الحياة هو ما يعطيها طعمها المختلف ومذاقها الطيب، والتميز قد يكون في كلمة نقولها أو عمل نفعله، ومعنى التميز - لمن يسأل – هو الأثر، أي أنك تقول أو تفعل شيئا يترك أثرا ويحرك راكدا ويدفع المجتمع للأمام وينبهه لما في يديه من كنوز.
ومن الأشياء المتميزة فعلا حوار أجراه الزميلان أحمد جمال الدين وإبراهيم حسان فى اليوم السابع بعنوان "أول حوار لـ"جارو روبير طبقيان" مترجم مذكرات "نوبار باشا": المذكرات صادقة لأن الأرمن لا يكذبون.. خلاف نوبار وإسماعيل كان بسبب"الإسراف".. ونحتاج إعادة قراءة التاريخ المصرى بشكل جديد".
وكي أثبت لك تميزهذا الحوار القي نظرة على العناوين الفرعية التي جاءت فيه والتي تكشف أهميته ومن ذلك (هذه المذكرات النخبة لم تقدرها بالشكل المطلوب لأنها مشغولة بأمور أخرى.. و«هيكل» قال كلمته فى الكتاب: «من لم يقرأ عصر إسماعيل فى مذكرات نوبار كأنه لم يقرأ تاريخ مصر».. والأرمن «مالهمش فى السياسة» أضاعوا قضيتهم ونوبار كان «فلتة».. ولا أفتخر بالأعمال الفنية لـ نيللى وفيروز، ونحتاج إعادة قراءة التاريخ المصرى بشكل جديد وبالأخص فيما يخص الأسر العلوية.. والصراع كان على أشده بين محمد على وابنه إبراهيم باشا.. وصدقت شخصية نوبار جدا لأنه «أرمينى» والأرمن لا يكذبون.. وشبحه كان يطاردنى خلال رحلة الترجمة وعقدنا عدة جلسات معا والأعمال الدرامية التى تناولت الأسرة العلوية «تأليف» ولا تستند إلى نص تاريخى) هذه عناوين كما قلت لكم تكشف أهمية الحوار، لكنها ليست كل ما فيه، بل فيه قضايا أخرى مهمة جدا، أتوجه بها إلى وزارة الثقافة.
في سؤال "مهم" جدا وجهه الزميلان إلى "جارو روبير طبقيان" قالا فيه:
ذكرت لنا أنك تملك أوراقا عن تاريخ الإمبراطورية المصرية فى أفريقيا.. حدثنا عنها؟.
وجاء رده:
أعكف فى الوقت الحالى على ترجمة مجلد ضخم يمكن تقسيمه إلى 6 أجزاء عن الإمبراطورية المصرية فى أفريقيا مدعوما بالوثائق والمستندات توضح أنه كيف كانت مصر تبسط سيادتها على مساحات شاسعة من قلب القارة الأفريقية، حيث كانت تضم فيما يعرف بالعصر الحديث الدول الأتية السودان بالكامل، وإثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتى وأجزاء من أوغندا.
هل سبق لأحد أن تناول هذه الأوراق بالكتابة أو النشر عنها؟
من خلال التقصى والبحث لم أجد إلا بعض الدراسات التى أشارت فقط إلى التواجد المصرى فى السودان فى حقبة محمد على فقط، لكن لم تكن هناك أى دراسات معمقة والتأريخ والتوثيق عن الإمبراطورية المصرية فى أفريقيا فى عهد إسماعيل إلا فى هذه الوثائق التى أعكف على دراستها وترجمتها.
وكيف حصلت على هذه الأوراق؟
كانت هذه الوثائق فى حوزة باحث ألمانى يستخدمها فى عمل دراسة عن عن تاريخ الموظفين المصريين فى السودان وحصلت على نسخة منها نظير أجرى فى ترجمتها.
وما حجم هذه الوثائق؟
تتخطى 6000 صفحة وهى عبارة عن 4 أجزاء عن تاريخ الإمبراطورية المصرية فى أفريقيا، وهى مكتوبة باللغة الفرنسية ومصداقية هذه الأوراق فى المراجع المقتنية منها، حيث إن كل معلومة مكتوبة مرفقة باسم المرجع.
وماذا عن مؤلف الكتاب؟
الكاتب «دوين» كان يعمل ضابطا بالقوات الفرنسية، وكاتبا ومؤرخا، وحصل على هذه الأوراق من أرشيف قصر عابدين، بجانب المراسلات والوثائق الموجودة لدى وزارة الخارجية الفرنسية، فضلا عن علاقته بكل من قناصل الدول الآتية فرنسا فى الخرطوم، وإثيوبيا الذين عملوا على إمداده بوثائق أخرى.
هل يوجد عائق ما يقف فى سبيل تحقيق نشر ذلك المشروع؟
الوثائق ضخمة للغاية فعددها يزيد على 6000 صفحة مقسمة إلى 4 أجزاء بما يعنى أنها عمل مكلف للغاية أكبر من قدرة أى دار نشر لذلك يحتاج لتدخل الدولة ممثلة فى وزارة الثقافة لتبنى ذلك المشروع حرصا على التاريخ المصرى والحفاظ عليه.
أتوجه برجاء إلى الدكتورة نيفين الكيلانى، وزيرة الثقافة، أن تتواصل الوزارة مع المترجم "جارو روبير طبقيان" للاطلاع على هذه الوثائق والتعاون معه فى ترجمتها، وأن تكلف المركز القومي للترجمة بذلك، وأنا أعرف أن الدكتورة كرمة سامي، مدير المركز القومي للترجمة، لن تتأخر فى ذلك فهي تسعى دائما للمشاريع الجديدة ذات الجدوى.
أقول ذلك لأن هذا تراث مصر ، وهذه كنوزه التي على الأجيال الجديدة أن تعرفها، كي تعرف هوية مصر، وشكرا للزميلين أحمد جمال الدين وإبراهيم حسان على هذا التميز.