ما زال سيد قطب يحكم الإخوان من قبره. مرّت ذكرى إعدامه السابعة والخمسون قبل أيام؛ إلا أن أثره حاضر داخل الجماعة، وفاعل فى أفكارها وممارساتها؛ وربما يفوق تأثير حسن البنا، والجيل الأول ممّن أرسوا ركائز التنظيم وحدّدوا حركته العابرة للقومية المصرية. كان «قطب» بمثابة تأسيس جديد لمرتكزات الأُصولية المُحدِّدة لأداء الرجعية الدينية، مازجًا الجهد التنظيرى بالدور العملى؛ ومُزاوجًا بين المركزية الروحية والقيادة الحركيّة. كانت طروحات «معالم فى الطريق» وغيره من الكتابات ابتكارًا لوجه مُغايرٍ فى تأصيل العنف الدينى، وقيادته لـ«تنظيم 65» ومُخطّطه الإرهابى تطويرًا لاستراتيجيات اختصام الدولة واستهداف وجودها. وبينما كان مُنتظَرًا أن تُسفر إزاحته خارج مشهد التنظيم عن تبدُّلٍ فى الرؤى وبرامج العمل؛ حدث العكس، وتمكّن صقور القطبيِّين من مفاصل المنظومة لستة عقود تالية، ما يُكافئ ضعف حاكمية المُؤسِّس ووصايته على عقل الجماعة.
يُختزَل «قطب» فى نظر كثيرين من مُؤرخى الأُصوليّة ونُقّادها فى أفكاره المطبوعة. والحقيقة أن أيّة مُقاربة للرجل بعيدًا من تتبُّع نشأته وتحوّلاته وفاعليته العميقة فى بِنية الإخوان، قد تكون قاصرةً ولا تستقرئ غابة الألغام التى زرعها فى المجال العام. تُمثّل تجربته إضاءةً مُهمّة على سيكولوجية التطرُّف؛ إذ بدأ مسيرته ليبراليًّا جانحًا لأقصى العلمانية، واختتمها إسلاميًّا انعزاليًّا عن المجتمع وداعيًا لمُخاصمته والخروج عليه، كما كان الحال مع خيرت الشاطر، المُنقلب من ماركسية مُفرطة إلى إرهاب مُفرط. كما تتجلّى فى رحلته مُعضلة تفسُّخ قماشة الإخوان، على عكس ما يحاولون الإيحاء؛ حتى أن تحوّلاتها الأكثر حِدّة جاءت من خارجها: أوّلاً عندما فُرض عليها حسن الهضيبى «القريب من القصر» خلفًا لـ«البنا» المقتول ضمن نزاعات تنظيمية بعد اغتيال النقراشى، وثانيًا بتقدُّم سيد قطب من آخر الصفوف لواجهة الجماعة، دون تاريخ مع الفكرة أو انتماء عميق لها وتربية مُباشرة فى حظائرها. يكشف ذلك عن تهافت «الإخوان» وانعدام أصالتهم، وعن براجماتية مُشوَّهة تضع غايات التشدُّد والمواجهة وتجنيد الموالين فوق اعتبارات انضباط الفلسفة واستقامة الأداء.
خلال المرحلة الأولى، حاول «قطب» أن يكون أديبًا وناقدًا وماسونيًّا، وكتب عن «الشواطئ الميتة» داعيًا للتحرُّر حتى من الملابس، وسافر الولايات المتحدة مُبتعَثًا يبحث عن مكان تحت شمس التنوير والإيروتيكا؛ ثم انقلب على ذلك بأثر الإخفاق والعجز عن التحقُّق، ولم يجدّ تعويضه النفسى إلا فى دخول قفص الأُصوليّة راضيًا، ليبدو نقص حظّه الإجبارى من الانفتاح كما لو كان اختيارًا حرًّا.. باختصار؛ عندما افتقد شرط الإبداع تحوّل إلى قيود التقليد، وبابتعاد فرص المُتعة تسربل بخِرقة الزاهد، وحينما أعيته المُنافسة وسط نُخبة الأدب والثقافة، رأى أن يُعوّض ضآلته وهوانه بالاجتهاد فى تصدُّر قطعان الأُصوليِّين وحظائر السمع والطاعة. إن مُلخّص الحالة النفسية والذهنية للرجل يدور بكامله فى حيِّز الخلل الروحى والاعتلال النفسى، ما طبع لاحقًا كل مجالات حركته فى الفضاء العام، وأغلب منتوجه الفكرى، وقد خرج مُحمَّلاً بكامل حصيلته من النقمة والكراهية وشهوة الثأر من الجميع.
رغم اعتمادهما ورقة الإرهاب؛ إلا أن هناك اختلافًا فلسفيًّا وبنيويًّا فى موقعه على لائحتى البنا وقطب. الأول ينطلق من كون الجماعة حاضنةً اجتماعية وتربوية تتعالى على محيطها ولا تتحرَّش به ظاهرًا، لذا كان العنف مخفيًّا وراء ستار «تنظيم سرى» وأدبيات مُخادعة وحمَّالة أوجه، أما الثانى فيضع القوّة عنصرًا أصيلاً واستعراضيًّا ضمن الهيكلة الحركية. صيغة المُؤسِّس سمحت بانفصال الذراع الخشنة جزئيًّا عن جسد التنظيم، ما تسبَّب لاحقًا فى انقسامٍ أودى بحياته شخصيًّا على وقع صدامٍ مع قائد النظام الخاص، أمَّا مُنظِّر التكفير والقتل فعقد «الدعوى والدموى» معًا فى ضفيرةٍ، ليجمع العقل والعضلات ضمن سُلطةٍ واحدة، وكان الفرز الاجتماعى والسياسى وخطابات الحرب خبزًا يوميًّا، ومن نتاج ذلك أنه صار إرهابيًّا بالمُمارسة لا الخطاب وحده، وتطوَّر الأمر لأن ينتقل الشبّيحة القطبيون/ مُعادلو نموذج «السندى» الذى كان يد البنّا الباطشة، من هامش الحظيرة المُظلم إلى واجهتها، كما حدث بارتقاء مُجرمَى التنظيم القطبى، عاكف وبديع، إلى موقع المُرشد.
استعار سيد قطب قاعدته التأسيسية من الباكستانى أبى الأعلى المودودى فى كتابه «المصطلحات الأربعة فى القرآن»، وهو قراءة سياسية خالصة للإسلام تحت لافتة «الحاكمية»، التى اعتبرها صُلب الألوهيّة وأخصَّ خصائصها. فى سَطوه على الفكرة، لم يُميِّز مُؤصِّل التوحش الإخوانى بين الجذور التاريخية للمصطلح، وما دخل عليه من إضافاتٍ تعسُّفية بفعل تقلُّبات بيئة الهند وما أفضت إليه بانقسام باكستان وبنجلاديش لاحقًا. والاستخلاص الساذج لدى الاثنين، أن الحكومة الإسلامية غاية، وما دون ذلك من طقوسٍ وعبادات مجرَّد وسائل نحو العبودية على شرط الإذعان الكامل. الثغرة هنا ليست فى تحويل الله إلى مادة شجارٍ اجتماعى، ولا النزول به من عرش الربِّ إلى كرسىّ الحاكم، وإزهاق روحانية الدين لصالح مادية الدنيا ومطامعها فقط، إنما الطامة الكبرى وجوهر الكارثة فى ترقية الوسيط الكهنوتى لينوب عن السماء.
إذا كانت سُلطة الزمان معقودةٌ للنبى بحسب هذا الفهم؛ فإنه يصير نائبًا عن السلطان أكثر من كونه بشيرًا ورسولاً، وعندما يغيب فإن على رجال الدين أن يتقدَّموا بالضرورة؛ ليُقرِّروا ما يجوز وما يُرَدّ، وهم بذلك لا ينوبون عن النبى، الذى كان نائبًا عن الله؛ بل يشغلون بالأصالة مقامى النبوّة والأُلوهة معًا. وعندما طوَّر «قطب» رؤيته لمفهوم «الجاهلية» مُنطلقًا به من عبادة الأصنام إلى استهداف كل صور التنظيم والتشريع التوافقية، فقد اعتبر منظومة القوانين الوضعية إصدارًا جديدًا من جاهلية قديمة، وبموجب الوكالة التى انتزعها للأصولية الدينية/ الإخوان بواقع الانتماء والتجربة؛ فإنه أجاز لنفسه وجماعته أن يخرجوا على المجتمع الضال، ويستبيحوا سَكينته ودماءه المعصومة. كان هذا أخطر تأصيلٍ مُستبدٍّ بالعقيدة منذ بدء الرسول دعوته، إذ تحوّل بالرسالة الإسلامية من منصَّةِ إعمارٍ تشتغل على القلوب، إلى مقصلةٍ طائشة تجزّ الأعناق، وتتخفَّى فى إجرامها المفتوح تحت مظلَّة عقائدية لا تتوقف عن إغراء الموتورين، ومكافأتهم بالسيادة الظرفية أو الجنَّة الدائمة، كلَّما اجتهدوا فى إشعال الحرائق وإحالة الحياة إلى جحيم تُلوّنه الدماء.
برز سيد قطب فى سياق اهتراءٍ تنظيمى. كان صدام الإخوان بالدولة والمجتمع أواخر الأربعينيات فاصلاً بين مرحلتين. بقيت الجماعة من دون مُرشدٍ قرابة ثلاث سنوات، ثم استُدعى «الهضيبى» من خارجهم، رغم أنه حاول لاحقًا الإيحاء برباط روحى مع «البنا» منذ 1942.. السنوات التالية فرضت على القيادة الجديدة نوعًا من الانتهازية المُخادعة، لا سيّما بعد ثورة 23 يوليو وتوتُّر علاقتهم بالضبّاط، بين حوارٍ وخصام، وتنسيقٍ وعداء، وتسيير مُظاهرات للتلويح بالقوّة وتأليب شركاء الحركة على بعضهم. أجاد القائد الثانى دورَ الحرباء، وكان يلبس صوف الحملان ويأتى أفعال الذئاب؛ لعلّ أوضح الأدلة ثبوت ضلوعه فى حادثة المنشيّة رغم الإنكار. لم يكن اصطناع العقلانية مُقنعًا للدولة، ولا مُداراة العنف شافيةً لصدور القواعد، وهكذا كان بزوغ نجم «قطب» تعبيرًا عن سيولة فكرية وحركيّة. نظريًّا كان المُرشد ضد التأصيل القطبى لفكرة الحاكمية، وقد انتقدها بعنفٍ فى كتابه «دعاة لا قضاة» المُسطَّر أواخر الستينيات والمطبوع 1977، لكن عمليًّا ما كان يمكن أن يحوز «تنظيم 65» حريّة الحركة والحشد فى أروقة الجماعة دون موافقة الرجل الأول، وتأكَّد لاحقًا بالفعل أنه كان على علم كاملٍ بالمُخطَّط وباركه. المُحصِّلة، وسواء جرى الأمر وِفاقًا أو شِقاقًا، أن «الهضيبى» كان مُرشدَ الظاهر، بينما أصبح «قطب» الحاكم الفعلى، وما يزال إلى الآن، وقد سيطر أبناؤه الصقور على مفاصل التنظيم.
حاول الإخوان أسطرة شخصية سيد قطب. اخترعوا حكايةً عرفانية عن صدمته من ابتهاج الأمريكيين بمقتل البنا، وقرع أجراس الكنائس فرحًا، وأورد هو قصّة مُضحكةً عن مُمرِّضٍ يصفه بـ»عدو أمريكا الأول». فى المُقابل، يُفسِّر البعض تحوُّله الغريب بانكسار قلبه بعد قصَّتى حبٍّ فاشلتين، واجه فيهما رفضًا قاسيًا ضرب جذور ثقته فى نفسه. بعيدًا من الوجهين وصحّة أحدهما أو خطئهما معا؛ فإن انتقالته الحادة من الليبرالية للأُصوليَّة تظلّ غير مُبرَّرة، ولا تفسير يصمد فيها إلا رغبته المحمومة فى البحث عن دور. يدعم ذلك أنه كان من أشدِّ المُتحمِّسين لحركة الضبَّاط، واندفع بقوَّة فى تأييدها، وكتب ضد عمَّال كفر الدوار داعيًا لإعدام المُتمرِّدين منهم، وأغلب الظن أنه كان ينتظر مُكافأته وزيرًا للمعارف، أو على الأقل أن تُداوى الثورة الوليدة شعورَه الدفين بالضآلة والفشل. لم يحدث، ولم يظل على حماسته، ثم كانت رحلته مع الإخوان، الذين التقطوا على ما يبدو خيط أزمته، وأضافوا لحضوره الباهت أداةَ تعريفٍ تُعوِّضه عن صيغة النكرة التى عاشها طويلاً، وقد ارتضى الصفقة.
كان يُفترَض لو جاء التحوُّل وفق سياقاتٍ موضوعية؛ أن تترك الحقبة الليبرالية أثرًا فيه، وتطبع روحه بحالة نضجٍ وانفتاح وإعلاء للعقل. أى أن يكون أقرب إلى محمد عبده وعلى عبدالرازق وطه حسين، لا إلى المودودى والوهابيين والبنّا. لعلَّ السبب فى أن بنيانه الفكرى كان هشًّا، ولم تكن المدنية حجرًا ركينًا فيه، أو أنه كان من الأصل مُتطرّفًا يُفتّش عن مُعسكره؛ وقد كان مُتشدِّدًا فى علمانيته كما أصبح مُغاليًا فى رجعيَّته. أمَّا فى نظرة عاقلة؛ فإن البشر لا يُولدون ولاداتٍ كاملةً مع كلّ تحوُّل، ويظل شىء من رواسب الحيوات القديمة حاضرًا فى النُسخ المتلاحقة. وعندما تحدث إزاحةٌ من حقبةٍ صاخبة لأخرى مُحافظة، ينتقل مع المُتحوِّل شعورٌ بالضياع والتقصير والنقص، خاصة لو كانت الانتقالة فى عُمرٍ مُتقدّمٍ وبعد مُبالغةٍ فى الانفلات والمجون، هنا يتعالى إحساس الفقر والدونيَّة أمام أبناء حظيرة التشدُّد الأصليين، ومن أجل تعويض الفارق وجَبْر الأفضليّة المُحرَزَة بالسبق، يجتهد الوافد لإثبات جدارته بتزيُّدٍ فى التطرُّف، حتى يُؤكِّد استحقاقه أوّلاً، ويحوز موقعًا مُتقدّمًا يُعوِّض خسارته المُركّبة، بين إقامة ضائعةٍ هناك والتحاقٍ مُتأخّرٍ هنا. فعل «قطب» ذلك وعيًا أو ارتجالاً، وكذلك كانت كل التقلُّبات الشبيهة بين أبناء الليبرالية واليسار ممّن أنجزوا عبورًا خشنًا للحركات الإسلامية.
بين الليبرالية والرجعية، توقف الرجل فى محطّةٍ وسيطة. عندما انحاز للاشتراكية طمعًا فى الحظوة لدى عبد الناصر والضباط الأحرار. تلك المرحلة وما تلاها من كتابات، مثل «معركة الإسلام والرأسمالية»، أسَّست لحالةٍ من التلبيس الأيديولوجى الساذج، سمح لاحقًا بتمرير طوابير من الماركسيين إلى حظيرة الأُصوليّة، بل وامتداد تحالفات مشبوهة وساقطة بين التيارات التروتسكية والإخوان، ما يزال بعضها قائمًا للآن تحت شعار كريس هارمان البائس «مع الإسلاميين أحيانًا، ضد الدولة دائمًا».. كان ذلك واحدًا من الروافد القطبية لتغذية الإسلام السياسى، بينما ظلّ رافده الأول يصب فى نهر الحركيين بروافع الحاكمية والجاهلية، وقد أصبح مرجعًا لكل جماعات العنف، من الجهاد للقاعدة وداعش، ولا يكاد يخلو إصدار أو كتاب أو فتوى لأحد الإرهابيين فى آخر ستة عقود من أثرٍ قُطبىٍّ واضح، إن بتصريحٍ مُباشر أو بتلميحٍ لا يُخطئه عقل.
كان حسن البنا مُجرمًا مَوتورًا، لكن يظل سيد قطب الأخطر بين طابور المرضى والمأفونين فى المُدوّنة الإخوانية. التغيُّر الذى أحدثه أنه نقل صراع الأصولية من خلافٍ على تفسير الدين، إلى نزاعٍ فى مِلكيته، وحوَّل النصَّ لبندقيّةٍ تقتل الخصوم معنويًّا قبل أن يقنصهم الرصاص. عندما برزت الصحوة كانت تستعير مفاهيمه الشكلانية؛ لتنزع الدين من القلوب وتضعه فى حلبة السياسة، وعندما قال «بديع» لشباب الجماعة: «تحملون ماء السماء الطهور» وكرَّرها صبحى صالح بادّعاء أنهم أطهر المصريين، كانا يُجسّدان التصوُّر القطبى عن جاهلية المجتمع، وعندما هدَّد «البلتاجى» وتسافل «خيرت» واستأسد محمد كمال ومحمود عزت، كانوا يُعيدون سيرة أبيهم المُنحطَّة، وعندما قتلوا الناس فى الشوارع واغتالوا السادات وضربوا المُتظاهرين وأحرقوا الكنائس وفجّروا المُنشآت واستدعوا جبريل والرسول لمنصَّة رابعة والصلاة خلف مُرسى، كانوا يبتذلون «الحاكمية» كما تعلّموا من شيطانهم. إن إخوان اليوم سبيكةٌ قطبيّة خالصة، يحضر «البنّا» فيها اسمًا وإشهار ملكية؛ إنما المالك والفاعل الحقيقى ذلك الحانق على الناس والمُغرم بالدم. مات «قطب» جزاء جريمة مادية ارتكبها؛ لكن جرائمه المعنوية أفدح وأشدّ عنفًا، وتستوجب عقابه بعدد الأرواح التى تسبَّب فى إزهاقها، ولا سبيل لتخليص الحياة من أثره المقيت إلا بالخلاص من أفكاره المُلوِّثة للعقول والقلوب، وليس أفضل من مُقاومة الحاكمية بالمدنية، والجاهلية بإجلال التنوُّع وصيانته، وكراهية الجمال بمزيدٍ من إشاعته وترسيخه، بالفن والفكر والثقافة والموسيقى. لا سبيل إلا تحرير الدين والدنيا من الإخوان، فكرًا وتنظيمًا، ولا قضاء على جماعة الشرّ إلا لو أعدنا سيد قطب إلى ضآلته القديمة. ما تبقَّى من الجماعة أذرعٌ موصولة بقبرٍ باهت، وأنجع من قطعِها أن نسدَّ جحور الموتى الأشرار؛ فالحرب مع الفكرة لا ذيولها. بندقيّة اليوم محشوُّة برصاص الأمس، وحسم معركة المستقبل يبدأ وينتهى فى ميادين الماضى.