أفرد قطاع المعاهد الأزهرية، مساحة كبيرة فى مادة الثقافة الإسلامية والتى تدرس لطلاب الصف الأول الثانوى، عن الإلحاد وأنواعه وكيفية تحصين أبنائنا منه، وأوضح القطاع فى كتابه الأدلة التى تثبت وجود الله ووحدانيته، وترد على كل شبهات الملحدين واحدة واحدة، ومن الأدلة المهمة التى تبطل الإلحاد وتقضى عليه : ما أثبتته الأبحاث العلمية اليقينية أن الكون له بداية، وبعض الأبحاث قدر له عمرا محددا، تقريبا خمسة بلايين سنة، وإذا كان للكون بداية فلا بد أن يكون له موجد ؛ لأن الكون كان عدما، أي: لم يكن هناك شيء، فلا يمكن أن يوجد نفسه وهو معدوم؛ لأن العدم لا يأتى بالوجود، فلابد من قوة موجدة لهذا الكون تختلف عنه، وهو الله سبحانه وتعالى.
الملحدون الذين يريدون تطبيق قوانين المخلوقات على خالق المخلوقات، ويشككون الناس بسؤال من خلق الله؟ يقعون فى هذا الخطأ الكبير؛ إذ إنهم يشبهون اللعبة التى تمشى بالزنبرك، وتظن أن صانعها - ولا شك - يمشى بالبطارية، فلا نستطيع - نحن البشر المتغيرين الزائلين - أن نطبق القوانين ذاتها التى تنطبق علينا على الله؛ لأن الله لا تحكمه هذه القوانين، فهو الذى خلقها، والقوانين التى تنطبق علينا لا تنطبق عليه، كما أن قوانين الألعاب لا تنطبق على صانعها، وهذا معنى قوله تعالى: ﴿قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد﴾ فمن غير الله يستطيع أن يدعى أنه لم يولد ولم يكن له بداية؟
ومن الأدلة أيضا ما يسمى دليل الفطرة، فكما أن الإنسان يجد فى نفسه حب الصدق والميل إليه، وكراهية الكذب والبعد عنه، كذلك نجد أن الإنسان فطر على الإيمان، فكل واحد منا يشعر فى نفسه وفى داخله أن لهذا الكون مدبرا، وأن هناك قوة عليا فوق هذا العالم الذى نعيش فيه، حتى إنه إذا مسه الضر دعا ربه منيبا إليه، فإذا مرض دعا الله أن يشفيه، وإذا فقد الماء دعا الله أن يرزقه المطر.
ومن الأدلة المهمة أيضا: أن أكثر كلمة يرددها أو يدعيها الملحد هى كلمة (عقل) كنوع من التأثير والخداع النفسى الذى يحاول به خداع نفسه وخداع الآخرين، فما هو العقل ؟ وهل نرى هذا العقل ؟ نحن نرى خلايا المخ ولا نرى العقل، وكيف أوجدت الطبيعة التى ليس لها عقل كل العقول المبدعة والمفكرة التى تناقش وتحلل؟
كيف نقى أنفسنا وأولادنا من الإلحاد؟
التغلب على الظنون والشبهات والشكوك لا يكون إلا بالعلم، فمتى كان الإنسان عنده يقين، لم يتأثر بالشكوك والشبهات، فالتغلب على الشكوك يكون بالمعرفة الحقة المبنية على قواعد يقينية راسخة، وهذا يدفعنا إلى القول بضرورة الانتقال من الإيمان الوجدانى أو التقليدى إلى الإيمان العقلى، وهو أن يحرس الإنسان عقائده بأدلتها اليقينية الواضحة؛ حتى لا يكون فريسة للشبهات والشكوك.
أيضا الإجابة عن التساؤلات والشبهات، وعدم كبت الأسئلة، بل وفتح مجالات الحوار داخل الأسرة والمؤسسات التعليمية وغيرها، والقرآن المجيد علمنا أن كثيرا من الأسئلة تزيد القناعة واليقين، كما سأل إبراهيم الخليل السلام ربه فقال : رب أرنى كيف تحى الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبى ﴾ [البقرة: ٢٦٠]، وكما سأل موسى الكليم السلام ربه أن ينظر إليه رب أرنى أنظر إليك ﴾ [الأعراف:١٤٣].
ولكن كيف لبشر أن يطيق رؤية الله فى قانون الدنيا؟
ومن هنا لابد من تقريب هذه الحقيقة لموسى الا ليقتنع ويطمئن قلبه : ﴿قال لن ترينى ولكن انظرإلى الجبل فإن استقر مكانه، فسوف ترينى ﴾ [الأعراف: ١٤٣]، فلا مجال لكبت الأسئلة، وإنما تعليم الناس أن يسألوا فيما ينفعهم، لا أن يسألوا أسئلة يراد بها الجدل فقط وعدم الوصول للحقيقة، وقد ذكر أنه ليس من العيب أن نختلف، لكن لابد من سماع الآخرين، فأفضل وسيلة للوصول إلى الحق هى الحوار مع الآخرين، فأسلوب الحوار من أفضل أساليب التعليم، وأنجح وسائل التربية؛ فبه تصل المعلومات فيقتنع بها العقل، ويطمئن إليها القلب، وتستقر فى الذاكرة إلى ما شاء الله أن تستقر.
ومع العلم والحوار - وربما قبلهما - أفضل وقاية هى الإيمان وتعليم النشء والطلاب عقائدهم، وتعويدهم القرب من الله والأنس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة