يمكن اعتبار «يوم تفوق الجامعات»، فى الإسماعيلية أقرب لمؤتمر كبير حول التعليم الأساسى والجامعى والبحث العلمى، باعتبار التعليم هو القضية التى تحظى باتفاق تام بين المصريين من كل الاتجاهات، وإجماع، وربما كانت فكرة طرق تمويل التعليم من بين النقاط المهمة التى أثيرت خلال المؤتمر فى الإسماعيلية، وتتضمن نقاشا مهما وإطلاعا للمجتمع على تفاصيل عملية التمويل والتخطيط، وما يتطلبه التعليم، هناك مطالب كثيرة بمضاعفة موازنة التعليم فى موازنة الدولة، وهو مطلب يتكرر كثيرا، مع الأخذ فى الاعتبار أنه تمت بالفعل مضاعفة موازنة التعليم، بجانب موازنات أهلية وخاصة، ومع هذا تظل أى ارتفاعات فى الموازنات التعليمية، غير كافية، لأن هناك 25 مليون طالب فى مراحل التعليم، يحتاجون عدة مئات من المليارات، وقد بدأت عملية التراجع فى التعليم منذ الثمانينيات من القرن العشرين، وربما قبلها.
كان التعليم مجانيا فى الظاهر، لكنه فى الواقع «كأنه» تعليم، فقد كان عدد الناس يتضاعف، من دون توسع مواز فى المدارس والكوادر، وما كان ممكنا لسكان يبلغ عددهم 30 مليونا، لن يكون كافيا لـ105 ملايين، هناك مساع لمضاعفة أعداد المدارس والفصول خلال 10 سنوات، لتعويض الفجوة، واستيعاب مليونين إضافيين على الأقل سنويا، وهو أمر يتطلب نقاشا بصراحة.
ثم إن التعليم أيضا لم يكن يقوم على دراسة وربط بين التعليم وسوق العمل، فضلا عن أن الدروس الخصوصية هدفها أن يجتاز الطالب الامتحان، وليس أن يفهم ويتعلم ويكتسب قدرات تمكنه من الصعود نحو مستقبله باقتناع وليس مجرد طريق يكون فيه مسيرا بالمجموع، وليس بالرغبات والقدرات، فالهدف من التعليم هو تجهيز الشاب لأن يكون قادرا على خوض الحياة، وليس فقط اجتياز الامتحانات.
ومن المفارقات أنه إلى جانب الموازنة الرسمية هناك موازنة تعليم موازية من مليارات الجنيهات تنفق على الدروس الخصوصية، التى تعلم الطالب كيف يجيب على الأسئلة، ولا تعلمه كيف يفهم المنهج، وبالتالى فهى تنتج خريجا معه شهادة، لكنه فى كثير من الأحيان ليس متعلما بشكل كاف، وأنه يحتاج المزيد من المهارات والتدريبات والمناهج ليكمل دراسته، وهو أمر يحدث بالفعل، لكنه يشير إلى الفجوة بين التعليم والحياة والقدرة على العمل، ومن المفارقات أن ولى الأمر مستعد لدفع مئات أو آلاف للدروس الخصوصية، لكن لو طلب منه أى مبلغ إضافى سوف يرفض، واستمرارا للمفارقات أن وجود 50 – 60 طالبا هو تزاحم يمنع الفهم فى المدارس، وفى مراكز الدروس الخصوصية يصل عدد الطلاب إلى مئات، وهو أمر يتطلب دراسة لمعرفة الفرق والاستفادة بكل هذا لتطوير التعليم، وتوظيف أدوات التكنولوجيا والاتصال والإنترنت للتواصل وتطوير التعليم.
كل هذا يتطلب نقاشا مجتمعيا، وربما يمكن للمجلس الأعلى للتعليم أن يحل هذه المعادلات، خاصة أن الرئيس أكد دائما دعم كل مبادرة لتطوير التعليم، الأساسى أو الجامعى، وقد اتجهت الدولة خلال السنوات الأخيرة إلى دعم التوسع فى الكليات والجامعات التكنولوجية، أو التخصصات المطلوبة لسوق العمل، وكثيرا ما يوجه الرئيس إليها، ويفترض أن يتجه تفكير من يخططون للثانوية والجامعات أن يسعوا إلى طريقة تشجع الطلاب على اختيار تخصصات توفر لهم فرص عمل، وهو ما قد يتطلب تعديلات فى نظام التقدم للكليات بإضافة امتحانات قدرات، ومهارات يمكن أن تدعم مجموع الطالب، وأيضا تفتح له باب الاختيار بما يتناسب مع قدراته، مع الحرص على بقاء مبدأ تكافؤ الفرص، لضمان عدم وجود تدخل بشرى فى هذا الأمر.
هذه مجرد نقاط من تفاصيل واقع التعليم، وما يجب أن يكون عليه، ومع هذا فقد نجحت الجامعات المصرية فى تحقيق تقدم فى مؤشرات وترتيب الجامعات الكبرى فى العالم، والخريج يسافر ليعمل فى الخارج ببعض المعادلات والمهارات، بما يشير إلى وجود عناصر إيجابية، وأن القضية تحتاج توسيع النقاش بين الخبراء والمجتمع، ليناقش كل النقاط بوضوح وصولا لأفضل خيارات تناسب المجتمع والطالب وسوق العمل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة