تمر اليوم الذكرى الـ 852 على عودة مصر مرة أخرى إلى الخلافة العباسية بعد موت آخر الخلفاء الفاطميين العاضد لدين الله، توفي الأخير في 10 محرم عام 567 هـ/ 1171م وهو الخليفة الفاطمي الرابع عشر وآخر الخلفاء الفاطميين العبيدين وانتهت بموته الخلافة الفاطمية العبيدية في مصر والتي استمرت حوالي 200 عام.
وكان عودة للخلافة العباسية بمجهودات صلاح الدين الأيوبي، حيث شهدت السنوات الأخيرة من عمر الدولة الفاطمية في مصر صراعا محموما بين (شاور) و(ضرغام) على منصب الوزارة، ولم ينجح واحد منهما في حسم الصراع لمصلحته، والانفراد بالمنصب الكبير، فاستعان كل منهما بقوة خارجية تعينه على تحقيق هدفه؛ فاستعان ضرغام بالصليبيين، واستعان الآخر بنور الدين محمود سلطان حلب، فلبَّى الفريقان الدعوة، وبدأ سباق بينهما لاستغلال هذا الصراع كلٌّ لصالحه، والاستيلاء على مصر ذات الأهمية البالغة لهما في بسط نفوذهما وسلطانهما في تلك المنطقة.وانتهى الصراع بالقضاء على الوزيرين المتنافسين سنة (564هـ - 1168م)، وتولى (أسد الدين شيركوه) قائد حملة نور الدين منصب الوزارة للخليفة.
فعندما تولى صلاح الدين الأيوبي وزارة مصر في 26 مارس عام 1169م، وكان عمره وقتها لا يزيد عن اثنين وثلاثين عاماً، عزم على تحويل البلاد إلي المذهب السني والدعاء للخليفة العباسي في خطبة الجمعة بدلاً من الخليفة الفاطمي، وكان حينها الخليفة الفاطمي العاضد مريض يشرف على الموت، فاخفي عليه صلاح الدين أنه أطاح بدولته وقال "دعوه يموت في سلام ".
لكي ينجح صلاح الدين في تحقيق هدفه كان عليه أن يقوي المذهب السني في مصر؛ حتى يتمكن من إسقاط الدولة الفاطمية، وإلغاء المذهب الإسماعيلي الشيعي، واستغرقت هذه المهمة ثلاث سنوات، لجأ في أثنائها إلى العمل المتأني والخطوات المحسوبة، فعزل القضاة الشيعيين، وأحل محلهم قضاة من أهل السنة، وأنشأ عددا من المدارس لتدريس الفقه السني.حتى إذا وجد أن الفرصة المناسبة قد لاحت، وأن الأجواء مستعدة للإعلان عن التغيير، أقدم على خطوة شجاعة، فأعلن في الجمعة الأولى من شهر المحرم (567هـ - سبتمبر1171) قطْع الخطبة للخليفة الفاطمي الذي كان مريضًا وملازمًا للفراش، وجعلها للخليفة العباسي، فكان ذلك إيذانا بانتهاء الدولة الفاطمية، وبداية عصر جديد.