تتعامل مصر بشكل واضح، فيما يتعلق بالتعاون والشراكة مع كل الأطراف الإقليمية والقارية، وتؤكد دائما أن التعاون هو الطريق للعمل من أجل مصالح الأطراف، وأن التصرفات الأحادية لا يمكن أن تكون سبيلا لبناء ثقة أو التعامل فى القضايا المختلفة للتنمية، وهذا الموقف لم يتغير على مدى سنوات، ومن هنا يأتى الموقف المصرى الداعم للصومال الشقيق، فيما يتعلق بدعمه فى مواجهة التدخلات الخارجية والاتفاقات غير المشروعة التى تتم بعيدا عن الدولة الصومالية أو مصالح شعب الصومال، وأكدت خطورة السياسات والتحركات الأحادية على استقرار الإقليم وزيادة حدة التوتر فى العلاقات بين دوله، حيث باتت إثيوبيا مصدرا لبث الاضطراب فى محيطها الإقليمى.
إثيوبيا تعتقد أنها يمكن أن تستغل الأحداث الجارية فى الإقليم، لتنفذ سياسات أحادية وتعقد اتفاقات غير قانونية مع أطراف لا تمثل الصومال، وهى سابقة فى علاقات الدول، التى لا يفترض أن تتعامل بالالتفاف وتصادم مصالح دولة ذات سيادة، اعتقادا أنها يمكن أن تمرر مصالحها بالاعتداء على مصالح شعب آخر، وهو ما تؤكد مصر رفضه، وتدعم الصومال فى مواجهة هذه التصرفات التى تضر بالاستقرار والسلم الإقليمى.
من هنا يأتى استقبال الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس، للرئيس «حسن شيخ محمود» رئيس جمهورية الصومال، وناقش الرئيسان تعزيز العلاقات فى المجالات المختلفة سياسيا واقتصاديا وعسكريا وأمنيا، حيث عقدا مباحثات بشأن سبل تعزيز العلاقات الثنائية والأوضاع الإقليمية.
أكد الرئيس السيسى، فى المؤتمر الصحفى المشترك، أنه فيما يتعلق بالاتفاق بين أرض الصومال «صومالى لاند» وإثيوبيا، فإن موقف مصر سجله بيان وزارة الخارجية المصرية برفض هذا الاتفاق، ورفض التدخل فى شؤون الصومال أو المساس بوحدة أراضيه، وإن مصر ترى أن الاستفادة من الموانئ أمر لا يرفضه أحد، ولكن الرفض يمتد إلى محاولة القفز على أراضى الغير، لمحاولة السيطرة عليها، وهو أمر مرفوض بحكم الواقع والقانون الدولى، وأن التعاون والتنمية بين الدول أفضل بكثير من التصرفات الأحادية، ودعا الرئيس إثيوبيا لكى تحصل على تسهيلات من الأشقاء فى الصومال وجيبوتى وإريتريا، وأن تتخذ المسارات بالمسائل التقليدية المتعارف عليها.
الصومال دولة عربية وعضو فى جامعة الدول العربية، وأكد الرئيس أن للصومال حقوقا طبقا لميثاق الجامعة العربية فى الدفاع المشترك لأى تهديد تتعرض له، مؤكدا أن مصر لن تسمح لأحد بتهديد الصومال أو المساس بأمنه، مضيفا: «ما حدش يجرب مصر ويحاول يهدد أشقاءها خاصة لو أشقاءها طلبوا منها التدخل»، وللرئيس الصومالى قال: «اطمئن وبفضل الله نحن معكم ونقول للدنيا كلها نتعاون ونتحاور بعيدا عن أى تهديد أو المساس بالأمن والاستقرار».
والواقع أن الصومال منذ بداية التسعينيات من القرن العشرين، واجه أزمات وتداخلات، وعانى من التدخلات الخارجية، ومحاولات أطراف إقليمية تغذية الصراع الداخلى، ما أضاع على الصومال فرصة التنمية والاستفادة من ثرواته، ومؤخرا نجح الصومال بقيادة الرئيس أحمد شيخ محمد فى السيطرة على أرض الصومال ومكافحة الإرهاب الذى كان له تأثير كبير فى عدم الاستقرار لمدة من عشرين لثلاثين سنة، كما نجح فى شطب الديون التى كانت تثقل كاهله، وتم رفع الحظر المفروض على الصومال منذ العام 1991 على توريد المعدات والأسلحة.
وهى نجاحات وجه الرئيس السيسى التهنئة للرئيس شيخ محمود بشأنها، حيث تمثل خطوات لبناء تنمية، وباعتبار الصومال دولة عربية وأفريقية فإن مصر مستعدة بإرادة قوية للعمل معه، خاصة أن عدد سكان الصومال 25 مليون نسمة.
من جانبه، أكد الرئيس الصومالى حسن شيخ محمود، أن بلاده تعتبر مصر حليفا تاريخيا وشريكا استراتيجيا، معربا عن تطلع الصومال للمزيد من التعاون مع القاهرة خلال الفترة المقبلة، مؤكدا أن هذا التعاون قائم على الاحترام المتبادل لكلا الدولتين، مشيرا إلى أن الشراكة بين الصومال ومصر ستكون فى جميع المجالات ولا تهدد أى بلد آخر.
وأشار شيخ محمود، خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع الرئيس السيسى، إلى تأكيده للشركاء الدوليين والإقليميين على ضرورة التزام إثيوبيا بالقانون الدولى واحترام سيادة الأراضى الصومالية، ورفض الاتفاق الذى تم توقيعه ومحاولة تقويض سيادة الصومال على أراضيه باعتبار البحر الأحمر جزءا من التجارة العالمية، خاصة لدول الجوار التى تطل على البحر الأحمر، وأن الصومال لديه إمكانيات وفرص كبيرة ولن نسمح لأى دولة بالاستيلاء على أراضينا بما فى ذلك إثيوبيا أو أى بلد آخر.
الشاهد أن مصر مع التعاون، وضد التصرفات الأحادية الخارجة على القانون الدولى، وأن التنمية حق للجميع، بشرط أن تتم فى النور وبلا التفاف.