في إطار الحديث حول إحياء مبادرة تصدير الحبوب في ظل الحرب الروسية الأوكرانية حمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب مسؤولية توقف العمل باتفاقية الحبوب لعدم تنفيذ الجزء الخاص بتصدير الحبوب والأسمدة الروسية للأسواق العالمية، وتعمد أوكرانيا استخدام الممرات الأمنة في الموانئ الأوكرانية لأهداف وأغراض عسكرية، لكن السؤال الذى يطرح نفسه الآن ما هو الجديد بعد محاولات دفع روسيا للعودة إلى الاتفاقية؟
أعتقد أن الجديد هذه المرة في موقف موسكو بشأن إعادة الصفقة، فروسيا هي من تصمم على أن يتم تنفيذ الوعود أولا وتنفيذ شروطها، نعم هذا هو الجديد، لأن عندما تم عقد الاتفاقية وقبل الانسحاب، روسيا هي من بادرت ونفذت الشروط الأممية وشروط الغرب وانتظرت، لكن فور تقييمها للصفقة قررت الانسحاب، ثم تقابل محاولات ووساطات العودة للاتفاقية بالإصرار على تنفيذ الوعود والشروط أولا، ما يعنى قطعا أن روسيا تقف في موقف المنتصر، وأنها أصبحت في مركز قوة خلاف تخوفها في السابق من حشد المجتمع الدولى ضدها وإظهارها في موقف لا إنسانى، لكن هذا الإصرار قطعا يؤكد امتلاكها لأدلة على زيف المجتمع الدولى وتوظيفه لقضية الحبوب لصالح مصالحه ولصالح العالم الغنى فقط.
ودلالة أخرى بشأن إصرار بوتين نؤكد أن اقتصاد بلاده رغم الحرب ما زال صامدا في ظل العقوبات الغربية، وكذلك نجاحه في الوصول إلى أهدافه بالتعامل مع من يُريد التصدير لهم أو إرسال الحبوب لهم رغم التقييد الغربى والأمريكى عليه.
لذلك فإن تمسك روسيا بتنفيذ الشروط أولا يعكس أن لدى بوتين أريحية كبيرة، أما القلق والاضطراب تجده في الإلحاح الأممى والغربى للعودة للاتفاقية ما يعنى أن بدلا من أن روسيا هي من تحتاج إلى مساعدة الآخرين لتصدير حبوبها الأخرون هم من يحتاجون إليها ولى حبوبها.
فشرط روسيا رفع العقوبات الغربية عن الأسمدة والمنتجات الغذائية الروسية.. وتشديدها بعدم استغلال الممرات والموانئ فى البحر الأسود لأغراض عسكرية.. ومطالبتها بتحقيق العدالة فى التوزيع وخاصة أنه يتم وضع الدول الأفريقية والفقيرة على رأس قائمة التوزيع، واشتراطها عدم ضرب أنابيب وخطوط الغاز والنفط يؤكد أنه بالفعل روسيا تمتلك البديل، وهو ما أعلن عنه بوتين بتصدير حبوبه إلى العالم الفقير بالمجان واتخاذ مسارات بديلة وحدد بالفعل 6 دول أفريقية .. والأهم أنه وعد العالم أنه قادر على سد متطلباته من الغذاء، لذا، فإن رسالة بوتين وصلت الآن بعد لقائه رئيس تركيا، والكرة الآن باتت فى ملعب الأمم المتحدة والولايات المتحدة والغرب..