لقاء الرئيس السيسى وبوتين.. علاقات ثنائية ودعم لمبادرات وقف الحرب وتداعياتها
تحمل القمة الروسية الأفريقية الثانية الكثير من المؤشرات، يتعلق بعضها بمطالب أفريقيا ودولها فى التنمية، ومواجهة تداعيات وانعكاسات الأزمات العالمية، وأيضا تحمل الكثير من الزوايا الخاصة بالعلاقات «المصرية الروسية»، اقتصاديا، وتجاريا وسياسيا.
وهذه القمة لها أبعاد متعددة، حيث تمثل مناسبة لأن تطرح أفريقيا أوراقها، فيما يتعلق بعلاقاتها الاستراتيجية مع روسيا والعالم وتبادل وجهات النظر والحوارات مع الجانب الروسى، والجانب الروسى أيضا لديه مصالح وتوجهات، وهذه الحوارات تتيح الفرصة لطرح الأسئلة، وتوضيح وجهات النظر فيما يتعلق بالقضايا المشتركة، وهناك الكثير من الأوراق المشتركة بين القاهرة وموسكو، فيما يتعلق بالقضايا السياسية أو الاقتصادية، من منطلق موقع مصر، وعلاقاتها، التى تقوم على الثقة والاحترام، بناء على ما تقدمه مصر من خطاب داعم للمسارات السياسية، وداعم لتقليل الصراعات وداعم للتفاهمات.
من هنا، فإن مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى القمة، تحمل أبعادا سياسية واقتصادية على مستوى علاقة القاهرة بموسكو، التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى، مساء أمس الأول الأربعاء مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، فى «قصر قسطنطين» بمدينة سان بطرسبرج، وأكد الرئيس السيسى، أهمية العمل على بلورة نتائج فعلية وعملية من القمة الروسية الأفريقية لصالح الشعوب الأفريقية بالمقام الأول، باعتبار أن القمة تستهدف إرساء التعاون المستدام بين روسيا والدول الأفريقية، معربا فى هذا الصدد عن استعداد مصر لتعزيز مختلف أوجه التعاون الثلاثى بين البلدين فى القارة الأفريقية.
الرئيس الروسى رحب بزيارة الرئيس إلى روسيا، مشيدا بالدور المهم للرئيس فى إطلاق النسخة الأولى من القمة الروسية الأفريقية أثناء رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى فى عام 2019، والتى هدفت إلى دعم وتعميق العلاقات المتميزة والتاريخية بين القارة الأفريقية وروسيا، بالإضافة إلى تعزيز التشاور بين الجانبين حول كيفية التصدى للتحديات المشتركة.
الرئيس بوتين أشار إلى الأهمية التى يوليها لاستمرار التنسيق والتشاور مع الرئيس بشأن مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتقديره لدور مصر كركيزة أساسية للأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
وحسب ما أعلنه المتحدث الرسمى للرئاسة المصرية فإن الرئيس السيسى، أعرب عن حرصه على تعميق علاقات الشراكة مع روسيا الاتحادية فى إطار التطور المستمر الذى تشهده تلك العلاقات، والذى تكلل بالتوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة فى عام 2018، مشيدا فى هذا الصدد بالتعاون الثنائى القائم فى العديد من المجالات والمشروعات المشتركة الجارية، خاصة مشروع إنشاء المنطقة الصناعية الروسية فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ومشروع إنشاء محطة الضبعة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية.
وحظيت القضايا الإقليمية والدولية باهتمام الرئيسين السيسى وبوتين بتبادل وجهات النظر بشأن عدد من النزاعات القائمة فى منطقة الشرق الأوسط، وفى مقدمتها تطورات الأوضاع فى السودان وسوريا وليبيا، والقضية الفلسطينية، حيث توافقت الرؤى على دفع الجهود من أجل استعادة وترسيخ الأمن والاستقرار والسلام لدول المنطقة، وعلى نحو يحافظ على وحدة وسيادة أراضيها وحقوق شعوبها المشروعة.
وبالطبع فإن الحرب الروسية الأوكرانية كانت إحدى نقاط اللقاء وأحاط الرئيس بوتين الرئيس بمستجدات الأزمة، حيث أكد الرئيس دعم مصر لكل المساعى التى من شأنها سرعة تسوية الأزمة سياسيا بشكل سلمى من أجل الحد من المعاناة الإنسانية القائمة، وإنهاء التداعيات الاقتصادية السلبية على دول العالم، خاصة الدول النامية والأفريقية، والحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين.
مصر تحرص على توسيع علاقاتها الخارجية فى ظل عالم تحكمه المصالح، وتدفع دائما إلى خفض التوترات، ومضاعفة التعاون، باعتبار أن عدم الاستقرار الإقليمى والدولى، يتسبب فى صراعات وخسائر، بينما المسارات السياسية هى الحل للأزمات.
وفى كلمته خلال أعمال القمة الروسية الأفريقية الثانية فى سان بطرسبرج دعا غزالى عثمانى رئيس الاتحاد الأفريقى ورئيس دولة جزر القمر، إن العالم اليوم يواجه الكثير من التحديات سواء الاقتصادية أو المناخية أو التهديدات واسعة النطاق، وأن الكثير من الدول تعانى نقص احتياجاتها والفقر، وهذا يهدد الأمن الغذائى.
وأضاف «الدول الأفريقية اليوم متضررة وتعانى بشكل كبير، ويجب العمل على تعزيز الذاتية والاكتفاء الذاتى لأفريقيا، خاصة بعد جائحة كورونا.. وأفريقيا لديها قدرات وإمكانيات كبيرة ولكن بحاجة للمساعدة لكى نستغل هذه القدرات، نعانى مشكلات داخلية أفريقية فى مجال الأمن».
الرئيس الروسى فلاديمير بوتين قال فى الكلمة الافتتاحية للنسخة الثانية من القمة الأفريقية الروسية، إننا ننظر بإيجابية إلى المبادرات المشتركة بين روسيا والدول الأفريقية، ونسعى لتعزيز التعاون معها فى المجالات الزراعية والتقنية والصحية، وأكد أن روسيا تدعم 30 مشروعا فى مجال الطاقة بـ16 دولة أفريقية، كما تعمل على تعزيز مشروعاتها بمحطة الضبعة وقناة السويس فى مصر.
هذه القمة وغيرها من القمم والفعاليات الجماعية، تساهم فى تبادل وجهات النظر، وتطرح إمكانية بناء نظام دولى عادل ومتوازن، يسمح بعمل جماعى، ويراعى المصالح الاقتصادية والتجارية، وتبنت مصر أثناء وبعد رئاستها للاتحاد الأفريقى، تصورا ثابتا تجاه أهمية التعاون إقليميا وقاريا ودوليا، بحيث يقوم على التوازن والانفتاح والشراكة، وتولى الدولة المصرية القضايا الأفريقية اهتماما كبيرا، وفيما يتعلق بالتجاذبات السياسية فمصر لديها مواقف متوازنة، حيث لا تتدخل فى الشؤون الداخلية ولكن تسعى فى الصراعات لمسارات سياسية وعلاقتها بروسيا وأوكرانيا متوازنة. والأمل أن تستجيب الأطراف لمبادرات سلام تجنب العالم كل هذه التداعيات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة