لم تتهاون الدولة المصرية فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الحفاظ على الكنوز المصرية القديمة، فلم تسمح بالتفريط بالآثار المصرية، وقد شاهدنا منذ عام 2014 حالة غير مسبوقة فى الاهتمام بما يتعلق بحضارتنا المصرية القديمة سواء من خلال أعمال التطوير للمتاحف والمواقع الأثرية أو من خلال استعادة جميع القطع الأثرية التى تحمل عبق تاريخنا منذ آلاف السنين، حيث أعطى الرئيس السيسى التعليمات بتوفير كل سبل الدعم من أجل استمرار أعمال التطوير بالمشروعات الأثرية، وتوجيهاته المستمرة بالعمل على استرداد جميع القطع الأثرية التى خرجت من مصر بطرق غير شرعية.
وبالفعل نجحت مؤسسات الدولة المتمثلة فى وزارة السياحة والآثار «إدارة الآثار المستردة» وإدارة التعاون الدولى فى مكتب النائب العام ووزارة الخارجية، إلى جانب الجهات الأمنية والرقابة، فى إعادة القطع الأثرية من الخارج، لتؤكد مصر على الحفاظ على هويتها المصرية بشتى الطرق القانونية، ليتم استرداد آلاف الآثار المصرية خلال عهد الرئيس السيسى وهو ما لم يحدث فى تاريخ مصر، فقد تم إعادة هذا الكم من الكنوز المصرية، ولهذا أجرينا حوارا مع الأثرى شعبان عبدالجواد مدير عام الإدارة العامة لاسترداد الآثار والمشرف على إدارة المنافذ الأثرية بوزارة السياحة والآثار؛ وإلى نص الحوار..
ــ بذلت الإدارة جهدا كبيرا لاسترداد القطع الأثرية من الخارج.. فكم عدد القطع الأثرية التى تم استردادها منذ 2014؟
لقد نجحنا منذ 2014 وحتى الآن فى استرداد عدد كبير من القطع الأثرية بالتعاون مع كل مؤسسات الدولة بداية من إدارة التعاون الدولى فى مكتب النائب العام ووزارة الخارجية عبر سفاراتها المصرية فى الخارج وجميع الجهات الأمنية والرقابية «شرطة السياحة والآثار»، والتى بذلت جميعها جهودا كبيرا فى هذا الملف وهو ما نتج عنه استرداد ما يقرب من 30 ألف قطعة أثرية منذ 2014، وهو رقم كبير وأضاف كثيرا إلى المجموعة المصرية الموجودة بالمتاحف والتى تعرض بالمتحف المصرى بالتحرير والمتحف القومى للحضارة.
شعبان عبد الجواد مع التابوت العائد من الخارج
ــ هل جميع ما يتم استرداده كان مسجلا؟
ليس جميع الآثار التى نجحنا فى استردادها من الخارج كان مسجلا، فهناك نسبة قليلة منها كانت مسجلة ومدونة ضمن قائمة المفقودات، ولكن الغالبية العظمى كان نتيجة الحفائر غير الشرعية فى المواقع الأثرية، وتهريب الآثار بصفة عامة غير المسجلة، ويعد ذلك نجاحا كبيرا للدولة المصرية وللإدارة التى استطاعت أن تسترد قطعا غير مسجلة، وتم تهريبها، و90 % لما تم استرداده لم يكن مسجلا فى الآثار المصرية.
ما هى أكثر القطع التى أخذت سنوات فى التفاوض وتم استردادها بالفعل؟
معظم القطع استغرقت الإدارة وقتا كبيرا فى استردادها، فعمليات استرداد الآثار هى عمليات صعبة ومعقدة وتأخذ وقت طويل جدا، ولكن تابوت «نجم عنخ» الذى تم استرداده من الولايات المتحدة الأمريكية والذى تم تهريبه بأوراق مزورة استمر أكثر من عامين فى المفاوضات والتحقيقات حتى يتم إثبات أحقية مصر به بما لا يدع مجالا للشك بأنه خرج بطريقة غير شرعية، وهناك أيضا على سبيل المثال رأس «رمسيس الثانى» التى تم استردادها من سويسرا خلال شهر يوليو الماضى، فتمت متابعتها منذ فترة طويلة جدا، إذ أنها سرقت منذ أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات وتم عرضها لبيعها فى إحدى دور المزادات العالمية عام 2013، وتم الاستمرار فى الملاحقة من قبل إدارة الآثار المستردة فى كل بلد يتم نقلها إليها إلى أن استمرت فى سويسرا وتم استردادها، ولهذا فإن عمليات استرداد الآثار عمليات معقدة تستغرق وقتا طويلا، ولكن الدولة المصرية نجحت فى إعادة الكثير والكثير من القطع الأثرية.
تابوت نجم عنخ
ــ ما هى أكثر الدول المتعاونة فى أعمال استرداد القطع الأثرية وما هى أكثر الدول تهرب لها الآثار المصرية؟
مصر تربطها علاقات قوية جدا بجميع دول العالم، ولدينا مجموعة كبيرة من الاتفاقيات الثنائية بيننا وبين مجموعة من الدول سواء دول أسواق أو دول ممر، فلقد نجحنا فى استرداد آثار من الدول العربية مثل «لبنان والأردن والإمارات والكويت»، ومن الدول الأوروبية استرددنا من «قبرص وإيطاليا وإسبانيا وسويسرا وفرنسا وألمانيا وهولندا» إلى جانب «الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك»، وغيرها الكثير، ومن المعروف أن سوق الآثار المصرية موجود فى دول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية.
ــ هناك أعمال للتنقيب عن الآثار بطرق غير شرعية وتهريبها خارج مصر.. فكيف يتم التصدى لتلك العمليات ؟
بالطبع جميعنا لديه علم بقيام مجموعة من الناس بأعمال حفر بطريقة غير شرعية وهى ظاهرة ليست فى مصر فقط، بل موجودة فى معظم الدول التراثية مثل «العراق وسوريا واليمن وليبيا واليونان وإيطاليا ودول أمريكا اللاتينية»، وهى الدول التى يتم تهريب الآثار منها، ولكن مصر استطاعت أن تتخذ إجراءات كثيرة فى هذا الأمر، مثل تأمين المواقع الأثرية ووضع منظومة كاميرات عملاقة وجرد الآثار الموجودة فى المخازن والمتاحف بشكل مستمر، وتسجيل القطع الأثرية، وتلك الإجراءات تعمل على حفظ الآثار ومنع تهريبها، إلى جانب وجود ثلاث إدارات فى وزارة السياحة والآثار وهى إدارة «المضبوطات الأثرية» والتى تعمل على كل ما يتداول داخل جمهورية مصر العربية ويتم ضبطه من خلال شرطة السياحة والآثار وإجراء التحقيق من قبل مباحث الآثار، وإدارة «المنافذ الأثرية» والتى أشرف عليها فى الفترة الأخيرة والتى تعمل على مراقبة كل الموانئ والمطارات البرية والبحرية والجوية لمنع عمليات التهريب عبر الحدود المصرية، ثم إدارة «الآثار المستردة» والتى تعمل على استرداد القطع الأثرية التى خرجت بطرق غير شرعية.
إحدى الجداريات العائدة من الخارج
ـ إذا كيف يمكن للمواطن العادى أن يقوم بالإبلاغ عن تلك الأعمال من خلال وزارة السياحة والآثار؟
جميع بيانات وزارة السياحة والآثار موجودة على موقع بوابة الحكومة المصرية الإلكترونية تضمن جميع البيانات وأرقام التليفونات والبريد الإلكترونى، وهو ما يسهل ويتيح للمواطن عدة طرق للقيام بالإبلاغ عن أى عمليات تتم بطريقة غير شرعية مثل الحفائر أو بيع أو تهريب الآثار، والإبلاغ ليس قاصرا على ما يتم داخل مصر فقط، بل ما يتم من بيع للآثار خارج مصر أيضا، وإذا كان المواطن موجودا بالخارج، فمن الممكن أن يتواصل مع السفارات المصرية الموجودة بالخارج، إلى جانب إتاحة التواصل من خلال بوابة الشكاوى للحكومة المصرية ووزارة السياحة والآثار، والتى يتم التعامل معها بكل جدية وحرص.
ــ هل هناك مكافأة لمن يعثر على آثار ويتم ردها أو الإبلاغ عنها بواسطة وزارة السياحة والآثار؟
بالطبع هناك مكافأة لمن يعثر على آثار مصرية، إذ يتم العرض على اللجنة الدائمة سواء للآثار المصرية أو الإسلامية وهى من تحدد قيمة المكافاة بناءً على أهمية القطع الأثرية، ومنذ وقت قصير عندما عثر مواطن من الإسماعيلية على لوحة أثرية وتم تسليمها للمجلس الأعلى للآثار فحصل على مكافأة مالية وشهادة تقدير وتم تنظيم لقاء مع وزير السياحة والآثار لشكره على حسن تعاونه وحرصه على المحافظة على الآثار المصرية.
إحدى القطع التى تم استردادها من الخارج